“إسرائيل” تقتل أفرادا من أسرتنا
هناك مجموعة من المقاومين ومن الصِّحافيين، في أرض فلسطين الطاهرة، مِن شِدة ارتباطهم بالقضية الأم، وبذلهم لأجلها، وارتباطنا بهم، صاروا أشبه بأفراد العائلة، بل إنهم فعلا أفراد من العائلة، لا يختلفون عن الأخ والابن في شيء. الذين برمجوا حياتهم على متابعة الشأن الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر السعيد من سنة 2023، وما بعده من أيام […] The post “إسرائيل” تقتل أفرادا من أسرتنا appeared first on الشروق أونلاين.


هناك مجموعة من المقاومين ومن الصِّحافيين، في أرض فلسطين الطاهرة، مِن شِدة ارتباطهم بالقضية الأم، وبذلهم لأجلها، وارتباطنا بهم، صاروا أشبه بأفراد العائلة، بل إنهم فعلا أفراد من العائلة، لا يختلفون عن الأخ والابن في شيء.
الذين برمجوا حياتهم على متابعة الشأن الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر السعيد من سنة 2023، وما بعده من أيام شقيّة، ظلوا يفتحون التلفزيون أو هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر، يوميًّا، مع شروق الشمس وفي غسق الليل وأحيانا لا يغلقونه أبدا، في قرّ الصقيع وحرّ الهجير، لمتابعة كل دمعة أو بسمة قادمة من أرض الأبطال والصامدين، وهم في الحقيقة يفتحون أبوابهم ووجدانهم، لهؤلاء، الذين كانوا يُهرّبون الشرف والكرامة، بعيدا عن الدنس والنجس، ويقدمون لنا الحقيقة كما هي، بالصورة والصوت، وتحت النار ووسط الدمار، حتى صار إسماعيل الغول وأنس الشريف وغيرهما، جزءا من العائلة، فنحن نقضي معهم أوقاتا حساسة ومصيرية، تزيد عما نقضيه مع أبنائنا، مثل فلذات الروح، نتبادل معهم كؤوس أسى المشاعر، ونتناول رغيف القهر معا، يجمعنا بهم صور الأشلاء والباحثين عن رغيف أو شربة ماء، في هياكل عظمية لا تكاد تُرى من شدة الوهن.
جمعتنا بهم أحزان الحزن، وكلما ظننا أن مسلسل الموت قد بلغ حلقاته الأخيرة، أطلوا علينا بموت آخر، بخبر عاجل أحمر اللون مثل دماء أهل غزة، فكنا نبكي ويبكون، نتحسر ويتحسرون ونحاول أن نصبر فلا نستطيع ولا يستطيعون. وحشية قلب العدو أمامهم، وأمامنا، وصقيع قلب الأمة من خلفنا، إلى أن جاء الخبر العاجل، وما جاء معه لا إسماعيل الغول، ولا أنس سعد، ولا محمد عياش ولا محمد قريقع، ولا أكثر من مئتي صحافي، كانوا ينقلون لنا الحقيقة، فتحولوا جميعا إلى الحقيقة ذاتها، إذ لا أحد سيُكذب بأن الصهاينة يغتالون الحقيقة، وكلما نجت ومضة منها، قذفوها بالنار وبالأحقاد وبالجوع.
كلهم غادروا وغادرت كاميراتهم وميكروفوناتهم، في خبر عاجل، كما غادر إسماعيل هنية ويحيى السنوار، والأطفال أيمن وهند، وعائلات وسجلّات مدنية بالكامل، في خبر عاجل، وبقي في الأرض الخبر العاجل وحده يترصد مزيدا من الضحايا ومن الأخبار العاجلة.
لقد طال عمر العدوان على أبناء فلسطين وصار جزءا من العمر، وبلغ التقتيل أفرادا، هم في الأصل يومياتنا وذكرياتنا، فصار القتل، قتلنا معهم، وبلغ الوجع روح الروح، بعد أن فقد كل فلسطيني روح روحه وهو في الأصل، روح من روحنا.
ما تقوم به الآلة الصهيونية ومن يدعمها بالسلاح وبالمال وبالرضا وحتى بالصمت، هو ليس أذى طال أسرا فلسطينية أو عربية أو مسلمة فقط، وإنما طال الإنسان، وثورة المتأذي طال الزمن أم قصُر، قادمة لا محالة، وحينها لن يكون للخبر العاجل.. عواجل بعده.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post “إسرائيل” تقتل أفرادا من أسرتنا appeared first on الشروق أونلاين.