الصين وتوسّع النفوذ الرقمي في إفريقيا عبر تكنولوجيا المراقبة
شهدت العلاقات بين الصين وإفريقيا خلال العقدين الأخيرين تطوراً لافتاً لم يقتصر على الاستثمارات التقليدية في مجالات البنى التحتية والطاقة والتجارة، بل امتدّ إلى قطاعات أكثر حساسية تتعلق بالفضاء الرقمي والأمن الداخلي. فبكين التي تسعى إلى تعزيز موقعها كقوة عالمية منافسة للغرب وجدت في القارة الإفريقية مجالاً واسعاً لترويج تكنولوجيا المراقبة والذكاء الاصطناعي، خاصة من […] The post الصين وتوسّع النفوذ الرقمي في إفريقيا عبر تكنولوجيا المراقبة appeared first on الشروق أونلاين.


شهدت العلاقات بين الصين وإفريقيا خلال العقدين الأخيرين تطوراً لافتاً لم يقتصر على الاستثمارات التقليدية في مجالات البنى التحتية والطاقة والتجارة، بل امتدّ إلى قطاعات أكثر حساسية تتعلق بالفضاء الرقمي والأمن الداخلي.
فبكين التي تسعى إلى تعزيز موقعها كقوة عالمية منافسة للغرب وجدت في القارة الإفريقية مجالاً واسعاً لترويج تكنولوجيا المراقبة والذكاء الاصطناعي، خاصة من خلال مشروعات “المدن الآمنة” التي تقودها شركات مثل هواوي وزد تي إي. هذه المشروعات وإن كانت تُقدَّم على أنها حلول لمواجهة الجريمة والإرهاب، فإنها تثير في المقابل تساؤلات جدّية حول الخصوصية والحريات العامة والسيادة الرقمية. لقد تحولت إفريقيا إلى ساحة اختبار لنموذج أمني صيني يقوم على الدمج بين التكنولوجيا المتطورة والرقابة السياسية، ما يجعل من هذه الظاهرة إحدى أبرز معارك النفوذ في القرن الحادي والعشرين سوق جاذب وضعف في التشريعات تحولت القارة الإفريقية خلال العقدين الأخيرين إلى ساحة رئيسية لاختبار النفوذ التكنولوجي الصيني، إذ وجدت الشركات الصينية في ضعف البنى التشريعية والرقابية فرصة سانحة لتوسيع أنشطتها. فوفقاً لتقارير متخصصة، أبرمت أكثر من 22 دولة إفريقية عقوداً مع شركات مثل هواوي وزد تي إي في مجال البنى التحتية الرقمية، وهو ما جعل الصين المزود الأول لشبكات الاتصالات في القارة. هذا التوسع لم يكن محصوراً في تقنيات الجيل الرابع والخامس، بل امتد إلى مشاريع مرتبطة بالمراقبة والذكاء الاصطناعي تحت غطاء تحسين الأمن العام. في دول مثل نيجيريا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا، وُقّعت عقود ضخمة مع شركات صينية لبناء مراكز بيانات ضخمة وربطها بشبكات مراقبة ذكية، غالباً بتمويل سخي من بنوك صينية مثل بنك التصدير والاستيراد الصيني، ما يجعل الحكومات المحلية أقل عبئاً من الناحية المالية وأكثر تبعية للقرار الصيني من الناحية الاستراتيجية
ما يعزز هذا التوسع هو غياب تشريعات صارمة لحماية البيانات في معظم الدول الإفريقية، حيث لا يتجاوز عدد الدول التي اعتمدت قوانين شاملة لحماية البيانات 15 من أصل أكثر من 50 دولة، فيما لم يصادق سوى ثلث الدول على الاتفاقية الإفريقية للأمن السيبراني وحماية البيانات. هذا الفراغ القانوني يجعل الحكومات قادرة على تمرير مشاريع مراقبة واسعة دون نقاش برلماني أو رقابة مجتمعية، كما يسمح للشركات الصينية بالعمل دون الخضوع لشروط صارمة كتلك المفروضة في أوروبا أو أمريكا الشمالية. النتيجة هي أن السوق الإفريقي أصبح مثالياً لبكين: طلب متزايد على الأمن الرقمي، قدرة شرائية محدودة تجعل الأسعار الصينية المنافسة جذّابة، وغياب آليات رقابة فعّالة تتيح التوسع بلا قيود استخدامات إشكالية ومثيرة للجدل.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post الصين وتوسّع النفوذ الرقمي في إفريقيا عبر تكنولوجيا المراقبة appeared first on الشروق أونلاين.