موت القانون الدولي في غزة!!

يكون القانون الدولي الإنساني وغير الإنساني قد أعلن موته في غزة سواء ما تقدم منه أو ما تأخر. تأكد لنا اليوم أن ما تَقدًّم منه بحجة حماية المدنيين أو وقف الصراعات العرقية أو مكافحة المجاعة والتصحر… الخ، لم يكن أكثر من غطاء لِتمرير سياسات إقليمية أو دولية وتحقيق مصالح مادية مباشرة أو غير مباشرة.. سواء […] The post موت القانون الدولي في غزة!! appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 23, 2025 - 17:09
 0
موت القانون الدولي في غزة!!

يكون القانون الدولي الإنساني وغير الإنساني قد أعلن موته في غزة سواء ما تقدم منه أو ما تأخر. تأكد لنا اليوم أن ما تَقدًّم منه بحجة حماية المدنيين أو وقف الصراعات العرقية أو مكافحة المجاعة والتصحر… الخ، لم يكن أكثر من غطاء لِتمرير سياسات إقليمية أو دولية وتحقيق مصالح مادية مباشرة أو غير مباشرة.. سواء تعلق الأمر برواندا أو الكونغو أو ليبيا أو السودان أو البوسنة أو غيرها من المواقع… ما كان الغرب لِيتدخل باسم القانون الدولي إلا سعيا وراء تحقيق أهدافه الاستراتيجية.

ولو لم تكن تلك الأهداف ما كان لِيُحرِّك الأمم المتحدة أو القانون الدولي للقيام بما قام به محاولا إبراز وجهه الإنساني وسعيه لتحقيق العدالة والسلم بين الشعوب… أما ما تأخر فنراه اليوم حيًّا في غزة! تصريحات بعد التصريحات ومواقف بعد مواقف للأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية دون جدوى، قرارات للجنائية ومحاولات هنا وهناك لمراعاة القانون الدولي الإنساني وقانون الحرب في غزة وكأنها لم تكن! الإعلان الرسمي لوجود مجاعة في غزة ودعوة الكثير من الدول إلى وجوب وقف ما يحدث… دون جدوى! تصريحات رسمية وشعبية في أكثر من مستوى ومن أكثر من جهة لحماية مهنة الصحافة والتوقف عن استهداف قتل الصحفيين باسم القانون الدولي من غير فعالية! تحركات شعبية غاضبة في معظم عواصم العالم لم تثمر أي نتيجة! الاحتلال الصهيوني لفلسطين مستمر في عدوانه وقتله للأبرياء دون أن يخشى هذا الذي يُسمَّى قانونا دوليا… رئيس أكبر دولة في العالم لا يرى مانعا من احتلال غزة وقتل وتهجير سكانها، بل ويصر أن ذلك في مصلحة الفلسطينيين! كما لا يتردد في الحديث عن تطلعه لضم كندا إليه أو احتلال غرينلاندا!! لا يهمه إن كانت هذه دول ذات سيادة أو لم تكن كذلك، بل لا يتردد في القول السيادة هي نحن!
هل بقي لنا بعد الآن أن نُضمِّن دَساتيرنا وبياناتنا الرسمية ومَواقفنا إشارات إلى التزامنا بالشَّرعية الدولية والقانون الدولي؟ ألا يعد هذا دليلَ ضعف في نظر أسياد العالم؟ والأهم من كل هذا ماذا بعد اليوم؟
في العقود اللاحقة للحرب العالمية الثانية وقبل سقوط الاتحاد السوفيبتي وضَع الأقوياء قواعد القانون الدولي ولكنهم احترموا الكثير منها وبخاصة حق الشعوب في تقرير مصيرها والاستقلال، أما في العقدين الأخيرين ومنذ هيمن القطب الغربي الواحد على العلاقات الدولية أصبحنا أمام واقع مختلف يقوم على قتل القانون الدولي تدريجيا وإحلال منطق القوة مكانه بدون حاجة إلى تبريرها كما في السابق لولا بعض الاستثناءات أو حالات التراجع القليلة عن السياسات العدوانية! ما الذي علينا فعله؟ وماذا ينتظرنا بعد اليوم؟
يبدو بالفعل أننا عدنا إلى مرحلة تشبه حقبة الاستعمار التقليدي في ممارساتها. خلال موجة الاستعمار التقليدي أُعجب الغرب بِتقدُّمه الصناعي الكبير مقارنه ببقية العالم، وتمكَّن من تجميع أسباب القوة العسكرية والاقتصادية فاحتَل بقية العالم وسيطر عليه لأكثر من قرنين من الزمن… والغرب المعاصر اليوم مُعجَب بِفرط تقدمه التكنولوجي والصناعي الكبير مقارنة ببقية العالم لذلك تجده يقوم بذات الممارسات الاستعمارية التقليدية بمُسمّيات أخرى ويصر على ذلك غير خائف.. فقط هو فارق واحد بين المرحلتين قد يعطينا بريق أمل لإيجاد بدائل جديدة للتحرر ورفض الهيمنة القائمة أو القادمة! هذا الفارق هو وجود قوة عظمى غير غربية تُدعى الصين تمكنت تجربتها من مواجهة جميع العراقيل الغربية وتحولت إلى منافس وند للغرب بكافة المقاييس… هل نستخلص العبرة منها، وبدل البكاء على أطلال قانونٍ دولي مات نصنع أمجادَنا بأيدينا مثل الصين؟ هل ستكون البداية من غزة الجبهة الأولى المفتوحة لانتصار هذا المشروع.. غزة اليوم لم تعد تنتظر أن يُنصِفها أو يَنصُرها القانون الدولي، بل تنتظر ذلك من خلال مقاومة أبنائها رجالا وصبرهم جميعا كل هذا الصبر الفريد من نوعه عبر التاريخ… وهل انتصر الصيني بدون مقاومة وبدون مجاعة وبدون تضحيات وصبر؟

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post موت القانون الدولي في غزة!! appeared first on الشروق أونلاين.