روتايو أفسد العلاقات مع الجزائر والاستعمار الفرنسي كان وحشيّا
تصرفت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس) بشكل مثير للشبهات في الحوار الذي أجرته مع المؤرخ الفرنسي، بنجامان ستورا، الأربعاء المنصرم، حيث ركزت على جزئية صغيرة في الحوار، وهي المتعلقة بدور الذاكرة في إعادة إحياء العلاقات بين الجزائر وفرنسا، في حين تجاهلت نقاطا أكثر أهمية تتعلق بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ودور اليمين المتطرف، ممثلا في […] The post روتايو أفسد العلاقات مع الجزائر والاستعمار الفرنسي كان وحشيّا appeared first on الشروق أونلاين.


تصرفت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس) بشكل مثير للشبهات في الحوار الذي أجرته مع المؤرخ الفرنسي، بنجامان ستورا، الأربعاء المنصرم، حيث ركزت على جزئية صغيرة في الحوار، وهي المتعلقة بدور الذاكرة في إعادة إحياء العلاقات بين الجزائر وفرنسا، في حين تجاهلت نقاطا أكثر أهمية تتعلق بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ودور اليمين المتطرف، ممثلا في وزير الداخلية، برونو روتايو، في تدمير جسور التواصل بين البلدين.
وكالة الصحافة الفرنسية اختزلت الحوار في برقية مقتضبة تناولتها مختلف وسائل الإعلام الفرنسية، الأربعاء المنصرم، في حين أن الحوار الكامل لم يتم تعميمه، عبر قناة الوكالة في “يوتيوب”، سوى يوم السبت 24 ماي الجاري، وقد كان ثريا بتفاصيل ذات أهمية كبيرة لم تشر إليها البرقية.
وكان لافتا في متابعة “الحوار الفيديو”، الذي امتد على مدار 35 دقيقة، اختفاء الكثير من النقاط التي تحدث عنها المؤرخ الفرنسي بخصوص العلاقات الجزائرية الفرنسية من الماضي والحاضر، ولاسيما ما تعلق بتوصيف جرائم الاحتلال في الفترة الأولى من الاستعمار التي امتدت على مدار ثمانين سنة، وكذا الأزمة التي افتعلها اليمين المتطرف لتدمير العلاقات بين الجزائر وباريس.
ومما قاله بنجامان ستورا: “لا يمكن اعتبار الاستعمار الفرنسي للجزائر أمرا هينا، لأنه استعمار ليس كغيره، كان هناك غزو استعماري امتد على مدار ثمانين سنة. لقد كان مروعا حقا، كانت هناك مجازر بشعة، لم يكتشفها الفرنسيون إلا حاليا. تدمير قرى ومدن بأكملها وهذا لا يمكن تجاهله. كانت هناك محارق (الكهوف) نقل قصري للجزائريين من أرضهم وحصرهم في محتشدات”.
ويضيف: “إنها ذكريات مؤلمة في تاريخ الجزائريين لا يمكن التقليل من شأنها. الجزائر كانت جزءا من فرنسا وليس مجرد محميات كما كان الحال بالنسبة للملكة المغربية والهند الصينية. حدود فرنسا إلى غاية ستينيات القرن الماضي، كانت تمتد جنوبا إلى مالي والنيجر وليبيا وموريتانيا.. كان الفرنسيون يعتقدون أنه من المستحيل التخلي عن الجزائر التي هي غنية بالبترول والغاز والفوسفات والذهب، وهو ما جعل قسما من الشعب الفرنسي يعتبرون استقلال الجزائر خيانة”، وقد اتهم الجنرال شارل دي غول، بأنه مرتكب هذه الخيانة، ولذلك تعرض للاغتيال في العديد من المرات إلى غاية وفاته في سنة 1970.
أما البرقية التي أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء الماضي (فرانس براس)، فقد ركزت على دور الذاكرة في جسر الهوة بين البلدين، فقد كتبت نقلا عن ستورا: “إننا بحاجة إلى مبادرات قوية، وخاصة فيما يتعلق بقضية الاستعمار الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر. ولكن اليوم، في رأيي، فإن النظر في إمكانية إطلاق مبادرات بشأن الذاكرة، قد يكون بمثابة بديل لاستئناف العلاقات السياسية”، وهو “أمر ضروري لحل قضايا الهجرة أو التأشيرات”.
كما تجاهلت الوكالة جزئية مهمة في الحوار، وهي تلك التي تتعلق بدور الجزائر في دفع عجلة التقارب عن طريق الذاكرة، حيث أشار بنجامان ساتورا، إلى أن فكرة إنشاء لجنة مختلطة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين، كانت من الجزائر، وهي مبادرة كان يجب استثمارها، يقول المؤرخ، والذي أكد أن اللجنة لا يمكنها كتابة تاريخ مشترك، لأن لكل طرف نظرته، الفرنسيون يعتبرون الاستعمار جلب الحضارة إلى الجزائر، في حين أن الجزائريين يعتبرونه السبب الرئيسي في قتل الملايين وسرقة ثرواتهم وتجهيلهم.
وبرأي المؤرخ الفرنسي، فإن التقدم على صعيد الذاكرة كان يمكن أن يخفف من التوتر عبر مبادرات من الرئيس الفرنسي، والذي تجسد في اعتراف ماكرون بأن الدولة الفرنسية هي المسؤولة عن تصفية موريس أودان وعلي بومنجل والشهيد العربي بن مهيدي، غير أن التحول المثير للجدل في الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية، أدى إلى وأد تلك المبادرة، التي طرحت بعد تبلورها خلال الزيارة التي قادت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون للجزائر في صائفة 2022.
كما اتهم فرنسا باتخاذ قرارات زادت من حدة الأزمة، حيث أقدمت على “خفض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين دون أن تعلن ذلك من 400 إلى 200 أو 250 ألف والجزائريون يدركون ذلك. طلب التأشيرة من حامل جواز سفير دبلوماسي هذا يعتبر وصولا إلى حافة القطيعة، التي لا أعتقد أنها تحصل لأن هناك الملايين من الشعبين وروابط مشتركة التراب، والنسب”.
وسئل ستورا إن كان سيلعب دور الوسيط لحل الأزمة بين البلدين، فرد بقوله: “لا بد أن يعتمد الوسيط من طرفي الأزمة. ليس هناك بحث عن وسيط. الأزمة قلصت من قنوات التواصل. بالفعل تم استقبالي من قبل الرئيسين في 2020 و2021 ولكن الكثير من الأمور تغيرت اليوم، نحن في 2025″، وألمح إلى أن وزير الداخلية الفرنسي هو المتسبب في إفساد في هذه العلاقات الثنائية.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post روتايو أفسد العلاقات مع الجزائر والاستعمار الفرنسي كان وحشيّا appeared first on الشروق أونلاين.