الأسرة المسلمة في ظلّ التغيرات المعاصرة و «مشروع التربية الوجدانية لأبناء جاليتنا في الغرب» «معاً نحو بناء الشخصية الأخلاقية للطفل في البيئة الغربية»

أ. محمد مصطفى حابس جنيف/سويسرا/ تعتبر الأسرة المسلمة في الغرب موضوعًا حساسًا ومهمًا في الوقت الحالي، بل ومنذ عقود خلت، حيث تواجه تحديات متعددة في الحفاظ على هويتها الثقافية والدينية وسط مجتمعات تختلف عنها في القيم والمعتقدات. وفي هذا السياق، ومنذ تسعينات القرن الماضي تبرز اتفاقية «السيداو» الأممية (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد …

سبتمبر 2, 2025 - 16:17
 0
الأسرة المسلمة في ظلّ التغيرات المعاصرة و «مشروع التربية الوجدانية لأبناء جاليتنا في الغرب» «معاً نحو بناء الشخصية الأخلاقية للطفل في البيئة الغربية»

أ. محمد مصطفى حابس
جنيف/سويسرا/

تعتبر الأسرة المسلمة في الغرب موضوعًا حساسًا ومهمًا في الوقت الحالي، بل ومنذ عقود خلت، حيث تواجه تحديات متعددة في الحفاظ على هويتها الثقافية والدينية وسط مجتمعات تختلف عنها في القيم والمعتقدات. وفي هذا السياق، ومنذ تسعينات القرن الماضي تبرز اتفاقية «السيداو» الأممية (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) كوثيقة دولية تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة وحمايتها من التمييز، من وجهة نظر بعض الجهات من الهيئات والمؤسسات الغربية خصوصا. ومع ذلك، تثير هذه الاتفاقية جدلًا واسعًا بين المسلمين المقيمين في الغرب، حيث يرى البعض أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقيم الأسرية التي نص عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة ومصادر التشريع لدى المسلمين عموما على تعدد مذاهبهم ومشاربهم.
والأسر المسلمة في المجتمعات الغربية على تعدد أصولها وخلفياتها تُعد نموذجًا فريدًا يعكس التفاعل بين القيم الدينية والثقافية الإسلامية ومتطلبات الحياة في بيئة غربية متعددة الثقافات. إذ تواجه هذه الأسر المهاجرة خصوصا تحديات عدة تتعلق بالحفاظ على هويتها الدينية والاجتماعية وسط تأثيرات متغايرة ومتباينة وأحيانا كثيرة متضاربة. ومن جهة أخرى، تعد اتفاقية «القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» (السيداو) إحدى أبرز الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى «تعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في الغرب»، ما يطرح تساؤلات هامة حول تأثير هذه الاتفاقية على الأسرة المسلمة في الغرب خصوصا كما في الشرق اي في بلداننا الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالأدوار الاجتماعية والحقوق الأسرية للرجال والنساء وعلاقة هؤلاء بأولئك، ومتطلبات عديدة.
نحاول أن نستعرض واقع الأسرة المسلمة في الغرب، والتحديات التي تواجهها، ونرجئ مناقشة دور اتفاقية السيداو في تشكيل السياسات المتعلقة بالأسرة وحقوق المرأة في هذا السياق، في عدد قادم بحول الله..
وكذا تأثير اتفاقية السيداو على الأسرة المسلمة في الغرب، وتحليل وجهات النظر المختلفة حول هذه الاتفاقية، وبحث كيفية توفيق الأسرة المسلمة بين التزاماتها الدينية والثقافية وبين الحقوق والمسؤوليات المترتبة على هذه الاتفاقية، خاصة في البيئة الغربية حيث تصارع عائلات مسلمة بما تملك من حق ويقين للحفاظ على مقدساتها وهويتها وشعائرها التعبدية.

