التربية و سنة تعاقب الأجيال

د. إبراهيم نويري */ يشهد كلُّ قرن من الزمن ثلاثة أجيال، إذ إنّ الجيل حسب عالم الاجتماع الألماني «كارل مانهايم» هوثلاثة وثلاثون عاماً؛ وهناك مَن يرى أنّ ثلاثة أجيال تساوي تسعين عاماً؛ وهي مدة كافية كي يحدث إقلاعٌ حضاريٌ متكامل الأركان، أونهضةٌ وتنميةٌ تطال مختلف جوانب مجتمع من المجتمعات، شرط أن يحمل أحد تلك الأجيال …

مايو 5, 2025 - 19:24
 0
التربية و سنة تعاقب الأجيال

د. إبراهيم نويري */

يشهد كلُّ قرن من الزمن ثلاثة أجيال، إذ إنّ الجيل حسب عالم الاجتماع الألماني «كارل مانهايم» هوثلاثة وثلاثون عاماً؛ وهناك مَن يرى أنّ ثلاثة أجيال تساوي تسعين عاماً؛ وهي مدة كافية كي يحدث إقلاعٌ حضاريٌ متكامل الأركان، أونهضةٌ وتنميةٌ تطال مختلف جوانب مجتمع من المجتمعات، شرط أن يحمل أحد تلك الأجيال راية شعلة التغيير والبناء الاجتماعي والفكري والحضاري .
وتعاقب الأجيال سنة من سنن الله تعالى النافذة في صيرورة التاريخ والاجتماع البشري، ومن وجهة النظر القرآنية فإنّ كلّ جيل مسؤول عن الجيل الذي يليه على الأقل، وبما أنه معاصر له مع فوارق العمرـ فإن أهمّ رسالة ينبغي أن يتكفل بها تتمثل في التربية والتأهيل .
وقد نبّه القرآن الكريم في مواضع كثيرة منه، إلى هذه المسألة الحيوية الحساسة ، كما نجد ذلك مثلاً في قوله تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ البقرة 133 ]
ونبيّ الله يعقوب عليه السلام، قال ذلك في أيامه الأخيرة أي إبان مرض الموت، وأولاده جميعاً بلغوا سن الرشد، بل منهم مَن هونبي، ومع ذلك كله فهولم ينس همَّ التربية وواجب التذكير بالعقيدة، وما يجب على أبنائه من بعده القيام به، إن يعقوب يمثل جيلاً من الناس، بينما يمثل أبناؤه الجيل الذي يليه، بيد أنّ الواجب المتعلق بقيام الدين والسلوك القويم، ظلّ حاضراً في فكره إلى اللحظة الأخيرة من حياته.
ولا غروأنّ في ذلك إشارة مهمة إلى أنّ الاستمرار في النصح والتوجيه والترشيد والتربية، وتسجيل أهمّ ثمارها للأجيال القادمة، إنما هومن أوكد الواجبات التي ينبغي التكفل بها على كلّ الأصعدة.
إن الأمم التي تمكّنت من القوة المادية، وأسست حضارة شامخة وشادخة، تنبّهت إلى سر المعادلة الحضارية، وهوبناء الإنسان والإستثمار في التربية والثقافة والعلم؛ فهذه المعادلة الذهبية هي الضامن الحقيقي لإنجاز نهضة الأمم وتقدمها ومنعتها الحضارية.

* كاتب وباحث أكاديمي