رسائل “مشفرة ومرئية”.. الجيش يحذّر من ساحة صراع جديدة

أطلقت مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، في رسالة تحذيرية قوية حملتها وزارة الدفاع الوطني، صفارة إنذار بشأن ما وصفته بـ”ساحة صراع جديدة”، تجاوزت ميادين القتال التقليدية لتتخذ من التطور التكنولوجي وتكنولوجيا الإعلام والاتصال مسرحًا جديدًا للعمليات الحربية. وجاء هذا التحذير عبر فيديو مصور تضمّن رسائل “مشفّرة ومرئية” تُجسّد التحول العميق في أنماط التهديدات الأمنية المعاصرة. وشدّدت وزارة الدفاع […] The post رسائل “مشفرة ومرئية”.. الجيش يحذّر من ساحة صراع جديدة appeared first on الجزائر الجديدة.

مايو 19, 2025 - 12:54
 0
رسائل “مشفرة ومرئية”.. الجيش يحذّر من ساحة صراع جديدة

أطلقت مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، في رسالة تحذيرية قوية حملتها وزارة الدفاع الوطني، صفارة إنذار بشأن ما وصفته بـ”ساحة صراع جديدة”، تجاوزت ميادين القتال التقليدية لتتخذ من التطور التكنولوجي وتكنولوجيا الإعلام والاتصال مسرحًا جديدًا للعمليات الحربية. وجاء هذا التحذير عبر فيديو مصور تضمّن رسائل “مشفّرة ومرئية” تُجسّد التحول العميق في أنماط التهديدات الأمنية المعاصرة.

وشدّدت وزارة الدفاع الوطني في تعليقها على الفيديو المنشور على صفحتها الرسمية على موقع “فايسبوك”، أن “هذه الساحة الجديدة تجعل من الأمن والاستقرار المجتمعي أهم أهدافها الاستراتيجية”، في إشارة واضحة إلى أن التهديد لم يعد موجهاً من الخارج فحسب، بل بات ينبع من الداخل عبر أدوات ناعمة وأكثر خبثًا، أهمها صناعة وترويج الأخبار الكاذبة والشائعات، التي وصفتها الوزارة بـ”السلاح الفتاك لضرب الأوطان من الداخل”.

وأبرز الفيديو الذي جمع بين صور الحروب الكلاسيكية والرقمية أيضًا أن تطور مفاهيم الصراع الحديث قد طال أيضاً منظومة الدفاع والتصدي، التي اتسعت لتشمل مجالات متعددة تتجاوز الميدان العسكري، لتطال البعدين التكنولوجي والنفسي. وجاء في التعليق المرافق للفيديو أن “ضرب الأوطان من الداخل أصبح من أبرز السبل التدميرية التي يعتمدها هذا الجيل من الحروب”، مؤكدًا أن “نشر المعلومات المضللة عبر المنصات الرقمية لم يعد مجرد انحراف في الممارسة الإعلامية، بل أضحى أداةً مركزية ضمن استراتيجيات زعزعة الاستقرار”.

وأخذت الحروب الناعمة شكلاً جديدًا وخطيرًا للغاية عقب إدماج الذكاء الاصطناعي في هذا النوع من الحروب، إذ انتقل العالم من “حروب الجيل الخامس” إلى “حروب الجيل السادس”، التي تتميز بلامركزية الميدان وتعدد الجبهات في وقت واحد. ويتم الاستهداف عبر الفضاء الإلكتروني، ومن خلال توظيف تقنيات واستراتيجيات متطورة عبر منصات التواصل الاجتماعي للتلاعب بالعقول والإعلام، والاقتصاد، وحتى المجال البيولوجي بشكل متزامن، مع سرعة في التنفيذ بفضل استخدام الأنظمة الذكية. والهدف منها نشر الفوضى، تشويه المكاسب الوطنية، وزعزعة الثقة بين الشعوب وقياداتها، مما يجعل أمن الدول واستقرارها عرضة للاستهداف المنظم والمدروس.

ظاهرة متعددة الأبعاد..

