اجتماع رؤوس الصهيونية العالمية في البيت الأبيض لسرقة قطاع غزة!
أ. عبد الحميد عبدوس/ بعد عشرة أيام من الإعلان الرسمي، من طرف الأمم المتحدة، عن وجود حالة المجاعة في قطاع غزة الخاضع لسياسة الحصار الإجرامي الصهيوني بمنع إدخال الغذاء والدواء إلى القطاع منذ شهر مارس الماضي، عقدت مجموعة من عبدة الدولار وخادمي الصهيونية العالمية اجتماعا في البيت الأبيض خصص لوضع تصور حول كيفية حكم غزة …

أ. عبد الحميد عبدوس/
بعد عشرة أيام من الإعلان الرسمي، من طرف الأمم المتحدة، عن وجود حالة المجاعة في قطاع غزة الخاضع لسياسة الحصار الإجرامي الصهيوني بمنع إدخال الغذاء والدواء إلى القطاع منذ شهر مارس الماضي، عقدت مجموعة من عبدة الدولار وخادمي الصهيونية العالمية اجتماعا في البيت الأبيض خصص لوضع تصور حول كيفية حكم غزة وإعادة إعمارها بعد تدميرها. ضم الاجتماع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وصهره ومبعوثه السابق إلى الشرق الأوسط جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير . ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر. رغم أن محور الاجتماع هو قضية فلسطينية خالصة، إلا أن الاجتماع لم يحضره أي ممثل فلسطيني. وذكرت الأنباء أن» بلير وكوشنر سيناقشان أفكارا لكيفية حكم غزة من دون وجود حماس في السلطة». في نفس اليوم الذي انعقد فيه اجتماع البيت الأبيض (الأربعاء 27 أوت 2025)، عقد مجلس الأمن اجتماعا دوليا اتفق فيه جميع أعضاؤه، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، على أن المجاعة في غزة «أزمة من صنع البشر»، وحذروا من أن استخدام التجويع سلاحا في الحرب محظور بموجب القانون الدولي الإنساني.
مازال الطاغية الأمريكي، دونالد ترامب، مصرا على مكافأة حليفه المجرم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على جرائمه المرتكبة في حرب الإبادة والتهجير والتجويع ضد الفلسطينيين.كما أنه مازال متمسكا ـ على ما يبدوـ بحلمه المجنون القائم على إفراغ قطاع غزة من سكانه، سواء عن طريق الإبادة أو بواسطة التهجير القسري، لإقامة مشروعه الاستثماري في غزة. هذا ما عبر عنه بوضوح الإرهابي، بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي الذي قال بصراحة إن: «من لا يُقتل بالرصاص في غزة سيموت جوعاً». ولأن الطاغية، دونالد ترامب، قد حدد موعد الشروع في تنفيذ خطته فور توقف العمليات العسكرية في غزة، فإن الجيش الإسرائيلي، أعلن يوم الجمعة الماضي، 29 أوت المنصرم «إنه بدأ العمليات التمهيدية والمراحل الأولية للهجوم على مدينة غزة». وقال الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنه «بناء على تقييم الوضع وتوجيهات المستوى السياسي تقرر أنه ابتداء من اليوم (الجمعة) في تمام الساعة 10:00 لا تشمل حالة الهدنة التكتيكية المحلية والمؤقتة للأنشطة العسكرية منطقة مدينة غزة والتي ستعتبر منطقة قتال خطيرة».
إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق عملياته التمهيدية لاحتلال قطاع غزة، لا يعني أنه سيفلح في تحقيق أهدافه في هزيمة فصائل المقاومة الفلسطينية التي تعتزم التصدي للوحش الصهيوني بكل قوة وبطولة وتصميم واستبسال. فبعد الإعلان الإسرائيلي، أكد المتحدث الرسمي باسم كتائب «القسام» المجاهد، أبو عبيدة، أن: «خطط العدو الإجرامية باحتلال غزة ستكون وبالاً على قيادته السياسية والعسكرية وسيدفع ثمنها جيش العدو من دماء جنوده وستزيد من فرص أسر جنود جدد». وبعد ساعات قليلة من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق العمليات التمهيدية لاحتلال غزة، ضجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأخبار عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين الغزاة وتدخل المروحيات الإسرائيلية لنقل جثت القتلى، عدد من المصابين. وكمثال على التبجح الإسرائيلي الكاذب عن تحقيق النصر وهزيمة المقاومة، فقد ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي المجرم، بنيامين نتنياهو، في 19 مارس 2024 أمام مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي بأن «النصر في غزة والنيل من القيادة العليا لحركة حماس في القطاع لا يفصلهما سوى أسابيع قليلة … فالنصر في متناول اليد… إنها بضعة أسابيع». لكن، بعد مرور أكثر من 100 أسبوع و693 يوما على حرب غزة، ما زال حلم النصر بعيدا عن أنياب الوحش نتنياهو وجيشه المأزوم الذي يتلقى المزيد من الضربات والنكسات.
وإذا كان الطاغية ،دونالد ترامب، قد قال لأعضاء فريقه الرئاسي ـ حسب موقع «أكسيوس» الأمريكي ـ إنه: «لم يعد يستطيع مشاهدة أحداث غزة»، فإن ما يحرك كوابيسه، في غزة، ليس مأساة الأطفال الذين يموتون جوعا يوميا، ولا منظر المستشفيات التي تحترق بفعل القصف الإجرامي الإسرائيلي، ولا مشاهد البيوت المنهارة على رؤوس ساكنيها، لكنه إحساسه بعدم قدرة حليفه المجرم،بنيامين نتنياهو، على حسم الحرب في غزة رغم الإمكانيات العسكرية الهائلة ووسائل التدمير المروعة، وحجم الدعم الدولي الاقتصادي والدبلوماسي المتوفرين له بشكل غير مسبوق. مما يعطل تنفيذ مشروع المقامر ترامب، لتحويل غزة الشهيدة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».
