بعد قرار مالي والنيجر وبوركينافاسو سحب سفرائهم.. من يقف وراء التصعيد ضد الجزائر؟
في تصعيد “خطير” يهدّد علاقات التعاون المشتركة مع بلدان منطقة الساحل والصحراء، أعلنت دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، سحب سفرائها جماعيًا من الجزائر، مع استدعاء مالي للسفير الجزائري لديها، احتجاجا على إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة “مسلحة” يستخدمها الجيش المالي، كانت قد اخترقت الحدود الجزائرية على مسافة كيلومترين، وهو ما اعتبر لدى قيادات هذه الدول […] The post بعد قرار مالي والنيجر وبوركينافاسو سحب سفرائهم.. من يقف وراء التصعيد ضد الجزائر؟ appeared first on الجزائر الجديدة.

في تصعيد “خطير” يهدّد علاقات التعاون المشتركة مع بلدان منطقة الساحل والصحراء، أعلنت دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، سحب سفرائها جماعيًا من الجزائر، مع استدعاء مالي للسفير الجزائري لديها، احتجاجا على إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة “مسلحة” يستخدمها الجيش المالي، كانت قد اخترقت الحدود الجزائرية على مسافة كيلومترين، وهو ما اعتبر لدى قيادات هذه الدول المحكومة بأنظمة عسكرية انقلابية، “عملا عدائيا”.
وذكر بيان قيادات الدول الثلاث المتكتلة في مجلس رؤساء دول كونفدرالية دول الساحل (AES) ، أنه تقرر استدعاء سفراء الدول الأعضاء المعتمدين في الجزائر للتشاور، وذلك “على خلفية إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة والأمن في جمهورية مالي، تحمل رقم التسجيل TZ-98D، نتيجة لعمل وصفته بـ”عدائي” في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025 بمنطقة تين زواتين الحدودية”.
ويثير هذا البيان علامات استفهام كثيرة، خاصة أن الطائرة اخترقت المجال الجوي الجزائري على مسافة 2 كيلومتر داخل منطقة تين زواتين الحدودية مع مالي، دون سابق إنذار. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، أنّ وحدة تابعة للدفاع الجوي عن الإقليم بالناحية العسكرية السادسة (تمنغست)، تمكنت ليلة أول أبريل 2025، من رصد وإسقاط طائرة استطلاع بدون طيار “مسلحة” بالقرب من مدينة تين زاوتين الحدودية، وذلك بعد اختراقها المجال الجوي الجزائري لمسافة 02 كيلومتر”، مضيفًا أن “هذه العملية النوعية، تأتي لتؤكد مرة أخرى، اليقظة العالية والاستعداد الدائم لوحدات الجيش الوطني الشعبي في حماية حدودنا البرية والجوية والبحرية من أي تهديد يمس بالسيادة الوطنية”.
ووفق ما أظهرته الصور المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الطائرة من طراز أكينجي Akinci، التي تصنّعها شركة بيكارBaykar التركية. وكانت مالي قد اشترت ما لا يقل عن طائرتين من هذا الطراز العام الماضي، واستخدمتهما في عمليات عسكرية ضد انفصاليين مسلحين. وهذه المرة الثانية التي يعلن فيها الجيش الجزائري، عن عملية ضد طائرة اخترقت المجال الجوي في تلك المنطقة، إذ سبق له السنة الماضية أن كشف فقط عن عملية إبعاد طائرة دخلت الأجواء الجزائرية.
ويطرح العديد من المتتبعين علامات استفهام كبيرة حول تورط أطراف اقليمية في الدفع بالمنطقة نحو التعفين ومحاولة جر دول في السالحل الصحراوي إلى الصدام مع الجزائر.
نفى للوهلة الأولى إسقاط الطائرة..