من خلال صور رمزية، أبرزها لقطات لعقول تُحقن بإبر في تعبير مجازي عن الاختراق الذهني، ومشاهد لأشخاص ملثمين أمام شاشات الإعلام الآلي، وخرائط تتنقل بين مناطق استقرار ومناطق نزاع، أوصل مصممو الفيديو رسائل سيميولوجية متقدمة تحاكي واقع ما يعرف بالحرب الإدراكية، حيث تتحول الأخبار والصور والمضامين حتى الصحيحة منها إن وظّفت في غير سياقها إلى أدوات لتشكيل وعي جماعي موجه، وإعادة صياغة القناعات والسلوكيات.

كما وصفت الوزارة هذه الظاهرة بـ”متعددة الأبعاد”، مشيرة إلى أنها تتقاطع فيها الاتصالات، والأمن السيبراني، والتقنيات الرقمية، والعمل الاستخباراتي، ما يجعل الفضاء السيبراني بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية ليس مجرد وسيلة تواصل أو تسلية، بل مجالًا استراتيجياً يجب تأمينه والتحكم فيه. ولم يكن هذا التنبيه معزولًا، فقد أصبح موضوع “الحروب الرقمية” محل اهتمام رسمي واسع النطاق، تترجم في تصريحات، وبيانات، وورشات عمل كان آخرها تلك التي نظمتها الجزائر ضمن نشاطات مكتب شمال إفريقيا التابع للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الإفريقية (سيسا).

الجزائر في مواجهة التهديدات السيبرانية..

الورشة، التي انعقدت بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالعاصمة، كانت بعنوان “المعلومات المضللة والأخبار الزائفة وتداعياتها على أمن واستقرار الدول”، وميّزها الظهور العلني الأول للعميد رشدي فتحي موساوي، مدير المخابرات الخارجية، بالبدلة المدنية، في سابقة تعكس تطورًا لافتًا في نهج المؤسسة الأمنية. وفي كلمته، قال موساوي إن “معركتنا ضد التضليل الإعلامي ليست مجرد قضية إعلامية. بل هي معركة وجودية لحماية استقرار دولنا الإفريقية”، مشددًا على أن التحصين الاستراتيجي يمرّ عبر التعاون القاري وتبادل الخبرات لصد هذه الهجمات اللامتماثلة.

وسبق للفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أن شدد خلال زيارة عمل وتفقد قادته إلى الناحية العسكرية الرابعة، نهاية أفريل، على “ضرورة التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة وتعزيز الحس الأمني لدى الأفراد والجماعات”، قائلاً: “وبهذه المناسبة، يجب التأكيد على ضرورة التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة، في ظل التطور الهائل لتكنولوجيات الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية. فالأخبار الكاذبة والتلاعب بالمعلومات أصبحت أسلحة فتاكة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة”. كما تابع بالقول: “التصدي للحملات المغرضة التي تستهدف الإضرار بصورة الجزائر هو واجب على كل وطني غيور”، مضيفًا “إن تطوير التفكير النقدي يساعد في حماية مجتمعنا من الوقوع في شراك الدعاية التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام الوطني وخلق حالة من الشك وعدم الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطن، لتوجيهه وفق أجندات خفية”.

هذا التنامي في الاهتمام الرسمي بمخاطر الفضاء الرقمي يعكس إدراكًا متزايدًا بأن مسرح الحروب لم يعد أرضًا مكشوفة أو جبالًا شاهقة، بل شاشة في غرفة مظلمة، وهاتفًا ذكيًا في يد مواطن، ومنصة تواصل قد تحدث تأثيرًا أكبر من دبابة أو صاروخ، ما يجعل السلطات في تحدي كبير لمواجهة هذه الحروب الجديدة، التي ترتكز على “الأسلحة التكنولوجية الناعمة” لضرب أمن واستقرار البلاد. عبدو.ح

The post رسائل “مشفرة ومرئية”.. الجيش يحذّر من ساحة صراع جديدة appeared first on الجزائر الجديدة.