ملاحظات متابع لقطاع الأوقاف بالجزائر (2)
د.مـوسى عبد اللاوي */ 2/ المرحلة الثانية: صدور القانون رقم: 91-10 وعلى هذا الأساس وبتاريخ 12 شوال 1411 هـ الموافق لـ 27 افريل 1991 م صدر قانون الأوقاف تحت رقم 91/10 الذي اقر الحماية والتسيير والإدارة إلى السلطة المكلفة بالأوقاف (وزارة الشؤون الدينية والأوقاف)، وإدارات على مستوى مختلف المصالح الإدارية التابعة لها. الذي يحتوي على …

د.مـوسى عبد اللاوي */
2/ المرحلة الثانية: صدور القانون رقم: 91-10
وعلى هذا الأساس وبتاريخ 12 شوال 1411 هـ الموافق لـ 27 افريل 1991 م صدر قانون الأوقاف تحت رقم 91/10 الذي اقر الحماية والتسيير والإدارة إلى السلطة المكلفة بالأوقاف (وزارة الشؤون الدينية والأوقاف)، وإدارات على مستوى مختلف المصالح الإدارية التابعة لها. الذي يحتوي على 07 فصول نذكرها:
– أحكام عامة
– أركان الوقف وشروطه
– اشتراطات الواقف
– التصرف في الوقف
– مبطلات الوقف
– ناظر الوقف
– أحكام مختلفة
3/ المرحلة الثالثة: صدور المرسوم التنفيذي رقم 98/381
والمحدد لشروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، وقد بين هذا المرسوم على الخصوص ما يلي:
– أجهزة التسيير
– طرق إيجار الأملاك الوقفية
– مجالات صرف ر يوع الأوقاف
– التسوية القانونية للأملاك الوقفية
– إنشاء صندوق مركزي للأملاك الوقفية
4/ المرحلة الرابعة: صدور القانون رقم 01-07 (2001):
تم تعديل قانون الأوقاف رقم 91-10 بالقانون 01-07 الصادر عام 2001، والذي اهتم بتنمية الأوقاف واستثمارها
5/ المرحلة الخامسة: صدور القانون رقم 02-10 (2002):
صدر القانون رقم 02-10 في عام 2002، والذي فصل بين الأوقاف العامة والخاصة فيما يتعلق بالاستثمار، مع التركيز على الاستثمار والرعاية للأوقاف العامة.
6/ المرحلة السادسة: تطورات متميزة»2002/2025
صدرت العديد من المراسيم مثل:
1/مرسوم تنفيذي رقم: 14/70 مؤرخ في: 10/02/2014 يحدد كيفيات إيجار الاراضي الوقفية المخصصة للفلاحة.
2/ مرسوم تنفيذي رقم: 18/2013 المؤرخ في: 20 أوت 2018يحدد شروط وكيفيات استغلال العقارات الوقفية الموجهة لإنشاء مشاريع استثمارية وقفية.
القرارات الوزارية المشتركة مثل:
1/ القرار الوزاري المشترك مؤرخ في: 10/09/2018 يحدد كيفيات تحويل حق الانتفاع الدائم أو حق الامتياز الى حق ايجار بالنسبة للأراضي الوقفية المخصصة للفلاحة المسترجعة من الدول.
كما صدرت العديد من القوانين والتعليمات التي تحدد كيفية إدارة الأوقاف وصندوق الأوقاف المركزي وكيفية ضبط الإيرادات والمصروفات الوقفية.
بشكل عام، يمكن القول إن التسلسل القانوني للأوقاف في الجزائر بعد الاستقلال مر بمراحل مختلفة، بدأت بفترة فراغ قانوني ثم تطورت من خلال قوانين ولوائح تنظيمية وإدارية متتالية، بهدف حماية الأوقاف وإدارتها واستثمارها بما يخدم المصلحة العامة.
بغض النظر عن إيجاد الأساس القانوني التي قامت به وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لمعالجة التسيير العشوائي والوضعية الهشة التي كانت توجد فيها الأوقاف من جميع النواحي سواء الإدارية أو المالية أو العقارية، فقد سطرت الوزارة أهدافا مرحلية بغرض إيجاد قاعدة متينة من أجل تطوير التسيير المالي والإداري.
وعلى هذا الأساس فإن جهود الوزارة للنهوض بالأوقاف قد مرت بمراحل عدّة، نذكر من بينها:
1- ترقية أساليب التسيير المالي والإداري:
وقد عملت الوزارة على تحقيق هذا الهدف من خلال إعداد المذكرات والتعليمات في مجال التسيير المالي والإداري لا سيما:
•إعداد الملفات للأملاك الوقفية وتوحيد الوثائق الإدارية الخاصة بتسييرها (منشور الملك الوقفي، وبطاقة الملك الوقفي).
