أنشودة السلام” تجمع 9 دول وتكرّم فلسطين ضيف شرف التظاهرة

انطلقت بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشتارزي، سهرة الخميس 18 سبتمبر 2025، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة(13) من المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر، وأختير لهذه الدورة شعار “أنشودة السلام” ليعكس المكانة التي تحظى بها الثقافة والفنون كجسر يربط بين الأمم ويقرب بينها عبر لغة الإبداع. ويحضر الموعد فنانون وفرق من تسع (9) دول هي الجزائر والصين […] The post أنشودة السلام” تجمع 9 دول وتكرّم فلسطين ضيف شرف التظاهرة appeared first on الجزائر الجديدة.

سبتمبر 19, 2025 - 12:41
 0
أنشودة السلام” تجمع 9 دول وتكرّم فلسطين ضيف شرف التظاهرة

انطلقت بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشتارزي، سهرة الخميس 18 سبتمبر 2025، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة(13) من المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر، وأختير لهذه الدورة شعار “أنشودة السلام” ليعكس المكانة التي تحظى بها الثقافة والفنون كجسر يربط بين الأمم ويقرب بينها عبر لغة الإبداع.
ويحضر الموعد فنانون وفرق من تسع (9) دول هي الجزائر والصين وسوريا والسينغال وروسيا والمكسيك وإسبانيا وإيطاليا والتشيك، ليقدّموا عروضاً فنية تنبض بالتنوع وتجمع بين الخصوصية المحلية والروح الإنسانية الجامعة.
وحلت فلسطين كضيف شرف للدورة مما يحمل من دلالات عميقة، كونها تمثل فضاءً ثقافياً ثرياً ومتعدّد الأبعاد، يختزن معاني الحياة والحرية، ويبعث رسالة إنسانية تبرز حضور الثقافة الفلسطينية على الساحة الدولية باعتبارها ذاكرة مشتركة للشعوب.

غابت وزيرة الثقافة والفنون عن حفل الإفتتاح
فيما حضرت بعض الوجوه الفنية والسينمائية على غرار ليلى بورصالي و المخرج لطفي بوشوشي و نجيب كاتب القرطبية، بالإضافة إلى عبد القادر بوعزارة مدبر اوبرا الجزائر و محمد يحياوي مدير المسرح.

في كلمتها الافتتاحية، رحبت فاطمة الزهراء ناموس سنوسي، محافظة هذه الدورة، بضيوف الجزائر قائلة أن الجزائر العاصمة اختارت أن تضع الفن في قلب حياتها العامة، والإبداع في صلب رؤيتها للمستقبل. وأضافت بإن هذه الدورة تأتي في ظرف عالمي مضطرب تحكمه توترات متعددة، لكنها تسعى لأن تكون مساحة للمعنى، للإصغاء، وللذكاء المشترك.”

وأضافت أن المهرجان اختار أن يظل وفياً لنهجه الواضح، بجعل الثقافة لغة إنسانية مشتركة، لغة تربط ولا تمحو، تعبّر بلا فظاظة، وتكون نشيداً للسلام. وأكدت أن الرقص المعاصر ليس هروباً من الواقع، بل هو ترسيخ لقيم الذاكرة والهوية والروابط الإنسانية، لأنه يذكرنا بأن الجسد حامل للتاريخ ومخزون للتجارب.

يمثل هذا المهرجان مساحة للتعبير الصادق، حيث يجد كل مجتمع، من خلال الحركة، سبيلاً للتوازن والدقة والوضوح. إنه دعوة للتأمل، لمشاهدة العالم بعيون الفن، وللاستماع بوعي، وللقاء الآخر في فرادته وإنسانيته المشتركة.

تستضيف الجزائر هذا الموعد الفني بكل فخر وصفاء، فخرٌ بمنح الفنانين من شتى بقاع العالم فضاءً للتعبير الحر، وصفاءُ أمة تعرف مسارها، لا تبحث عن إثبات وجودها، بل عن تقاسم رسالتها. رسالةٌ تحمل في كل حركة سلاماً وكرامةً وحواراً واستمرارية للحياة في أرقى صورها.

وفي ختام كلمتها، شكرت المحافظة الفنانين الذين يجسدون هذه الرؤية، والمؤسسات التي تساهم في تحقيقها، والجمهور الذي يحتضنها باهتمام ومحبة، لتجعل من هذا المهرجان لحظة وجود إنساني مشترك، ووقتا للصفاء والوضوح.
.متمنية طول الحياة للثقافة، وللرقص الرقص، ولبلدها الجزائر

يتضمن برنامج المهرجان 3 دورات تكوينية “ماستر كلاس” موجهة للمواهب الشابة، يؤطرها مختصون من روسيا واليينغال، إضافة إلى عقد ندوة أكاديمية يحضرها مختصون في الرقص المعاصر من مختلف الدول المشاركة، لتبادل الخبرات وتأكيد جدوى النقاش حول تطور هذا الفن.

