شبابنا وقضاياهم/ 22 فيفري.. مسؤولية وأمانة

عبد الغني بلاش/   إن 22 فيفري في ميزان التاريخ ليس كسائر الأيام، وإنما هو صفحة من صفحات الوعي الوطني، كتبها الشعب الجزائري بحروف الصدق والإخلاص، كما كتب أسلافه يوم هبّوا لتحرير البلاد من الاستعمار، فكانت صيحتهم المدوية في نوفمبر «الله أكبر..! الجزائر لن تركع إلا لله». وكما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ …

مارس 3, 2025 - 12:03
 0
شبابنا وقضاياهم/ 22 فيفري.. مسؤولية وأمانة

عبد الغني بلاش/

 

إن 22 فيفري في ميزان التاريخ ليس كسائر الأيام، وإنما هو صفحة من صفحات الوعي الوطني، كتبها الشعب الجزائري بحروف الصدق والإخلاص، كما كتب أسلافه يوم هبّوا لتحرير البلاد من الاستعمار، فكانت صيحتهم المدوية في نوفمبر «الله أكبر..! الجزائر لن تركع إلا لله».
وكما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: 11)، فقد أيقن أبناء الجزائر أن النهوض بالأمة لا يكون إلا بتغيير النفوس، وتصحيح المسار، فهبّوا في ذلك اليوم، يطالبون بإصلاح شأنهم، وردّ الحقوق إلى نصابها، والتأسيس لمرحلة جديدة قائمة على العدل والمساواة.
ولم يكن هذا الحراك الشعبي خروجًا عن الجادة، أو ركوبًا للمجهول، بل كان صرخةً حضاريةً، أذِن الله بها لتكون تجديدًا للعهد بين الحاكم والمحكوم، ووثيقةً للتلاحم بين الشعب وجيشه، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وقد جاء في الحديث الشريف: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» (متفق عليه).
ولم تلبث أن استجابت الدولة لهذه المطالب المشروعة، فكانت قرارات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون قائمة على الإصغاء لصوت الشعب، وإعادة البناء على أسس سليمة، مستلهمة من قيم الإسلام، وروح نوفمبر المجيد.
فمنذ توليه الأمانة، بادر إلى وضع دستور جديد، يؤسس لدولة حديثة، قوامها العدل، والمساواة، واحترام الحقوق والحريات، مسترشدًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل: 90).
ثم كان الحرص على تمكين الشباب، ودعم العلم والتعليم، والسهر على بناء اقتصاد قوي، يحقق العيش الكريم لأبناء الجزائر، حتى يكونوا لبنات صالحة في صرح الوطن.
وإن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بما تحمله من ميراث العلم والإصلاح، لا يمكن أن تكون إلا حيث تكون المصلحة الوطنية العليا، فقد وقفت بالأمس في وجه المستعمر، تذود عن العقيدة واللغة والهوية، وهي اليوم ثابتة على نهجها، عاملة على توعية الشباب، ونشر الفكر الصحيح، والدعوة إلى الوحدة، حتى تبقى الجزائر عصيةً على الفتن، محصنةً من التيه والضياع، فهذا هو السبيل لمن أراد الإصلاح، وهذا هو طريق النجاة لمن ابتغى التمكين في الأرض.
ولهذا 22 فيفري ليس يومًا للاحتفال فقط، ولكنه يومٌ للمحاسبة، والمراجعة، وتجديد العهد على خدمة الوطن، حتى لا يضيع جهد المخلصين، ولا تذهب تضحيات الأوفياء هباءً.
فلنكن جميعًا على قدر المسؤولية، محافظين على هذه الوحدة، ساعين إلى الخير، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، حتى ننال وعد الله في قوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ (النور: 55).
ونسأل الله أن يحفظ الجزائر، ويوفق ولاة أمورها للعدل والإصلاح، ويجعلها دائمًا في طليعة الأمم الرائدة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.