•• تسيير الإيجار وكل المسائل المرتبطة به (عقود الإيجار، طرق تقييم الإيجار، الترميم والإصلاح).
•• ضبط الوضعية المالية من خلال التقارير المالية الثلاثية.
2- تحيين قيمة إيجار الأملاك الوقفية:
لقد شرعت الوزارة في مراجعة قيم إيجار الأملاك الوقفية مع محاولة تطبيق إيجار المثل (السوق) عند الإمكان، وقد ركزت في البداية على المحلات التجارية والمرشات والأراضي الفلاحية، أما بالنسبة للسكنات الوقفية الوظيفية فان جهود الوزارة تركزت حول إبرام العقود مع المستأجرين والذين هم غالبا من موظفي القطاع، والعمل على زيادة الإيجار بالتراضي وبنسب متدرجة وكذلك على تسديد مخلفات الإيجار.
3- حصر الأملاك الوقفية:
قامت الوزارة بعملية حصر الأملاك الوقفية على مستوى الوطني، وذلك بإعداد جرد عام من خلال إنشاء بطاقية وطنية وسجلات الجرد للأملاك الوقفية المستغلة وكذلك بالنسبة للمساجد والمدارس القرآنية.
4- البحث عن الأملاك الوقفية:
لقد تمكنت الوزارة من خلال عملية البحث عن الأملاك الوقفية التي شرعت فيها منذ مدة من اكتشاف واسترجاع وتسوية الكثير منها، وإن حجم الأوقاف يفوق بكثير حجم الأملاك المعروفة التي تسهر على تسييرها الوزارة.
وقد اعتمدت في عملها على الخبراء العقاريين وبالتنسيق مع مصالح وزارة المالية (أملاك الدولة والحفظ العقاري ومسح الأراضي) والتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية.
5- التسوية القانونية للأملاك الوقفية:
تعتبر التسوية القانونية للأملاك الوقفية المرحلة الحاسمة التي تسبق عملية الاستثمار الوقفي حيث لا يمكن الدخول في هذه المرحلة دون الحصول على عقود وسندات رسمية للأراضي الوقفية الصالحة للبناء.
ولقد تطلبت التسوية القانونية عناية وتركيزا خاصين من أجل التوثيق الرسمي للأملاك الوقفية وشهرها لدى مصالح الحفظ العقاري، ونشير هنا أن هذه العملية تختلف حسب نوع ووضعية الأملاك الوقفية المعروفة والمستغلة بإيجار والتي ليست لها سندات رسمية، أو أملاك وقفية مجهولة وتم اكتشافها في إطار عملية البحث أو أنها مخصصة للشعائر الدينية.
ولقد عملت الوزارة على الاستفادة من التشريعات العقارية السارية المفعول قدر الإمكان، كعملية إعداد المسح العام للأراضي حيث حصلت على الدفاتر العقارية للأوقاف الواقعة في المناطق التي يتم فيها عملية المسح.
وقد تم اتخاذ الأساس القانوني للتسوية القانونية للأملاك الوقفية بالتنسيق مع وزارة المالية، وبعض الوزارات المعنية في صيغة تعليمات وزارية مشتركة أدت كلها إلى تسارع وتيرة التسوية القانونية للأملاك الوقفية.
6- الاستثمار الوقفي:
تعد عملية الاستثمار الوقفي محصلة المراحل السابقة التي عرفتها الأملاك الوقفية ابتداء من حصرها و البحث عنها و استرجاعها إلى غاية تسوية وضعيتها القانونية بإعداد سندات رسمية لها و قد عملت الوزارة على تعديل قانون الأوقاف رقم 91/10 بموجب القانون رقم 01/07 المؤرخ في 28 صفر 1422 الموافق لـ 22 ماي 2001 و ذلك لفتح المجال لتنمية و استثمار الأملاك الوقفية سواء بتمويل ذاتي من حساب الأوقاف (خاصّة بعد ارتفاع مداخيل الأوقاف)، أو بتمويل وطني عن طريق تحويل الأموال المجمعة إلى استثمارات منتجة باستعمال مختلف أساليب التوظيف الحديثة.
وقد عملت الوزارة على بعث مشاريع وقفية نذكر من بينها:
أ- مشروع بناء مركز تجاري وثقافي بوهران:
يتم تمويله من طرف مستثمر خاص على أرض وقفية، ويشتمل المشروع على مرش به أربعون غرفة – مركز تجاري – مركز ثقافي إسلامي – موقف للسيارات وبلغت نسبة الانجاز به نسبة 90 %.
