ترامب يعيد رسم موقع الجزائر في الإدراك الإستراتيجي الأمريكي

أكد الخبير الجيوسياسي الدكتور أحمد ميزاب في تصريح خص به يومية “الوسط ” بأنه لا يمكن التعامل مع رسالة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كمجرد خطاب مجاملة بمناسبة وطنية كالذكرى 63 لعيد الاستقلال،بحيث إن بنيتها السياسية، وترتيب أولوياتها، ومضمونها الصريح، تكشف عن لحظة مراجعة إستراتيجية في علاقة واشنطن …

يوليو 10, 2025 - 00:32
 0
ترامب يعيد رسم موقع الجزائر في الإدراك الإستراتيجي الأمريكي

أكد الخبير الجيوسياسي الدكتور أحمد ميزاب في تصريح خص به يومية “الوسط ” بأنه لا يمكن التعامل مع رسالة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كمجرد خطاب مجاملة بمناسبة وطنية كالذكرى 63 لعيد الاستقلال،بحيث إن بنيتها السياسية، وترتيب أولوياتها، ومضمونها الصريح، تكشف عن لحظة مراجعة إستراتيجية في علاقة واشنطن بالجزائر.

اعتراف أمريكي بصناعة الجزائر للاستقرار الإقليمي

وفي ذات السياق أشار ذات المتحدث،إلى أن كل فقرة من رسالة ترامب تنطوي على إعادة تموقع أمريكي حيال الفاعل الجزائري، سواء من حيث الاعتراف بصناعة الاستقرار التي تؤديها الجزائر إقليميًا، أو من حيث إدماجها ضمن معادلة الأمن الجماعي بمنطقة الساحل والصحراء، مبرزا ميزاب إلى أن هذه الرسالة في مجموعها، تُعيد ترتيب العلاقة الجزائرية الأمريكية على ثلاثة أسس واضحة والمتمثلة في احترام السيادة و استقلالية القرار، وتقاطع المصالح الأمنية في فضاء الساحل والصحراء،وتوسيع العلاقة نحو اقتصاد مصلحي غير مرتهن للمؤسسات الدولية الوسيطة.

دونالد ترامب يمنح الجزائر موقعًا تفاوضيًا أعلى
وأوضح الخبير الأمني ميزاب ، بأننا نحن لا نقرأ رسالة بروتوكولية، بل وثيقة سياسية تعيد رسم موقع الجزائر في الإدراك الاستراتيجي الأمريكي، وذلك بعد فشل النفوذ الأوروبي في إفريقيا، وانكشاف حدود القوة الأمريكية في التدخل المباشر، كما أن رسالة الرئيس الأمريكي ترامب، في جوهرها، تمنح الجزائر موقعًا تفاوضيًا أعلى ،والرهان الآن على قدرة الدولة الجزائرية على تحويل هذا الاعتراف السياسي إلى شبكة مصالح ملموسة، دون الوقوع في فخ الاصطفاف، ودون التفريط في محددات السيادة التي تشكل أساس هذه الشراكة الجديدة.
وضع الدولة الجزائرية على نفس المسار السيادي الأمريكي
وقال الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية ، إلى أن رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون فيها ربط غير معتاد بين الذكرى الوطنية الأمريكية والذكرى الجزائرية ،فهذا الربط التاريخي لم يُدرج لتجميل النص، بل لوضع الدولة الجزائرية على نفس المسار السيادي الذي أسّس للدولة الأمريكية، وعلى هذا الأساس فنحن أمام خطاب يقر بفهم عميق لتمسك الجزائر بمبدأ السيادة و الاستقلال الذي يصنع مواقفها و شراكاتها، ويضعها ضمن فضاء رمزي يُستخدم عادة لتحديد الحلفاء الاستراتيجيين لا الشركاء العابرين.

انتقال العلاقة إلى منطق تقاطع المصالح السيادية
وأفاد ميزاب،بأن الإشارة إلى “تحقيق إنجازات لصالح الاستقرار الإقليمي” وتأمين الحدود لفائدة أمننا المشترك” تعبّر عن نقلة نوعية في التصور الأمريكي للوظيفة الجيوسياسية للجزائر، مؤكدا بأن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد “ترامب” لم تعد تنظر إلى الجزائر كفاعل مرتبط فقط بجغرافيته، بل كعنصر توازن داخل نظام أمني إقليمي هش، كما أن توظيف عبارة “أمننا المشترك” ليس اختيارًا لغويًا، بل تعبير عن انتقال العلاقة إلى منطق تقاطع المصالح السيادية، بما يشمل قضايا الحدود، تدفقات السلاح، شبكات التهريب، والتحديات العابرة للدولة.

الجزائر شريك قادر على فتح مجال التعاون الاقتصادي الثنائي

واعتبر الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية ، ميزاب أحمد ، بأن الإحالة إلى “العلاقات الاقتصادية والمبادلات الثقافية” لا تأتي في موقعها كفقرة ختامية بلا وظيفة، والتي توظف هنا لتوسيع أفق الشراكة خارج القناة الأمنية وبالتالي فإدارة ترامب، منذ عودته إلى السلطة، تُعيد بناء علاقاتها الاقتصادية على أساس المكاسب المباشرة، وتُفضل التعامل مع دول تمتلك القرار الاقتصادي السيادي، والقدرة على توفير بيئة استثمارية غير مرتهنة لضغوط فوق وطنية والجزائر، في هذا السياق، تُعرض هنا كشريك قادر على فتح مجال تعاون اقتصادي ثنائي خارج منطق التبعية المالية.

حكيم مالك