تقدير موقف.. الحرب الإسرائيلية-الإيرانية وأسواق الطاقة
حسين أحمد السرحان الهجمات لم تستهدف البنية التحتية النفطية بشكل مباشر، إلا أن المستثمرين لا يزالون حذرين من الرد المحتمل، لا سيما بالنظر الى سيطرة إيران الاستراتيجية بالقرب من مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لشحنات النفط العالمية. وبالرغم من ذلك، لا يمكن لإيران أن توقف الملاحة النفطية العالمية في مضيق هرمز خشية… ستظل التوترات الجيوسياسية …

حسين أحمد السرحان
الهجمات لم تستهدف البنية التحتية النفطية بشكل مباشر، إلا أن المستثمرين لا يزالون حذرين من الرد المحتمل، لا سيما بالنظر الى سيطرة إيران الاستراتيجية بالقرب من مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لشحنات النفط العالمية. وبالرغم من ذلك، لا يمكن لإيران أن توقف الملاحة النفطية العالمية في مضيق هرمز خشية…
ستظل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والحرب الإسرائيلية الإيرانية محور الاهتمام خلال المرحلة المقبلة في أعقاب الضربة الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية والرد الصاروخي الإيراني على تل أبيب، مما يزيد المخاوف من صراع إقليمي أوسع، وأسواق الطاقة العالمية، واهمها النفط، ستكون أول المتأثرين جراء تلك التطورات الأمنية في المنطقة.
ووفق المعطيات والأهداف المعلنة والضمنية تؤكد أن تلك الحرب بدأت ولا يعلم متى تنتهي، ولاسيما وان نوعية الاستهداف الإسرائيلي ضد إيران استهدف المجتمع العسكري والمجتمع النووي الإيراني، في دلالة واضحة على أن الهدف هو إجبار النظام الحاكم في إيران على التخلي عن البرنامج النووي الأمر الذي ترفضه إيران.
وقد تراجعت الأسواق العالمية بعد رد إيران على الهجمات الإسرائيلية على منشآتها النووية والصاروخية، مما أثار مخاوف من اتساع نطاق الصراع ودفع الطلب على أصول الملاذ الآمن كالذهب ولذلك ارتفعت أسعاره. كما ظل المستثمرون حذرين قبل ورود تحديثات حول هدنة محتملة بين الولايات المتحدة والصين بشأن الرسوم الجمركية.
ولازالت المؤشرات الاقتصادية العالمية الخاصة بأسواق الطاقة على وجه التحديد، يمكن أن تزيل تخوف واشنطن في الدخول في الحرب وتحقيق هدفها من المفاوضات النووية مع إيران بالقوة وليس عبر التفاوض.
ارتفع النفط الخام غرب تكساس الوسيط بنسبة (5.60%)، والنفط الخام برنت بنسبة (5.55%)، قفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 7.2%، متخلية عن بعض مكاسبها بعد أن سجلت أعلى مستوى لها منذ شباط وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي الأوروبي بنسبة 5% تقريبًا لتتجاوز 38 يورو/ميغاواط ساعة يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى لها منذ أوائل نيسان الماضي، متتبعةً ارتفاعًا أوسع نطاقًا في أسواق الطاقة وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية، تساهم عوامل أخرى في الضغط الصعودي على أسعار الغاز.
بلغ إنتاج إيران من النفط الخام في أفريل 3.305 مليون برميل يوميًا، مما يؤكد الدور الحيوي للمنطقة في إمدادات الطاقة العالمية. ومما زاد من الشعور الإيجابي، أظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية انخفاضًا أكبر من المتوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية الأسبوع الماضي، مما يشير الى قوة الطلب. وعلى الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، طمأنت وكالة الطاقة الدولية الأسواق بأنها تحتفظ باحتياطيات طوارئ تبلغ 1.2 مليار برميل وأنها مستعدة للتدخل إذا لزم الأمر.
ورغم أن الهجمات لم تستهدف البنية التحتية النفطية بشكل مباشر، إلا أن المستثمرين لا يزالون حذرين من الرد المحتمل، لا سيما بالنظر الى سيطرة إيران الاستراتيجية بالقرب من مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لشحنات النفط العالمية. وبالرغم من ذلك، لا يمكن لإيران أن توقف الملاحة النفطية العالمية في مضيق هرمز خشية أمور أساسية:
الأول، هذا الإجراء سيدفع الى ارتفاع أكبر في أسعار النفط وبالتالي سيدفع الكثير من دول العالم الى مساندة إسرائيل.
والثاني، خشية من دخول الولايات المتحدة على خط الحرب، وتدرك إيران أن الولايات المتحدة لديها أسلحة قادرة على تدمير البنية التحتية النووية في إيران والتي لا تملكها إسرائيل ولذلك لم تستطع الأخيرة تدمير كامل في تلك البنية.
والثالث، أن إيقاف الملاحة الطاقوية في الخليج العربي سيلحق الضرر في مصالح الدول في المنطقة وفي مقدمتها الدول الخليجية والعراق وبالتالي تفقد إيران مساندة جيرانها، فضلا عن إمكانية توسع الحرب لتكون حرب إقليمية وهو ما لا يرغب به متخذ القرار في إيران.