طوابير النجاسة

في الصراعات والمناكفات بين الأفراد، كما بين الدول، يظهر طرف ثالث، يسعى للتبرير لهذا على حساب ذاك، قد يملك بعض المعطيات لكنه لا يملك الحقيقة، ويجوز حينها التغاضي عن هذه الهرولة، لكن أن تقف مبرّرا للعدو، أو الآخر ضد بلدك، فمحمول الكلمات هنا لا يمكن إلا أن يكون خيانة ونذالة. فرنسا الماكرونية التي سعت إلى […] The post طوابير النجاسة appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 9, 2025 - 18:55
 0
طوابير النجاسة

في الصراعات والمناكفات بين الأفراد، كما بين الدول، يظهر طرف ثالث، يسعى للتبرير لهذا على حساب ذاك، قد يملك بعض المعطيات لكنه لا يملك الحقيقة، ويجوز حينها التغاضي عن هذه الهرولة، لكن أن تقف مبرّرا للعدو، أو الآخر ضد بلدك، فمحمول الكلمات هنا لا يمكن إلا أن يكون خيانة ونذالة.
فرنسا الماكرونية التي سعت إلى تكريس العداء اليميني التاريخي للجزائر، عبر حزمة من القرارات الاستفزازية والتصرّفات الطائشة والأفعال التي لا تليق بالعلاقات بين الدول، وصلت إلى حدّ إعلان حرب إعلامية يشارك فيها النسيج الإعلامي الفرنسي في مجمله -مع بعض الاستثناءات- الذي يغترف ويغتسل من مياه نهر “السين” النتنة، فكان على الجزائر أن تتحرّك في الاتجاه ذاته ولكن تحرّك الجزائر كان بمنطق الدولة التي تتخذ القرار وفقا لما يقتضيه الوضع والحال، فكانت بيانات الخارجية، وثائق في الديبلوماسية، تجمع بين الحجة وما يوثقها في كراس الاتفاقيات الثنائية بين البلدين. وكان مسار الرد مدروسا ومتناغما مع مصالح الجزائر ومصالح الجالية الجزائرية التي تعيش في هذا البلد، بمحمول الهجرة التاريخي، والذي له ما يبرره وما يجعل الوقوف عند تعقيداته مفهوما.
الجزائر في ردها، قررت وانتقلت من حالة الركض وراء الكرة إلى التسديد من منطقة الثمانية عشر مترا، فكانت ضربة الجزاء في شباك الخصم، قوية ومصوبة بدقة، والرسالة، بلا شك، وصلت.
في بيان الخارجية، كانت هذه الفقرة “ومن خلال قرارها تعليق هذا الاتفاق، تكون فرنسا قد أتاحت للجزائر الفرصة المناسبة لتعلن من جانبها نقض هذا الاتفاق بكل بساطة ووضوح”، فقرة تشرح كل شي وقبلها ما يذكّر بأن هذا المسعى؛ أي مسعى إبرام اتفاق ثنائي يعفي حاملي جوازات السفر الديبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة، كان مسعى فرنسيا بامتياز، لم تطلبه الجزائر ولم تزحف نحوه كما يحاول الإعلام الفرنسي تصويره.
فرنسا الماكرونية اختارت أن تضع بيضها كله في سلة واحدة، وتضحي بمصالحها مع الجزائر حين اعترف ماكرون، في عملية استعراضية تشبه عملية نفش الريش، بما سماه “مغربية” الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي أوقف مسارا ديبلوماسيا من التقارب بين البلدين، كانت فيه الجزائر تسعى إلى حل الكثير من الإشكاليات المطروحة بين البلدين وربما أهمها “ملف الذاكرة”. ثم جاء الانقلاب الفرنسي على التفاهمات الثنائية عبر الاستفزاز، من خلال اختزال كل الأمور العالقة في اتفاق جزائري- فرنسي وقّع عام 1994 والمتعلق بترحيل المواطنين الجزائريين الموجودين في وضع غير نظامي بفرنسا.
وبالعودة إلى البداية، فإن ما يحصل يحتّم علينا الوقوف مع بلدنا، ولا يمكن للمنخرطين في تبرير القرارات الفرنسية من بعض أبناء جلدتنا، غير اعتبارهم أدوات في يد مؤسّسي طابور النجاسة
والخيانة.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post طوابير النجاسة appeared first on الشروق أونلاين.