ريادة الأعمال الإعلامية والذكاء الاصطناعي

‪ ‬‬ الدكتورة عياد حنان /كلية علوم الإعلام والاتصال جامعة الجزائر 3 يشهد العالم اليوم تحولًا جذريًا في مختلف القطاعات بفعل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ولا يُستثنى قطاع الإعلام من هذا التغيير العميق. مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، وتحليل البيانات، والتفاعل مع الجمهور، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل يمثل الذكاء الاصطناعي …

مارس 5, 2025 - 21:15
 0
ريادة الأعمال الإعلامية والذكاء الاصطناعي

‪ ‬‬
الدكتورة عياد حنان /كلية علوم الإعلام والاتصال
جامعة الجزائر 3

يشهد العالم اليوم تحولًا جذريًا في مختلف القطاعات بفعل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ولا يُستثنى قطاع الإعلام من هذا التغيير العميق. مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، وتحليل البيانات، والتفاعل مع الجمهور، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل يمثل الذكاء الاصطناعي شريكًا في تعزيز الابتكار الإعلامي، أم يشكل تحديًا يهدد بقاء المؤسسات الإعلامية التقليدية ورواد الأعمال في المجال؟
أصبحت ريادة الأعمال الإعلامية مفهومًا رئيسيًا في المشهد الإعلامي الجديد، حيث يسعى رواد الأعمال إلى استغلال الفرص الرقمية لإنشاء مشاريع إعلامية مبتكرة. ومع توسع استخدام الأدوات الرقمية والمنصات التفاعلية، بات من الضروري تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لضمان المنافسة والتميز في سوق يشهد تغييرات متسارعة‪.‬‬
يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير العديد من الجوانب الإعلامية، مثل تحسين إنتاج المحتوى من خلال الأدوات الذكية، وأتمتة عمليات التحرير، وتحليل اهتمامات الجمهور بدقة فائقة. على سبيل المثال، تعتمد منصات إخبارية كبرى على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملخصات سريعة للأخبار، وتقديم محتوى مخصص لكل مستخدم بناءً على تفضيلاته.كما أنه يستطيع تحليل سلوك المستخدمين على المنصات الرقمية، ما يساعد المؤسسات الإعلامية على إنتاج محتوى يتناسب مع اهتمامات الجمهور المستهدف. على سبيل المثال، تستخدم منصات مثل‪ “Netflix”‬و‪”YouTube”‬الذكاء الاصطناعي في اقتراح المحتوى بناءً على تفضيلات المشاهدين، وهو ما يمكن تطبيقه في الصحافة عبر تحليل المواضيع الأكثر جذبًا للقراء‪.‬‬‬‬
بدأت المؤسسات الإعلامية في تطوير روبوتات محادثة‪(Chatbots)‬تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل‪ “CNN Bot”‬و‪”BBC Chatbot”‬، لتوفير ملخصات الأخبار والتفاعل مع المستخدمين بطرق أكثر تخصيصًا، مما يعزز تجربة القراء ويزيد من ولائهم للمنصة الإعلامية‪.‬‬‬‬‬

‪ ‬‬

الذكاء الاصطناعي : شريك في الابتكار أم خطر على الإعلاميين ؟

‪ ‬‬

يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة ذهبية للمؤسسات الإعلامية ورواد الأعمال لتوسيع نطاق أعمالهم وتقديم خدمات أكثر كفاءة. فبفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للمؤسسات الإعلامية إنتاج محتوى بسرعة وكفاءة، مما يقلل من التكاليف التشغيلية ويزيد من الإنتاجية. كما تساعد الخوارزميات المتقدمة في تحليل البيانات الضخمة لفهم سلوك الجمهور بشكل أفضل، مما يمكن المؤسسات الإعلامية من تقديم محتوى أكثر استهدافا‪.‬‬
لكن في المقابل، يثير هذا التطور مخاوف عدة، أبرزها احتمال استبدال الصحفيين والمحررين بالروبوتات، وفقدان الطابع الإنساني في المحتوى الإعلامي، فضلاً عن التحديات الأخلاقية المرتبطة بالمعلومات المضللة وتزييف الأخبار عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي‪.‬‬
إن تحقيق التوازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والحفاظ على القيم الصحفية والابتكار البشري سيكون مفتاح نجاح رواد الأعمال الإعلاميين. ولضمان ذلك، ينبغي على المؤسسات الإعلامية ورواد الأعمال تبني إستراتيجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة، وليس كبديل للإبداع البشري. من الضروري أيضًا تعزيز مهارات الإعلاميين في استخدام الذكاء الاصطناعي بذكاء، والاستثمار في تقنيات تضمن الشفافية والمصداقية في المحتوى المقدم. كما يجب وضع أطر قانونية وأخلاقية واضحة لحماية المهنة من الانتهاكات المرتبطة بالمعلومات المزيفة والتحكم الخوارزمي في الأخبار‪.‬‬