عرض الافتتاح من إبداع فاطمة سنوسي و نجاة طيبوني 

ٱه غزة ..حين يرقص الجرح على مسرح الذاكرة

 

حمل عرض الافتتاح “آه يا غزة” الذي ناهز الساعة من الزمن فوق ركح المسرح الوطني الجزائري، توقيع المخرجة ومصممة الرقصات فاطمة الزهراء ناموس سنوسي، بكلمات ونصوص موسيقية من إبداع نجاة طيبوني، واستهل بمقدمة موسيقية خالدة من رائعة «أصبح عندي الآن بندقية» لمحمد عبد الوهاب بصوت كوكب الشرق أم كلثوم (1968)، لتعلن أن البداية ستكون وعداً بالحرية وصدى للمقاومة.

تدرجت اللوحات بين الحزن والثورة، بين الرماد والنور، وبين صوت الأرض ونبض الجسد. خفتت الأضواء أولاً، وانسكب ضوء أحمر كجرح مفتوح على الخشبة، قبل أن يعلو صوت الراوية: «آه يا غزة…»، صوت يخرج من عمق الجراح، يروي وجعاً لا يشيخ، حيث الرضيع يتقاسم الغبار مع الشيخ، والنساء والرجال يتماهون في ذاكرة تمزقت على دروب الانتظار.

توالت المشاهد التعبيرية في لوحات جماعية وبصرية مدهشة: جسد يلوذ بالذاكرة، وجوقة حركية تصرخ بالحرية، فيما تنهض راقصة منفردة تحت ضوء أبيض كأنها تحمل العالم على كتفيها. يتعالى الإيقاع، وتتماوج الحركات بين الانكسار والتحدي، قبل أن تتوهج اللوحة بجملة: «الكفن يتحول إلى ثوب عرس…».

استحضر العرض مفردات شعر محمود درويش ورمزية البحر، حيث تجسد الرقصة الثنائية مع نقرات العود حواراً بين التيه والانتماء. وعلى أنغام فيروز «الآن الآن أجراس العودة قد تقرع» ارتسمت صورة القدس في الخلفية، ليتمازج الغناء الجماعي مع الرقص التعبيري، فيما تردد القاعة: «أنا لا أنساك فلسطين».

تنوّعت اللوحات بين الأحمر القاني الذي جسّد الدم النازف، والكوفية التي رفرفت كتذكار خالد، وبين موسيقى صوفية روحانية مستلهمة من جلال الدين الرومي، أعادت التوازن بعد لوحات الحزن، لتضيء الركح بصورة جميلة نابضة بالأمل. وفي مشهد آخر، ارتفع العلم الفلسطيني كورالية عالمية رددت نشيد «موطني»، قبل أن يشتعل الحضور بموسيقى طمبورية شعبية أعادت الأجواء الفلكلورية الأصيلة.

ولم يغب صوت المشرق العربي، إذ استُحضرت لوحات عن سوريا، والفلكلور السوري الذي حمل أنفاس دمشق وحلب، تماهى فيها الوجع العربي مع وحدة الذاكرة والمصير. ثم ارتسمت على الخشبة خريطة فلسطين، فتعانقت أجراس الكنائس مع حمائم الجوامع، في مشهد فسيفسائي جمع الغناء الكورالي بالحركة التعبيرية.

بقي محمد الدرة حاضراً في ذاكرة العرض، مثلما بقيت الكوفية، واللون الأحمر، ورقصات الثورة، لتكتمل اللوحات بإيقاع جماعي يبحث عن النور، يحاكي الإرهاق لكنه يؤمن بالانبعاث. ومع تصاعد الموسيقى، تحوّل الركح إلى فضاء للقوة والانتفاضة، حيث تعالت الأصوات الفلكلورية «راجع ع بلادي»، وارتفعت الكوفيات الخضراء مع بقية الألوان، وكلها تشدو فلسطين.

“آه يا غزة” لم يكن مجرد عرض افتتاحي، بل ملحمة جسدت بالأجساد والأنغام والضوء مسيرة شعب، وحوّلت الحزن إلى ثورة، والدم إلى زيتونة، والرقص إلى لغة سلامٍ وحرية.

خليل عدة

The post أنشودة السلام” تجمع 9 دول وتكرّم فلسطين ضيف شرف التظاهرة appeared first on الجزائر الجديدة.