غسان سلامة لـ “الوطنية تي في”:صوت الجامعات الغربية كان أعلى صوتًا مُقارنة بالجامعة العربية

في حوار مُوسع مع قناة “الوطنية تي في”، تحدث غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني والمبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عن “غزة والتضامن العربي” وفتح قوسًا للحديث عن الجامعة العربية، وقال إن “ما يحدث اليوم أمر غير مسبوق لا إقليميا ولا عالميًا وللأسف نحن أحيانا ننتقد الغرب لأنه لا يتعاطف بصورة كافية مع الأهالي في قطاع غزة […] The post غسان سلامة لـ “الوطنية تي في”:صوت الجامعات الغربية كان أعلى صوتًا مُقارنة بالجامعة العربية appeared first on الجزائر الجديدة.

يونيو 18, 2025 - 15:30
 0
غسان سلامة لـ “الوطنية تي في”:صوت الجامعات الغربية كان أعلى صوتًا مُقارنة بالجامعة العربية

في حوار مُوسع مع قناة “الوطنية تي في”، تحدث غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني والمبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عن “غزة والتضامن العربي” وفتح قوسًا للحديث عن الجامعة العربية، وقال إن “ما يحدث اليوم أمر غير مسبوق لا إقليميا ولا عالميًا وللأسف نحن أحيانا ننتقد الغرب لأنه لا يتعاطف بصورة كافية مع الأهالي في قطاع غزة لكن ينبغي علينا أن نتساءل: هل تعاطف العرب بصورة كافية مع هذه المأساة غير المسبوقة؟”، وأجاب جازما: “بالتأكيد لا وأحيانًا أشعر أن كلام الجامعات الغربية أعلى صوتًا مقارنة بالجامعة العربية”.

 في كل الحروب، الآثار وتحريف التاريخ هما أبرز المستهدفين لبنان في الفترة الأخيرة شهد قصف لمواقع أثرية، هل يُمكن اعتبار هذا دليل على صراع حضاري ومحاولة تهجير الشعوب والاستيلاء على الأراضي؟

في الحقيقة هُناك رغبة بإيذاء المجتمع بدون شك من طرف الإسرائيليين، لكن أريد أن أكون واقعيًا بالنسبة للمواقع الأثرية، أمل أن لا تكون قلعة بعلبك قد تأثرت  بالقصف الإسرائيلي الأخير، ومنطقة سور الأثرية لا سيما الملعب الروماني تأثر بصورة جزئية شكلية لكن ما حصل في قرية شمع (إحدى القُرى اللبنانية من قُرى قضاء صور في مُحافظة الجنوب) مُثير للانتباه فهُناك لم تُقصف القلعة ولكن احتل الإسرائيليون القرية لمدة ثلاثة أسابيع وخلال وجودهم هناك قاموا بتدمير منهجي لها يعني أن رغبة الأذى كانت واضحة لديهم وللأسف القلعة مُفككة تمامًا والمقام الديني الموجود هناك مهدم جزئيًا.

لكن الكارثة الكبرى حصلت في مكان ليس بأثري بقدر ما هُو تُراثي وهو سوق النبطية الهادئة (كبرى المدن في جنوب لبنان) الذي دُمر تماما ولم يبق منهُ شيئا وبالتالي علينا إعادة تشييده من الصفر.

ويُمكن القول إن الآثار وإلى حد كبير هي ضحية جانبية حيث قام الإسرائيليون إلى غاية اللحظة بتدمير 30 قرية تدميرًا شاملاً وقد حصل في معظمه بعد وقف إطلاق النار في نوفمبر أي أن هناك رغبة واضحة بإنشاء نوع من المنطقة العازلة المهجورة من أهلها وسكانها، ولقد زرت بعض القرى شخصيًا ووجدت أن هناك تدميرا ممنهجًا أكثر بكثير من آثار القصف البعيد أو العمليات العسكرية.

يعني هذا دليل إضافي على أن هناك نية واضحة لتهجير السكان الحقيقيين والاستيلاء على الأرض؟

لستُ أدري إذا الفكرة في لبنان هي على الأرض، ما هُو واضح حاليا تدمير منازل السكان حتى لا يعودوا إلى موطنهم الأصلي وقصفهم واغتيالهم لإرهابهم كي لا يعودوا حتى تبقى المنطقة مهجورة، والهدف العسكري من هذا هُو وضع عمق داخل الأراضي اللبنانية.

