ركن يوهمونك إذ يقولون 1 : الفـــــن

أ.د. بلخير عمراني/

أوهمونا أن الفن ما هو إلا رقص وغناء ومجموعة من العابثين يملؤون المسارح بأصوات نشاز لا تشبه فنا ولا تنتمي إليه، وليتهم قصدوا بالرقص موروثا قديما حين كان الرقص فيه عموديا لا أفقيا، وليتهم قصدوا بالغناء كل لحن جميل يريح النفس ويبعث فيها الأنس ورقة الطبع، وكل كلمة ترقى بمشاعر الإنسان إلى أنبل الأحاسيس والمشاعر والأخلاق، لكنها حفلات يختلط فيها الحابل بالنابل، تذهب من الإنسان إنسانيته وتخرجه من عالم العقلاء إلى عالم رفع القلم. وأشمئز إذ أرى محجبات أو شبه محجبات بين الهائجين والمائجين في مشهد تستوي فيه كل عقول الحاضرين (إن بقي لهم عقل) فيسيئون إلى الحجاب وإلى أنفسهم وإلى الفن بمعناه الأصيل. حين يتصدر الفنان ( كما ورد في اللغة ) قائمة النخبة، وينطق في أمر العامة، ويستغل في توجيه الناس، ويصير قدوة للشباب، ويجلس في مجالس الشعب. فساعتها كبر على مصير الشعب أربعا، واحمل ميتك إلى قبره مسرعا، وادع له بالثبات عند السؤال. الهدف كل الهدف أن يموت ذوق الناس، فلا هم بالكلمات ولا هم بالألحان، يهيمون في كل واد، ويفقدون الإحساس بمعاني الفن النبيلة. فتحية لكل مفن في زمن الفنانين، وتحية لكل من يحمل رسالة نبيلة يؤديها للناس، وتحية لكل من يجعل همه من الفن أن يصحح الأذواق وأن يغير السلوكات وأن يرقى بمجتمعه إلى أحسن الأخلاق.