ماذا بعد القمة؟

أ د. عمار طالبي/ دار لقمان على حالها، فكانت القمة بعد خراب البصرة، سمعنا كلاما كثيرا وخطبا بعضها رنّان، وغضبا، وأغلب ما ورد في البيان إحالة المسألة إلى مجلس الأمن، وتحميله المسؤولية، بدل أن يتحملوا هم هذه المسؤولية، وهم يعلمون مصائر المجتمع الدولي، وتأييده في أغلبه للصهاينة وإعلامهم، وهم يعلمون علم اليقين بعد هذا كله …

سبتمبر 30, 2025 - 17:19
 0
ماذا بعد القمة؟

أ د. عمار طالبي/

دار لقمان على حالها، فكانت القمة بعد خراب البصرة، سمعنا كلاما كثيرا وخطبا بعضها رنّان، وغضبا، وأغلب ما ورد في البيان إحالة المسألة إلى مجلس الأمن، وتحميله المسؤولية، بدل أن يتحملوا هم هذه المسؤولية، وهم يعلمون مصائر المجتمع الدولي، وتأييده في أغلبه للصهاينة وإعلامهم، وهم يعلمون علم اليقين بعد هذا كله أن الولايات المتحدة حليف للصهاينة، تأخذ مصالحها كاملة، وتقيم قواعدها العسكرية، وتأخذ أموال الخليج، وثرواته التي تتحول إلى أسلحة يقتل بها الصهاينة المسلمين، في غزة والضفة وغيرها من أراضي سوريا التي أصبحت تحت تصرف أمريكا وإسرائيل تتفاوض معها وتنوي عقد اتفاقات معها، ثم التطبيع، كما طبع قبلها شيطان العرب وذيل الصهاينة، والبحرين وغيرهما.
خاب ظن الناس في نتائج القمة والثرثرة الطنانة، والكلمات الجوفاء، والتنديدات التي لا أثر لها، كأنهم ينتظرون أن يأخذ نتنياهو الهيمنة على المنطقة، والتحكم في مصائرهم، ويرى حاكم السعودية أن إسرائيل الكبرى اطلع عليها، ولا تشمل السعودية ولذلك فلا شأن له بذلك، كما صرح لأحد الصحفيين الأمريكان باللغة الانجليزية.
فهو مطمئن تمام الاطمئنان أن قضية فلسطين لا تهمه، وأن أمريكا تحميه، وما هي بحامية له، تأخذ أمواله وتحتقره، وتذله. إن أمثال هذه العقلية المستسلمة، الخانعة لا يرجى منها ردع، ولا تهديد حقيقي ولا منع لأجوائها، من طيران الصهاينة، وعربدتهم، وما معنى أن تتصدى الأردن لصواريخ إيران حماية للصهاينة، ولا تتصدى لطيران الصهاينة، وهي تمر على أجواء الأردن وسمائها، بسلام وأمن، وما معنى أن تصدر الإمارات بيانا تدين فيه عملية القدس، التي تنتقم من عدوان الصهاينة والمستوطنين الذين يقتلون الفلسطينيين، ويحرقون بيوتهم ومزارعهم، ليس لهذا معنى سوى مناصرة الأعداء على إخوانهم، معاذ الله إنهم ليسوا إخوانهم، وإخوانهم إنما هم الصهاينة؟.
وما معنى أن يدفع الخليج أتاوة حرب الخليج الأولى والثانية ويعوض بعضهم خسائر الصهاينة في هذه الحرب على غزة؟
إننا يئسنا من هؤلاء العرب الذين رضوا لأنفسهم الذل والهوان والتبعية المطلقة، وتكريم الولايات المتحدة بأموالهم عن سخاء وطواعية، وهي أموال الأمة الإسلامية، يمدونها سفاهة وحماقة وضعفا وتبعية، فيا له من كرم عربي وسخاء خليجي بلا حساب؟ يموت المسلمون جوعا وقتلا، وتبذل أموالهم إلى الأعداء يتمتعون بها، وينعمون، إنه عمل لا منطق فيه ولا معقولية، ولا رجولة، ولا غيره.
لعل الهمة والشرف، والغيرة، والرجولة تأتي عاصفتها من العجم، من ماليزيا، وباكستان، وإيران، وتركيا، وهم أغلبية المسلمين في آسيا، ومن نراه من تحالف باكستان مع السعودية أخيرا، وما يمكن أن يتبعه بادرة عزة وكرامة، تشرف العالم الإسلامي، وتعتز به الأمة الإسلامية، وبذلك تنهض الأمة من انقسامها وتخلفها وتستأنف الدخول في الحضارة من جديد على أساس من العلم والقيم.
إننا أمام حرب صليبية جديدة، فهذا وزير الخارجية الأمريكية يكتب كتابا يدعو فيه إلى حرب دولية جديدة، لمحاربة العالم الإسلامي، وتقويض وجوده.
إننا أمام الدفاع عن وجودنا، وجود الأمة الإسلامية، أما آن لنا أن نكف عداوة بعضنا لبعض، وقتال الأخ لأخيه، إنه مرض عضال كما نرى ذلك في السودان، فالمسلمون مسؤولون عن ضعفهم وفساد شأنهم.