عين الفوارة.. امرأة لا تشيخ ونافورة تتدفق من الذاكرة

في قلب مدينة سطيف، وبين إيقاع الحياة اليومية وصخب الشوارع، تقف “عين الفوارة” كأنها شاهدة زمن لا يشيخ. هي أكبر من نافورة يتوسطها تمثال، بل هي حكاية محفورة في ذاكرة المدينة وسر من أسرار سحرها الذي يأسر الزائرين قبل السكان، وللزائر عودة مع كل شربة ماء وفق ما تقره الأسطورة التي روّجت للمكان. هنا بساحة […] The post عين الفوارة.. امرأة لا تشيخ ونافورة تتدفق من الذاكرة appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 3, 2025 - 16:39
 0
عين الفوارة.. امرأة لا تشيخ ونافورة تتدفق من الذاكرة

في قلب مدينة سطيف، وبين إيقاع الحياة اليومية وصخب الشوارع، تقف “عين الفوارة” كأنها شاهدة زمن لا يشيخ. هي أكبر من نافورة يتوسطها تمثال، بل هي حكاية محفورة في ذاكرة المدينة وسر من أسرار سحرها الذي يأسر الزائرين قبل السكان، وللزائر عودة مع كل شربة ماء وفق ما تقره الأسطورة التي روّجت للمكان.
هنا بساحة “الاستقلال” يسير المارة، فتأخذهم خطواتهم من دون وعي إلى حيث يتجمع الناس، الكاميرات تلتقط صورا، الأطفال يتراكضون حول النوافير، والنسوة يرتشفن المياه العذبة، السكان يجلسون على الأرصفة يهمسون، والشيوخ والمتقاعدون يتقاسمون كراسي المقاهي القديمة، الكل يشترك في لحظة بصرية واحدة اختزلت في تأمل المرأة الرخامية التي تطل برأسها المائل وكأنها تسترق السمع من الذين يتحدثون عنها، وهي أيضا التفاتة خوف من الذين يتربصون بها، فظلت كذلك لعقود ولازالت تترقب.
تعود قصة “عين الفوارة” إلى نهاية القرن التاسع عشر، حين أنشئ هذا المعلم عام 1898، فوق عين مائية حقيقية كانت تتدفق من قلب الصخرة، لتغذي المدينة بمياه عذبة باردة. وقد صمّمت النافورة بأسلوب معماري فريد يحمل لمسة فنية أقرب إلى الطراز الكلاسيكي، تتوسطها امرأة رخامية منحوتة بعناية تنسب إلى النحات الفرنسي “فرانسيس دي سانت فيدال”.

من اغترف ماءها كتبت له العودة ولو بعد حين!
التمثال لم يكن يوما مجرّد قطعة فنية جامدة، بل صار رمزا لسطيف، ومع مرور العقود، تحوّل إلى نقطة التقاء بين ساكنة المدينة وزوارها. لا تكاد تسمع عن سائح يزور سطيف من دون أن يطلب صورة تذكارية مع “عين الفوارة”، ولا يكاد يمر عيد أو احتفال أو تظاهرة أو حتى مشهد عابر من دون أن تمر خلفيته من تلك الساحة. العين اقترنت بأسطورة العودة ولو بعد حين، فمن اغترف غرفة ماء من منبعها سيعود لا محالة، هو كلام من وحي الخيال لكنه دعاية سياحية تروّج لمدينة سطيف.
لأهل سطيف علاقة خاصة بـ”عين الفوارة”، فيها من الحنين بقدر ما فيها من الفخر. بعضهم يرى فيها رمزا للجمال، وآخرون يرون فيها وجها لا يشيخ. لكن الجميع تقريبا يتفق على أنها أكبر من تمثال، بل جزء من الذاكرة الجمعية، تماما كما هو الحال مع القصبة في الجزائر العاصمة أو جسر “سيدي مسيد” في قسنطينة.
العين كانت تستغل للعلاج والتبرك، وسكان المدينة القديمة اعتادوا الشرب منها أو غسل وجوههم للتبرك والتبرد. وعلى مدار أكثر من قرن، بقيت العين تتدفق، لا تجف، تروي العابرين وتروي للزائرين قصة مدينة تنبض بالحياة.. بالماء.
في باريس وبالضبط في متحف “اللوفر”، ترقد أشهر لوحة زيتية في التاريخ وهي “الموناليزا” التي أبدعها الداهية ليوناردو ديفنشي، لوحة أو امرأة حيّرت العالم، وكانت تلك اللوحة في قلب “اللوفر” تلقت العديد من الاعتداءات، سرقوها مرة وحاولوا تحطيمها حتى بالرصاص عدة مرات، وبعد كل عملية، تزداد شهرتها وزوارها، القائمون على “اللوفر” أحاطوها الآن بزجاج واق يمنع عنها الرصاص وهي تدرّ لباريس ملايين الدولارات القادمة من سياح يعرجون إلى باريس من أجل مشاهدة “الموناليزا” وليس غيرها، كذلك هو حال “عين الفوارة”.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post عين الفوارة.. امرأة لا تشيخ ونافورة تتدفق من الذاكرة appeared first on الشروق أونلاين.