حوادث قسنطينة 1

عبد العزيز بن السايب/ اندلعت حوادث دامية في مدينتنا الحبيبة «قسنطينة» في صيف سنة 1934..وبالضبط في صدر شهر أوت..بين المسلمين القسنطينيين واليــهود المقيمين في المدينة..وكانت الشرارة تطاول أحد اليــهود وهو «إِلْيَاهُو خلِيفِي» على أهل مسجد سيدي لخضر..في منطقة تسمَّى «رَحْبَة الصُّوف»..وتطور الأمر من مجرد السِّباب إلى سفك الدماء.. ومسجد سيدي لخضر..هو الجامع الأخضر أحدُ المساجد …

أبريل 17, 2025 - 08:48
 0
حوادث قسنطينة 1

عبد العزيز بن السايب/

اندلعت حوادث دامية في مدينتنا الحبيبة «قسنطينة» في صيف سنة 1934..وبالضبط في صدر شهر أوت..بين المسلمين القسنطينيين واليــهود المقيمين في المدينة..وكانت الشرارة تطاول أحد اليــهود وهو «إِلْيَاهُو خلِيفِي» على أهل مسجد سيدي لخضر..في منطقة تسمَّى «رَحْبَة الصُّوف»..وتطور الأمر من مجرد السِّباب إلى سفك الدماء..
ومسجد سيدي لخضر..هو الجامع الأخضر أحدُ المساجد الجوامع الثلاثة المتبقية بقسنطينة بعد الاحتلال الفرنسي.
مُؤسسه هو حُسين باي «بو حنك»..الذي حكم البلاد 18 عاما، بين 1736 – 1754ميلادية..وكان لهذا الباي ولع بالعمارة، فأنشأ المنازل والبنايات الضخمة، فنَظَّمَ المدينةَ وخَطَّطَ شوارعَها..وحافظ على توطيد الأمن طيلة مدة حكمه.
ومع البناء والإنشاء كانت له عناية فائقة بالعلم..منها الأمر بتأسيس مدرسة عليا للحقوق بأحد المساجد..ومنها بناؤه للجامع الأخضر للتعليم..فقد نُقِشَ فوق مدخل بيت الصلاة: «أَمَرَ بتأسيس هذا المسجد العظيم، وتشييد بنائه للصلاة، والتسبيح، والتعليم؛ ذو القدر العلي والتدبير الكامل وحسن الرأي، أميرنا وسيدنا حسين باي أدام الله أيامه».
وانتهي من بنائه في نهاية شعبان 1156هـ الموافق لشهر أكتوبر 1743م..ودُفِنَ في التربة المجاورة للجامع المؤسس حسين باي بو حنك، ثم بجواره ابنه، وحفيده حَسُّونَة إلى جنبهما. وبعض العلماء رحمهم الله أجمعين..
وبَنَى بعده صالح باي مدرسةً بجوار الجمع عام 1789م..
أما الحوادث الدامية فيرويها لنا أحدُ شهود العيان ومُدرسي هذا الجامع..وهو الشيخ الرئيس عبد الحميد بن باديس..وإليك ملخص ما ذكرَ الشيخُ رحمة الله تعالى عليه..
كان ابتداء الاعتداء 3 أوت ليلة السبت..حيث كان 12 شخصا في مِيْضَأة الجامع الأخضر بعد صلاة العشاء..فأطل عليهم اليهــودي «إِلْيَاهُو خلِيفِي» من نافذة الميضأة مُتَّهِمًا لهم بكشف العورة عند الوضوء..مع السَّبِّ بعبارة: «نَعْل دِينكم، وصلاتكم، وجامعكم، والكُبَرَا انْتَاعْكُمْ»..
وعبارة «نَعْل» لهجة عامية تحريف لـ»لعنة»، وكذلك كلمة «انْتَاعْكُم» لهجة عامية هي ضمير الجمع «كم» أو مع حرف الجر «لكم»..
فرَدَّ عليه بعضُ الحضور: «نحن لا نكشف عورتنا عند الوضوء، وديننا نهانا عن كشف العورة دائما، ولا نلوموك لأنك سكران»..
فأجابهم: «لا..راني بعقلي وراني عسكري، نَعْـ.. النَّبِيّ انْتَاعْكُمْ» .
تضايق الناس من هذا السفيه..وقرروا تقديم شكوى في قسم الشرطة الفرنسية برحبة الصوف..وبالفعل جاء شرطيان جزائريان يعملان في قسم الشرطة «الزواوي» و«ابن عريوة»..وطلبا من اليهــودي القدوم إلى قسم الشرطة للتحقيق في الحادثة، ولا خوف عليه..فأبى أن يجيبهم بكلمة..وفي الأثناء مَرَّتْ فرقةُ الجند المتجولة فأعلمها الشرطيان بالواقعة، وطلبا منها إخراج الجاني، فأبى الامتثال أيضا..ففرَّقَ الشرطيان الجموعَ بدعوى أنهم سيقومون بشغلهم..
لكن بعد ذهاب الشرطة وقف مرَّةً أُخرى اليهــوديُّ وزوجته في نافذة بيتهما وأخذا في السَّبِّ مثل السَّبِّ الأوَّل..فأرسل السكانُ قَيِّمَ الجامع إلى المفتي، ليقوم بكَفِّ هذا السفيه بواسطة الحكومة..وانتظر الناس المفتي على أحر من الجمر وهم يسمعون ذلك السَّبَّ القبيحَ..
لَمَّا رجع الشرطيان وجدا الناس متجمهرين فسألاهم عن ذلك؟؟ فأخبروهم إنه اليهــودي عاد إلى سَبِّنا كما تسمعان، وكان هو وزوجته ما زالا في النافذة على حالهما..بل شاركهما في السَّبِّ يهــودٌ أخر، ولَمَّا سمع الشرطيان بعض الناس يقول نهجم على داره ذهبا يحرسان باب اليهــودي..
وطفق اليهــودُ المجاورون برمي بعض أدوات البيت كـ «الكَوَانِين» ـ المواقد ـ، و«البْيَادِين» ـ السُّطُول ـ على الناس..فرَدَّ عليهم المسلمون برمي الحجارة..فشرع اليهــود بإطلاق النار عليهم، والرمي بالرَّصاص الحيِّ..
يتبع..