قميص بركان!

الإثم عمره قصير، وفي غالب الأحيان قصير جدا، والآثم عُمرُ تبخترِه بإثمه قصير، بل لا عمر له. ويمكن ملاحظة هذه القاعدة الحياتية في سلوك المخزن، الذي يتبختر ببعض “شطحاته” لبعض الوقت، ويمزجها بوطنية مزيفة وشرف هو أبعد ما يكون عنه، كما حدث في حكاية قميص بركان، الذي حاول أن يسيّره على طريقة قميص عثمان في […] The post قميص بركان! appeared first on الشروق أونلاين.

أبريل 4, 2025 - 20:35
 0
قميص بركان!

الإثم عمره قصير، وفي غالب الأحيان قصير جدا، والآثم عُمرُ تبخترِه بإثمه قصير، بل لا عمر له. ويمكن ملاحظة هذه القاعدة الحياتية في سلوك المخزن، الذي يتبختر ببعض “شطحاته” لبعض الوقت، ويمزجها بوطنية مزيفة وشرف هو أبعد ما يكون عنه، كما حدث في حكاية قميص بركان، الذي حاول أن يسيّره على طريقة قميص عثمان في زمن الفتنة الكبرى التي عصفت بالمسلمين في صفين ومعركة الجمل وما تلاهما من أوجاع.
في ربيع السنة الماضية، قدّم فريق اتحاد العاصمة، وكان بطلا إفريقيّا مرشحا ليحافظ عل بطولته، درسا تطبيقيا راقيا على المباشر لأهل المخزن، عندما رفض أن يلعب مباراة كرة، توصله إلى نهائي بطولة قارية، يكسب منها الجاه والنجاح والمال أيضا، عندما أصر منافسه أن يشارك بقميص يحمل خارطة لا توجد سوى في أوهام الذباب المخزني.
ولأن المملكة لم تتنفس في حياتها الشرف، فقد حيّرها “النيف” الجزائري، ولم تجد من تفسير له، سوى ربطه بأوامر فوقية، وبقيت لمدة قاربت السنة تمضغ الثرثرة إلى أن صدر قرارٌ دولي بمنع رسم الوهم على قمصان الفرق الرياضية التابعة لبلاد مراكش، فتبخّر “الشرف” المزعوم نهائيا، ولم يفكّر فريق بركان في الانسحاب، دفاعا عن “خريطته”، ولم يتلق أي أمر فوقي لفعل ذلك وهو الذي كان يرفع شعار “الخارطة أو الموت”.
هل يُعقل أن يُضحّي الجزائريون بمتعة الدنيا، في الشهرة والمال والكؤوس لأجل “باطل”؟ ولا يضحّي المغاربة بزينة الحياة الدنيا لأجل “حق”؟
سؤال بالتأكيد أن الغالبية في المملكة قد طرحوه على أنفسهم، لأن المعني بالسؤال له الإجابة المؤكدة والصحيحة.
لقد اختار القائمون على فريق نهضة بركان قميصا يحمل خارطة يحلمون بها، وكانوا ينوون نقل اختيارهم إلى بقية الأندية المغربية، تحضيرا لظهور منتخب بلادهم في كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها المملكة في نهاية السنة الحالية بقميص الأوهام، لتنسف القوانين الدولية ومحكمة “تاس” هذه القصور الرملية، فتفرّق الجمع واختفوا من دون مقاومة. والذي يخسر الحلم بالتأكيد لن يجرؤ حتى على خوض الواقع، أو كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش: “لا ليل يكفينا لنحلم مرتين”.
يزدحم العالم وتاريخ البشرية أيضا بالممالك، ولكن ولا واحدة منها سمّت نفسها “المملكة الشريفة”، غير المبنية من دون شرف، فقد قدّم اتحاد الجزائر لمنافسه السابق درسا بسيطا جدا في الشرف، يمكن لأي أبله أن يحفظه ويطبّقه في حياته، ولكنهم مع ذلك وجدوا أنفسهم في مباراة يوم الخميس الماضي أمام منافس من كوت ديفوار، من دون ما قالوا عنه إنه “وطنهم الغالي المغروس في قمصانهم وقلوبهم”، ومع ذلك لم تتحرك فيهم شعرة شرف من أجل هذا الذي سمّوه “الوطن الغالي”، وهم أصلا فرّطوا في مدن وجزر بعضها من دون دراجة هوائية ولا ثمن الدراجة، ولا هم يحزنون.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post قميص بركان! appeared first on الشروق أونلاين.