ولذلك يُمكنُ القول إن الهدف هو هدف عسكري أكثر منه إقليمي، بينما ما هو حاصل حاليا في الضفة الغربية يشي بأمر آخر وهو الرغبة في الاستيلاء على الأرض وباستيطانها، والتهجير هُناك هدفه تغيير سُكاني لمصلحة المستوطنين اليهود بينما في لبنان قد يكون الهدف عسكريا بصورة عامة.

ماهي الخُطوات الجدية التي قام بها لبنان من أجل حماية المواقع الأثرية مثل منطقة الشمع؟

في الحقيقة نحن نعمل على عدة مستويات، فمثلا عندما انطلقت الحرب قمنا بمطالبة اليونسكو بالحماية المُشددة لنحو 35 موقعًا على الأراضي اللبنانية وجميعها كانت مُستهدفة وكانت بحاجة إلى حماية مُؤكدة ومشددة، والموضوع الثاني الذي نعمل عليه هُو معالجة التلاعب بالآثار والمعالم التاريخية مثلا في قرية شمع وجد باحث أو عالم إسرائيلي يعمل على سرقة مُحتويات المقام هُناك ومُباشرة بعدها قام أحد أبناء القرية بقتله لمنعه من سرقة المواد الموجودة في ذلك المقام الديني.

ولقد عشنا هذا الوضع بصورة أكبر في غزوة 1982 عندما وصلت الجحافل الإسرائيلية إلى مدينة بيروت نفسها ولاحظنا آنذاك أن البيوت والمنازل قد سرقت جميع آثارها، لكن المُؤكد أن لا يمر شهر أو شهران دون أن نسترجع قطع أثرية رغم التحديات الكثيرة التي نواجهها، فلبنان إمكانياته المالية ضعيفة حتى يكون له جهاز استخبارات قوي يقوم بزيارة المعارض الدولية والشركات التي تقوم ببيع هذه الآثار في العواصم الغربية الكبرى، لكن نحن اليوم نعتمد على الجاليات اللبنانية تعيش في الغرب وهي غالبا من تقوم بإبلاغنا عن شكوكها مثلا بوجود قطع مسروقة.

وخلال الحرب الأهلية كان لدينا مدير للآثار وهو في الحقيقة بطل قومي لأنه تمكن من إخفاء كل محتويات المتحف الوطني قبل أن تدخل الميليشيات المسلحة، إذ أخذ النواويس الكبيرة وطمرها في الباطون المسلح في قعر المتحف أما القطع الصغيرة فأخذها ووضعها في مستودعات مركزية، وعندما ولج المسلحون إلى المتحف لم يعثروا على شيء ومنذ تلك اللحظة أصبح موريس حافظ شهاب (عالم آثار ومؤسس المتحف اللبناني) بطل قومي.

الثقافة تبقى حينما نخسر كل شيء، كيف يمكن للدبلوماسية الثقافية أن تعيد بناء ما دُمر وهُدم في بلد تعرض لوحشية وتفكيك؟

في الحقيقة قد أفاجئك بالرد، أنا أرى أن الثقافة اللبنانية هي أحد القطاعات اللبنانية التي تمكنت من النجاة بنفسها إذا قارنتها بقطاعات أخرى مثل الجهاز المصرفي والصناعي، فالثقافة لم تتمكن منها الحروب ولا الانهيار المالي الذي أصاب البلاد في عام 2019، لماذا؟، لأن: مثلا الزراعة والصناعة تعتمد على التصدير ونحن كنا ضحية نوع من الرفض لاستيراد من قبل إخوتنا في دول الخليج بسبب اتهامنا أن هذا التصدير كان يتضمن في بعض الأحيان أسلحة أو مخدرات أو ما شابه واليوم نحاول إقناعهم إن هناك دولة تحارب هذه الآفات وتقوم بتفتيش كل ما يُصدر.

وقد تأثر القطاع الصناعي كثيرا لأن الدولة لم تتمكن من فتح الأسواق ومباشرة بعدها انهار القطاع المصرفي عام 2019 لأنه كان مرتبطا جدا الدولة.