الطاغية، دونالد ترامب، الذي بدأ مسيرته مقاولا عقاريا ،لم يتخل أبدا عن أطماعه الاستثمارية، وعشقه المتأصل لعقد الصفقات الرابحة. خلال فترة رئاسته الأولى في البيت الأبيض، وضع خطة سلام طويلة الأجل للمنطقة تضمنت التنمية الاقتصادية لغزة، والتي رفضها الفلسطينيون آنذاك. وبعد أسبوعين من بداية عهدته الثانية، قال في 9 فيفري 2025، «إن الولايات المتحدة ستشتري غزة وقد تُمنح لدول أخرى في الشرق الأوسط لإعادة بنائها». في 10 فبراير، أكد أنه لن يسمح لسكان غزة بالعودة إليها، وفي شهر ماي 2025، قال عن غزة: «سأكون فخورا لو امتلكتها الولايات المتحدة وأخذتها وجعلتها منطقة حرية».
حقيقة الأمر، إن إعادة إعمار غزة هو حق أريد باطل، فقد كانت القمة العربية قد تبنت خلال انعقادها في شهر مارس الماضي مقترحا مصريا لوضع خطة عربية بمبلغ 53 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، ورغم التأييد الشديد للأمم المتحدة لخطة الإعمار العربية لقطاع غزة، إلا أنها قوبلت برفض أمريكي وإسرائيلي، مما يكشف بوضوح أن مقترحات رؤوس الصهيونية العالمية حول إعادة اعمار قطاع غزة الذي دمرته الهمجية الإسرائيلية، تهدف لتحقيق مكاسب استثمارية وتسهيل استيطانها من طرف الغزاة الصهاينة، وليس لتوفير الحياة الكريمة لسكان غزة من الفلسطينيين.
الجدير بالذكر، أن ابرز الشخصيات التي حضرت اجتماع البيت الأبيض حول اليوم التالي في غزة، كلهم لهم تاريخ عريض وحافل في خدمة الصهيونية العالمية، فرجل الأعمال الأمريكي اليهودي، جاريد كوشنر، اقترح في شهر فيفري 2024، إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوبي إسرائيل، أو إلى مصر، حتى ينهي الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في رفح، مؤكدا على إن إسرائيل يجب أن تكون أولويتها القصوى هي نقل المدنيين من رفح وإقناع مصر بقبول اللاجئين الفلسطينيين عبر الدبلوماسية. اهتمام المقاول، جاريد كوشنر، بمستقبل قطاع غزة، نابع من إعجابه بجمال الواجهة البحرية لقطاع غزة ومن أطماعه الاستثمارية في تحويلها إلى منتجعات سياحية فخمة، معتبرا أن: «الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة..».
لقد حاول جاريد كوشنر، في العهدة الأولى لصهره الرئيس، ترامب، لعب دور مهندس الشرق الأوسط الجديد، فكان محرك خطة «صفقة القرن» التي قامت على دفع أكبر عدد من الدول العربية إلى إبرام اتفاقيات تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لقطع الطريق أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. واستطاع جر ما لا يقل عن أربع دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) إلى الالتحاق بركب التطبيع. وبعد 7 أكتوبر 2023 اعتبر جاريد كوشنر أن: «الحديث عن إقامة دولة فلسطينية سيكون مكافأة للإرهابيين». رغم أن جاريد كوشنر لا يشغل أي منصب رسمي في الإدارة الحالية لصهره الرئيس، دونالد ترامب، إلا أن تسريبات صحفية تنسب إليه مسؤولية اختيار أغلب رجال هذه الإدارة التي يعتبرها ممثلو اليمين الإسرائيلي المتطرف وغلاة المستوطنين الصهاينة بمثابة «فريق الأحلام» للمشروع الصهيوني، ومن بينهم الوسيط الأمريكي في مفاوضات غزة، ستيف ويتكوف، الذي اقتصر دوره في المفاوضات على تبني وجهة النظر الإسرائيلية، وتحميل حركة «حماس» مسؤولية فشل مفاوضات وقف إطلاق النار، وصرح بأن شروط إسرائيل لوقف القتال في غزة ، هي نفسها شروط الرئيس دونالد ترامب.
أما رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، فهو تاجر حرب، وشريك المجرم، جورج ولكر بوش، في تدمير العراق، ومازال إلى اليوم، يحمل على يديه دماء أكثر من مليون عراقي من ضحايا حرب التحالف الأمريكي البريطاني على العراق من 2003 إلى 2011 .في جويليه الماضي (2025) كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» عن تورط مؤسسة تابعة لتوني بلير، في المشاورات المتعلقة بمشروع «ريفييرا غزة»، وإعادة توطين فلسطينيين مع شركة أمريكية. وتقول وثيقة معهد توني بلير، عن غزة ما بعد الحرب، إن الحرب في غزة «خلقت فرصة لا تحدث إلا مرة واحدة في قرن من أجل إعادة بناء غزة من أصولها كمجتمع آمن ومزدهر». أما الإرهابي الصهيوني، رون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، فهو من رموز اليمين الصهيوني، ومن أقرب المقربين من المجرم، بنيامين نتنياهو، ومن مؤيدي مطلب إخلاء قطاع غزة من سكانه، وتهجير الفلسطينيين التي هي فكرة عزيزة على غلاة المستوطنين، ومطلب إيديولوجي لقوى اليمين الإسرائيلي المتطرف.