وكان الجيش المالي قد نفى للوهلة الأولى إسقاط الجيش الجزائري للطائرة بدون طيار على مستوى المنطقة الحدودية للجزائر، محاولاً إخفاء معالم الفشل للمسيرة التي تعتبر ضمن الأكثر تطورًا في عالم الدرونات الحربية، وتحدث عن وجود عطب تقني أدى إلى سقوط الطائرة وارتطامها بالأرض، لكن سرعان ما تراجع في ادعاءاته، وأكد ما أورده بيان وزارة الدفاع الجزائرية، مع إضفاء طبعًا مزاعم ملفقة “خدمةً لأجندات بلدان أخرى في المنطقة، على حد القول بأن المجال الكونفدرالي مسرح موحد للعمليات العسكرية، وبالتالي فإن إسقاط الطائرة المسيّرة يُعد عدوانًا يستهدف كافة الدول الأعضاء في الكونفدرالية، ومحاولة لزعزعة استقرار المنطقة”.
وتشهد العلاقات الجزائرية المالية حالة توتر بسبب خيارات القيادة العسكرية في باماكو عقب الانقلاب في اعتماد الحل العسكري في حل معضلة الأزواد، وهو إقليم مكون من عرب وطوارق شمال مالي ظل يطالب بتكريس خصوصياته الثقافية والعرقية منذ عدة عقود.
وفي جانفي الماضي، أعلن المجلس العسكري في مالي، إنهاء العمل بشكل فوري باتفاق الجزائر للسلام الذي يعود لسنة 2015، متهما الجزائر بالقيام بما وصفه بـ”أعمال عدائية” ضده من بينها دعم فصائل معارضة له. وردت الجزائر في ذلك الحين، باستدعاء سفير مالي لديها، ماهامان أمادو مايغا، وإبلاغه عن طريق وزير الخارجية شخصيا أحمد عطاف، بأن كافة المساهمات التاريخية للجزائر كانت تصب في صالح تعزيز السلم والأمن والاستقرار، وفق مبدأ وحدة الأراضي المالية.
كما شهدت العلاقات مع النيجر بعض التوتر في أعقاب الانقلاب على الرئيس محمد بازوم العام الماضي، ومحاولات الجزائر الحثيثة لدفع القيادة الجديدة نحو مصالحة وطنية تجنبها التدخل العسكري الأجنبي. لكن العلاقات مؤخرا عرفت تحسنا كبيرا، بعد اعتماد الجزائر عدة مشاريع استراتيجية في قطاع الطاقة لصالح نيامي.
هزيمة كبيرة تعرضت لها القوات المالية
وفي أكتوبر الماضي، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير لها أن القوات المالية وحلفاؤها من مجموعة “فاغنر” الروسية تراجعوا عن محاولتهم لاستعادة بلدة تين زواتين القريبة من الحدود الجزائرية. وقد كان مقررا، حسب المصدر ذاته أن تتم هذه العملية في أوائل ذلك الشهر، ردا هزيمة كبيرة تعرضت لها القوات المالية و”فاغنر” في جويلية الماضي أمام المتمردين في إقليم أزواد.
وكان هذا التراجع المفاجئ نتيجة عدة عوامل، من بينها الخسائر الفادحة التي تكبدتها القوات في يوليو، حيث قُتل 47 جنديًا ماليًا و84 من مقاتلي “فاغنر”، إضافة إلى مشاكل لوجستية وأحوال جوية سيئة. لكن الأهم، كان بروز بُعد دبلوماسي، تمثّل في دور رئيسي هام للجزائر في إجهاض العملية.
ونقلت “لوموند” عن مصادرها أن السفارة الجزائرية في موسكو قدمت لوزارة الخارجية الروسية ملفًا مفصلاً يتضمن صورًا ومعلومات استخباراتية حول التحركات العسكرية، محذرة من مخاطر تكرار الفشل العسكري الذي وقع في جويلية. وبفضل هذه التحذيرات، تمكنت الجزائر من إقناع روسيا بالانسحاب من العملية، ما أدى إلى تقليص التوترات قرب الحدود الجزائرية، خاصة أن الجزائر كانت دائمًا حريصة على إبقاء القوات الأجنبية بعيدة عن مجالها الحيوي، سواء كانت قوات فرنسية في الماضي أو قوات “فاغنر” حاليًا.
عبدو.ح
The post بعد قرار مالي والنيجر وبوركينافاسو سحب سفرائهم.. من يقف وراء التصعيد ضد الجزائر؟ appeared first on الجزائر الجديدة.