أما الثقافة فوضعها مُختلف جدًا، ففي لبنان بالذات أكثر من أي بلد عربي، فهي تقوم بإنتاج مجتمع مُستقل ففيروز مثلا لم تلد بمرسوم من الدولة ولا وديع الصافي أنشأه قانون ولا المسرح في لبنان هو نتاج مسرح مُؤمم فهو نتاج مسارح عديدة، الموسيقى أيضا فهناك معاهد وطنية، فما أريد أن أقوله أن الثقافة في لبنان ليست مُرتبطة ارتباطا عُضويًا بالدولة الجزائرية فعندما انهارت الدولة عام 2019 ولم تستعد بعد عافيتها حتى اليوم كما يجب فإن الثقافة بقيت إلى حد ما على قدر عالي من المناعة لأن ليس هناك من دولة أن تمنع تصدير صوت فيروز والمسرحي لا يعتمد على مساعدات الدولة لكي يعيش.

كيف يُمكن اليوم دمج ذاكرة الحرب في مشاريع ثقافية مُستقبلا؟

نحن اليوم على مسافة 50 عامًا من حربنا الأهلية، سعينا جاهدين حتى نُقنع اللبنانيين بأن لا نرمي التاريخ والمآسي في اللاوعي، وإن أرسلت إلى منطقة اللاوعي فستصبح دون أي قيمة لها.

فالمثقفون يلعبون دورًا أساسيًا في هذا البلد في تنبيه الناس إلى آثار العدوان وإعادة البناء، وقد بدأ هذا بعد هزيمة 1967 وكان هناك دور كبير للمثقفين والشعراء والمسرحيين العرب الذين لجؤوا إلى لبنان أمثال محفوظ درويش وغيرهم الذين كانوا يعتبرونها متنفسًا لهم، وبعد هذه الفترة بالذات نشأ ما يُسمى بأدب الهزيمة وهو أدب يرفض أن يرسل مرحلة ما قبل 1967 إلى اللاوعي، ولذلك يمكن التأكيد على وجود تراث كبير في لبنان.

كنت أمل طبعا أن يكون رد المثقفين اللبنانيين والعرب أكبر بالنظر إلى ما هو حاصل في قطاع غزة وهو غير مسبوق في وحشيته فهناك عائلات هُجرت عش وقتل وتدمير المدارس، فما يحدث اليوم أمر غير مسبوق لا إقليميا ولا عالميًا وللأسف نحن أحيانا ننتقد الغرب لأنه لا يتعاطف بصورة كافية مع الأهالي في قطاع غزة لكن ينبغي علينا أن نتساءل: هل تعاطف العرب بصورة كافية مع هذه المأساة غير المسبوقة؟ وجوابي بالطبع هو: لا وأحيانا أشعر أن كلام الجامعات الأمريكية أعلى صوتًا مقارنة بالجامعة العربية”.

ما هي أولوياتكم في وزارة الثقافة لا سيما في استرجاع ما دُمر من تراث ثقافي خلال الحرب؟

وزارة الثقافة تشارك في الأهداف الكبرى التي وضعتها الحكومة لنفسها وبالتالي كما تعلمين هي ثلاثة أهداف أساسية: الخروج من الأزمة المالية الخطيرة التي قضت على الطبقة المتوسطة في لبنان، الأمر الثاني هو التطبيق الحرفي للقرار 1701 لوقف إطلاق النار والهدف الثالث هو إعادة إعمار ما تم تدميره، ونحن اليوم نشكل جزءا لا يتجزأ من هذه السياسية الحكومية التي تهم مختلف قطاعات الدولة، ونحن طبعا نعول على دعم اشقائنا العرب لتنشيط الحياة الثقافية وأيضًا لإعادة بناء ما تهدم من مواقع أثرية وتراثية.

وفي الحقيقة لمسنا هبة تضامنية مع لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، لكن لم نشعر بهبة مماثلة حاليا لكن نأمل أن يستوعب اشقائنا والمنظمات العالمية بأن هذا البلد بحاجة ماسة إلى إعادة الإعمار.