تكامل أم تنافس؟

بين من يرى في الذكاء الاصطناعي فرصةً ذهبيةً لتعزيز الابتكار الإعلامي، ومن يعتبره تهديدًا لمهنة الصحافة التقليدية، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية استغلال هذه التقنية بطريقة تضمن استدامة المؤسسات الإعلامية وريادة الأعمال في المجال. فالمستقبل لن يكون مجرد صراع بين الإنسان والآلة، بل سيكون لمن يستطيع دمج الإبداع البشري مع قوة الذكاء الاصطناعي لتحقيق إعلام أكثر تطورًا وتأثيرًا.بحيث أصبح من المستحيل تجاهل الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي. فعلى سبيل المثال، تستخدم منصات مثل‪ “The Washington Post”‬نظامها الذكي‪ Heliograf ‬لإنتاج أخبار تلقائية خلال الفعاليات الكبرى. وهو نظام تم تطويره يستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى إخباري بشكل الي ، خاصة لتغطية الأخبار التي تتطلب تحديثات متكررة أو تقارير مبنية على بيانات (مثل نتائج الانتخابات أو الرياضة)‪.‬‬‬‬
يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل سلوك المستخدمين على المنصات الرقمية، ما يساعد المؤسسات الإعلامية على إنتاج محتوى يتناسب مع اهتمامات الجمهور المستهدف. على سبيل المثال، تستخدم منصات مثل‪ “Netflix”‬و‪”YouTube”‬الذكاء الاصطناعي في اقتراح المحتوى بناءً على تفضيلات المشاهدين، وهو ما يمكن تطبيقه في الصحافة عبر تحليل المواضيع الأكثر جذبًا للقراء‪.‬‬‬‬
ولتحسين تجربة المستخدم من خلال التفاعل الذكي بدأت المؤسسات الإعلامية في تطوير روبوتات محادثة‪(Chatbots)‬تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل‪ “CNN Bot”‬و‪”BBC Chatbot”‬، لتوفير ملخصات الأخبار والتفاعل مع المستخدمين بطرق أكثر تخصيصًا، مما يعزز تجربة القراء ويزيد من ولائهم للمنصة الإعلامية‪.‬‬‬‬‬
لكن في المقابل، يثير هذا الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي مخاوف عدة، أبرزها فقدان الطابع الإنساني للصحافة، وانتشار الأخبار المزيفة التي تنتجها أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فضلاً عن مخاوف متعلقة بخصوصية البيانات وتأثير الخوارزميات على توجهات الرأي العام‪.‬‬

التحديات الأخلاقية والتقنية أمام المؤسسات الإعلامية‪ :‬‬

‪ ‬‬

مع انتشار الذكاء الاصطناعي في الإعلام، برزت مخاوف أخلاقية تتعلق بمصداقية الأخبار والخصوصية وحرية التعبير ،فاستخدامه في إنشاء الأخبار قد يؤدي إلى ترويج محتوى مضلل يصعب التحقق منه، خاصة مع تقنيات‪ “Deepfake”‬التي يمكنها تزوير التصريحات والأحداث.إذا أصبحت المؤسسات الإعلامية تعتمد بشكل كلي عليه في إنتاج المحتوى، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان البعد الإنساني في الصحافة وتقويض دور الصحفيين إلى جانب بروز تحديات أخرى تتعلق بالتحيز الخوارزمي التي تعمل وفق بيانات تغذيها المؤسسات ، مما قد يؤدي إلى تعزيز تحيزات إعلامية معينة، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اقتصادية . مما يطرح تساؤلات أخرى المتعلقة بتحليل بيانات المستخدمين لفهم اهتماماتهم وتفضيلاتهم وكيفية استخدام هذه البيانات وحماية المستهلك من الاستغلال‪ .‬‬‬
إن المستقبل لا يعني إما “الذكاء الاصطناعي أو الصحفيين”، بل يمكن أن يكون تكاملًا بينهما. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة تعزز كفاءة الصحفيين، عبر تسريع عمليات التحرير، وتحليل كميات ضخمة من البيانات، وتقديم رؤى أعمق عن توجهات الجمهور. لكن يبقى الدور الإنساني للصحفي في التحقق من المعلومات، وإضفاء الطابع الإبداعي والإنساني على الأخبار، لا غنى عنه‪.‬‬
في النهاية المستقبل ليس فقط لمن يمتلك التقنيات، بل لمن يعرف كيف يستخدمها بحكمة لتقديم إعلام أكثر مصداقية وتأثيرًا‪.‬‬
‪ ‬يبقى الذكاء الاصطناعي أداة قوية بيد الصحفي الذكي، لكنه لن يكون أبدًا بديلاً عن الصحفي الحقيقي الذي يحمل شغف البحث عن الحقيقة ونقلها للجمهور بأسلوب إنساني مؤثر.فهل نحن مستعدون لهذا المستقبل؟‬