تاريخ الأيام في مطلع العام والحساب القمري أصل العَدِّ والإحكام
أ. محمد مكركب نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ مع مطلع العام الهجري الجديد:1447هـ تعود إلينا ذكريات عظيمة، كانت في محطات تاريخية بارزة مشهورة، منها يوم عاشوراء، يوم نجاة موسى والمؤمنين من قومه، وإغراق فرعون والملأ من أتباعه. ثم اليوم التاريخي الكبير، في السيرة النبوية، يوم 12 ربيع الأول. يوم الهجرة النبوية من مكة المكرمة …

أ. محمد مكركب
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
مع مطلع العام الهجري الجديد:1447هـ تعود إلينا ذكريات عظيمة، كانت في محطات تاريخية بارزة مشهورة، منها يوم عاشوراء، يوم نجاة موسى والمؤمنين من قومه، وإغراق فرعون والملأ من أتباعه. ثم اليوم التاريخي الكبير، في السيرة النبوية، يوم 12 ربيع الأول. يوم الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. كما أن عودة السنة القمرية، على مَرِّ الأزمان فيها تنبيه وتذكير، بأن الحساب القمري هو الحساب الشرعي الرسمي الإسلامي، الذي يَعُدُّ به المسلمون، مواقيت العبادات، وتواريخ العقود والمعاملات، ومُدَدُ الصيام والحج والأيام المعدودات، ويَحْسُبون، به أيام الأعياد والمناسبات، والْعِدَد والكفارات، كي لا تزيغ الأفكار، مع عادات الكفار، {مما ابتدعه الفرس قديما، كيوم النيروز رأس السنة الفارسية،21 مارس. أو يوم المهرجان عندهم. ولأن لا يخلطوا مع الشرع عادات الرومان من العجم وغيرهم من الأمم، أو كيوم الزينة عند اليهود}. فالله سبحانه أمرنا باستعمال الحساب لمعرفة الأيام والشهور والسنين. فقال الله سبحانه وتعالى:﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.﴾ (يونس:5) لتعلموا أيها الناس حساب الأوقات، فبالشمس تعرف الأيام، وبِسَيْرِ القمر تُعرف الشهور والأعوام. قال الرسول عليه الصلاة والسلام، في خطبته في حجة الوداع: [إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرضَ، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القَعْدَةِ، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.] (البخاري: 5550) ومعنى قوله: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ). {أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ رَجَعَتْ إِلَى مَوَاضِعِهَا، وَعَادَ الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء، (الذي كانت تزيده بعض القبائل قبل ذلك).} (القرطبي: 8/137) قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة:36)قال القرطبي:{هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون الشهور التي تعتبر ها العجم والروم والقبط، وإن لم تزد على اثني عشر شهرا، لأنها مختلفة الأعداد، منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج. (والله تعالى أعلم)} (الجامع لأحكام القرآن:8/133).. فرأس السنة الشرعية في الإسلام هو أول محرم من كل سنة. والعيد في الإسلام عيدان: يوم الأضحى، ويوم الفطر. حتى إن الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهو رسول العالمين، الذي يجب على كل الناس أن يتبعوه وأن يعملوا بما جاء به، وأن يتركوا أعمال الجاهلية، أنه صلى الله عليه وسلم، عندما وجد أهل المدينة يخصصون يومين في تاريخ عاداتهم، يلعبون فيهما، وهما يومان ليسا مشروعين، ولا مما أمر الله بهما، نهاهم عنهما، وقال لهم: [مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟] قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ.] (أبو داود، في باب صلاة العيدين:1134) من الأعمال المستحبة في شهر الله المحرم، كل الأعمال التي ذكرتك بها في البحث السابق. ثم الصوم تطوعا مستحب، وكذلك قيام الليل، والصدقات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل] (صحيح مسلم، باب فضل صوم المحرم: 202/1163) ثم صوم يوم عاشوراء. فعن ابن عباس رضي الله عنهما، {أن النبي صلى الله عليه وسلم، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ [أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ] فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.} (صحيح البخاري:3397) هل يستحب صوم يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر المحرم؟ نعم، إن صوم يوم عاشوراء مستحب، وفيه أجر، وقد سُئِلَ الرسولُ صل الله عليه وسلم، عن صومه. فقد سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: [ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه] وسئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: [يكفر السنة الماضية والباقية] وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: [يكفر السنة الماضية] متى أول السنة القمرية؟ أول محرم. ومتى كانت الهجرة النبوية؟ كانت يوم الاثنين 12 ربيع الأول. السنة الأولى الهجرية.أي: (12/03/ 1) كم عدد الأيام في الشهر القمري؟ 30 يوما، أو:29 يوما. ففي الحديث. في بيان صيام رمضان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: [صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين] (صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم [ص:27]: [إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا.رقم:1909) ومعنى أكملوا العدة ثلاثين، أنه لا يزيدون فوق الثلاثين. ففي رواية في صحيح مسلم.[إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا] (مسلم:1081) ما الفرق بين الحساب القمري، والتاريخ الهجري؟ الحساب القمري يعتمد على دورات القمر حول الأرض لمعرفة الشهر والسنة. والحساب الشمسي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس، والسنة الشمسية أطول من القمرية ب:11 يوما، وتعرف بداية الشهر القمري بظهور الهلال. وكل الحسابات والمواقيت المتعلقة بأمور الدين، تُحسب بالحساب القمري. أما التاريخ الهجري فيبدأ من يوم هجرة النبي من مكة إلى المدينة. 12 ربيع الأول، الذي يوافق تاريخ ميلاد النبي أيضا صلى الله عليه وسلم، وتاريخ وفاته. (12/03/01) الموافق: 21/09/622م) والله سبحانه وتعالى أعلم. فالهجرة حدث تاريخي اتفق الصحابة على أن يكون المعلم الزماني للتأريخ بالحساب القمري.