الجزائر بلد غني بالتراث الثقافي والحضاري لكن لم يحظ بالترويج له في المجتمع اللبناني، هل من خطوات للتبادل مستقبلا؟

تشاء الأقدار أنني زرت الجزائر مرارا ولي فيها أصدقاء كُثر لذلك لا تمر مُناسبة دون أن أتحدث قدر الإمكان عن الجزائر التي باستطاعتها أن تفعل أكثر لكي تعرف العالم بمواهبها الكامنة في المجتمع وعلى مواقعها الطبيعية ونحن نقوم اليوم بما علينا لا سيما مثلا إذا أرادت السلطات إقامة أسبوع ثقافي في بيروت فسأكون أول المرحبين بهذا.

أنت معروف بمواقفك الصارمة ما هو شعورك إزاء مفاوضات حماس مع الطرف الأمريكي وشرعنة الشرع رُغم ماضيه المعروف لدى الجميع؟

هذان سؤالان غير مُختلفان بالنسبة إلى المفاوضات هي حُبلى بالمفاجآت، أنا أعتقد أن الحرب لن تنتهي وقد تتوقف كما توقفت سابقا لأيام لكن هناك رغبة واضحة لتهجير السكان ليس في القطاع فقط بل في الضفة أيضًا وبالتالي قد نرى توقف تحت ضغط أمريكي، لكن لا أعتقد أن هذه الحكومة ستتوقف عن الحرب. أما بخصوص موضوع سوريا يعني لقد سقط النظام السابق وجاء نظام مختلف جوهريا إيديولوجيا ومذهبيا مع تحالفات إقليمية مختلفة جوهريا عن التحالفات التي كان يبنيها النظام السابق، نحن في لبنان في حاجة ماسة لاستقرار سوريا لأنها معبرنا الطبيعي البري كما أننا في حاجة ماسة للتعاون في مجال الطاقة والكهرباء والغاز ولاستيراد الغاز السوري والموضوع الثالث والأكثر أهمية” هناك تماثل وتقارب بين المذاهب القائمة في لبنان وفي سوريا من أقليات ومن أديان وطوائف مختلفة، فمثلا عندما وضع اشتباك في منطقة القلمون السورية هاجر عشرات آلاف الشيعة إلى داخل الأراضي اللبنانية وعندما حصلت اشتباكات في الساحل السوري هاجر عدد كبير من العلويين وبعض النصارى إلى داخل الأراضي اللبنانية ايضًا.

وصحيح أن استضافة اللاجئين السوريين أمر جيد لكن من ناحية أخرى ثقل اللجوء السوري على لبنان أصبح يتجاوز بكثير طاقات الدولة اللبنانية المكونة من 5 مليون نسمة لبنان ومليون ونصف سوري لكن الوضع المالي للدولة أصبح يثير سؤالا شرعيا لدى اللبنانيين، ولذلك أؤكد على أن الاستقرار في سوريا مهم جدا للبنان.  

ما هو مصير الدول العربية في ظل الخلافات وما هو الحل لهذه الخلافات؟

لقد نظرت إلى قمة بغداد، وانا من نظم قمة بيروت عام 2002 وحضرت بعضها في عواصم عربية أخرى، حقيقة لم أصدق عيني رأيت أن هناك قمة تعقد في ظروف صعبة للغاية بين العنف والحروب والدمار فالشرق الأدنى اليوم كله مدمر سوريا مدمرة، لبنان مدمرة، غزة مدمرة، والضفة على وشك أن تدمر لكن لم يحضر ربع الرؤساء العرب إلى هذه القمة ولم تدم إلا ساعتين أو ثلاثة ولم يخرج منها أي بيان يشفي الغليل، وهنا يجب أن نتساءل: هل مزال هناك رابط عربي؟ هل لازالت هناك أية فكرة عربية حية أم أننا نتابع تنظيم القمم السنوية بصورة روتنية لأنه يجب أن تكون هناك قمة، لذلك أنا لا أحاسب الجيل الشاب من أبنائنا الذين يتساءلون اليوم: أين العرب والعروبة؟، في الحقيقة لديهم الحق في التساؤل.

فؤاد ق

The post غسان سلامة لـ “الوطنية تي في”:صوت الجامعات الغربية كان أعلى صوتًا مُقارنة بالجامعة العربية appeared first on الجزائر الجديدة.