ب – مشروع بناء 42 محلا تجاريا بولاية تيارت:
يدخل هذا المشروع في إطار عملية استغلال الجيوب العقارية الواقعة بالمحيط العمراني بكل الولايات ولصالح فئة الشباب، وقد تم تمويله من صندوق الأوقاف.
ج – مشاريع استثمارية بسيدي يحيى ولاية الجزائر:
تتمثل في انجاز مراكز تجارية وإدارية على ارض وقفية ممولة كلها من طرف مستثمرين خواص بصيغة الامتياز (Concession) مقابل مبالغ مالية قدّرها الخبير العقاري المعتمد المختص.
و – مشروع استثماري بحي الكرام (مكايسي) ولاية الجزائر:
يعتبر نموذجا للاستثمار الوقفي، لما تميز به من مرافق اجتماعية وخدمات تتمثل في:
مسجد، 150 سكنا، 170 محلا تجاريا، عيادة متعددة التخصصات، فندق، بنك، دار الأيتام، زيادة على المساحات الخضراء.
تجري هذه الأعمال طبقا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية المنبثقة من حرصه على بعث مؤسسة الأوقاف من جديد لتؤدي دورها المنوط بها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية
وعليه يمكن الإشارة للملاحظات التالية على هذا التنظيم الجديد رقم: 25-06 مؤرخ في 23 محرم عام 1447 الموافق 19 يوليو سنة 2025، الخاص بتنظيم الأوقاف المنشور في الجريدة الرسمية العدد:47.
أولا: إن مشروع قانون الأوقاف الجديد، يمثل نقلة نوعية في مسار التطور التشريعي للمنظومة الوقفية في الجزائر، ويجسد رؤية استشرافية تتماشى وتوجهات بناء الجزائر الجديدة.
ثانيا: القانون الجديد يأتي في سياق تفعيل التزامات السيد رئيس الجمهورية، وتنفيذا لتوجيهاته المتعلقة برقمنة كل مراحل إحصاء الأملاك الوقفية واعتماد حوكمة عصرية قائمة على الشفافية والنجاعة المعلوم أنه ليس من خصائص النظام القانوني التفصيل في المواد القانونية، لكن بعض العناصر الاساسية بحاجة إلى تفصيل في هذا النظام، والبعض الآخر بحاجة إلى تعليمات أو مذكرات عملية تطبيقية من قبل الجهات المعنية وخاصة ما يتعلق بالاستثمار في مجال الأوقاف…
– فمثلا الاستثمار في أي منتوج الهدف هو تحقيق الأرباح مع تحمل الخسائر من الطرفين أو الأطراف، ومعروف أن المشاركة في الربح والخسارة على حسب رأس المال المساهم به هي أهم خاصية في أي استثمار، فكيف يكون الاستثمار في الأوقاف وأصلها ملك لله عزوجل؟.
ثالثا: مواد هذا النظام في مجملها تستجيب لمتطلبات هذه المرحلة، على أن تصدر في المراحل اللاحقة مذكرات أو تعليمات عمل تطبيقية من حيث المعالجة المحاسبية، والحوكمة الشرعية، والسيولة، والاستثمار الجماعي، ورفع التقارير، وتطوير المنتجات…
مع أن الإشارة إلى أن إعداد المشروع تم وفق مسار تشاركي عميق، انطلق بتشكيل لجنة تقنية ضمت نخبة من الكفاءات من داخل القطاع وخارجه، امتدت مشاوراتها لـ 15 شهرا، وانعقدت خلالها أكثر من 25 جلسة بمشاركة ممثلين عن عدة قطاعات وزارية وخبراء ومؤسسات أكاديمية واقتصادية.
و مشروع القانون مر بعدة مراحل، انطلاقا من لجنة التربية والتعليم العالي والشؤون الدينية والاوقاف بالمجلس الشعبي الوطني الذي دعانا مع مجموعة من الخبراء في مجال الاوقاف لدراسة ومناقشة الاختلافات والاقتراحات الجديدة التي ستضاف لمشروع قانون الاوقاف الجديد وبعد عدة جلسات اختتمت بيوم دراسي بالمجلس الشعبي الوطني مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ثم اخذ القانون مسارا آخر عن طريق وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي بادرت بعرضه لأول مرة على الحكومة بتاريخ 20 مارس 2024، قبل أن يناقش ويعتمد من طرف مجلس الوزراء في 7 أفريل المنصرم، مع الاشارة أن المجلس الشعبي الوطني صادق عليه في جلسة علنية يوم 22 أفريل الماضي، ثم تم إحالته على مجلس الأمة بتاريخ 16 جوان 2025 حيث تمت مناقشته والمصادقة عليه نهائيا
يتبع
* أستاذ جامعي وإطار سابق بقطاع الشؤون الدينية والأوقاف