الأسرة المسلمة في ظلّ التغيرات المعاصرة
بالرجوع إلى إحدى أمهات الدراسات والمراجع في الموضوع في ثقافتنا الإسلامية، أذكر أننا حضرنا العام الماضي في مثل هذا الوقت تقريبا، ندوة أولى بعنوان: «الأسرة المسلمة في ظل التغيرات المعاصرة» متبوعة بورشة عمل عن التربية الاسرية في الغرب وصعوبتها وتحدياتها:
أما عنوان الندوة فكان يومها «الأسرة المسلمة في ظلّ التغيرات المعاصرة» وقد أعيد هذه الصائفة في ايطاليا وهو بالمناسبة عنوان كتاب من تأليف الدكاترة، كلّ من رائد جميل عكاشة و منذر عرفات زيتون، ونشرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي، بواشنطن دي سي (أمريكا)، الغني عن التعريف، حيث يجيب الكتاب عن تساؤلات معرفية ومجتمعية مهمة مع تشخيص فكري ومعرفي لمفهوم الأسرة ومكانتها في الفكر الإسلامي المعاصر، وتفحّصٌ علمي ومنهجي لأسس البناء ‏الأسري ومقاصده، وكشفٌ عن تأثير التحوّلات الإجتماعية في الأسرة والتحديات التي تواجهها، وتتبعٌ ‏لإنعكاسات الفكر الغربي في المنظومة القيمية للأسرة، وتبيّنٌ لبعض التجارب والخبرات في مجال المحافظة ‏على دور الأسرة، لا سيما بعد هيمنة النموذج المعرفي الغربي، ومحاولة طمسه للخصوصيات الثقافية ‏والمجتمعية.

أهم التحديات التي تواجه ‏الأسرة المسلمة في الراهن وكيفية مواجهتها
‎كما حاولت بحوث هذا الكتاب -وبالتالي جلسات الندوة – أن تجيب عن تساؤلات معرفية ومجتمعية مهمة مثل: ما أهم التحديات التي تواجه ‏الأسرة المسلمة في الراهن وكيفية مواجهتها، وما التغيرات التي طرأت على الأسرة المسلمة في ‏ظل التطورات والتسارعات المجتمعية والاقتصادية والتقنية إلخ، وما التصوّر الإسلامي لدور الأسرة في بناء ‏المجتمع، وما دور مؤسسات المجتمع المدني في الحد من تأثير الاستلاب الثقافي، وما الإسهام الذي قدمته ‏حركات الإصلاح الإسلامية في مجال المحافظة على الدور المحوري للأسرة في تشكيل الشخصية الإسلامية ‏القادرة على تفعيل النهوض الحضاري؟…‏ ‎
‎وقد أسهم المشاركون في هذا العمل الجماعي، الذين بلغ عددهم واحداً وعشرين باحثاً، في محاورة هذه الأسئلة ‏المعرفية، وفي التأسيس لمنظومة معرفية مجتمعية قادرة على الإسهام في البناء الحضاري، وفي توجيه دفة ‏الأسرة بما ينسجم مع التوجيهات الربانية والفطرة الإنسانية.‏
والكتاب لم ينشر بعد على حد علمي بالفرنسية بل نشر بالإنكليزية، بعنوان:
The Muslim Family In Light Of Contemporary Changes.
The International Institute of Islamic Thought (IIIT)
مشروع تربية وجدان الأبناء في الغرب أمّا بالنسبة للندوة التي وصلتنا لقطات منها ومن بعض أوراقها، نكتفي في هذه السانحة، بسرد مختصر لبرنامجها العام المهم والثري، على أنّ نعود، إليها بقراءة ولو مقتضبة لأهم محتوياتها. وتحت عنوان، «مشروع تربية وجدان الأبناء في الغرب»، ووفق شعار مسؤول «معاً نحو بناء الشخصية الأخلاقية للطفل في البيئة الغربية»، وبرعاية كريمة من كلّ من «أكاديمية الملتقى التربوي الدولي» و «والمعهد العالمي للفكر الإسلامي»، اشتملت الورقة على.

الفئة المستهدفة:
الشباب، المعلمون والمعلمات، الدعاة من الجاليات المقيمة في السويد وايطاليا والغرب عموما.
الهدف العام: تمكين المشاركين من المهارات والمعارف والاتجاهات اللازمة لتربية أبناء ذوي وجدان سليم في بيئة غربية.
الأهداف التفصيلية: معرفية/مهارية/ وجدانية.
1- معرفية:
فهم مفهوم «الوجدان» وأهميته في تربية الأبناء.
التعرف على العوامل المؤثرة على تطور وجدان الطفل في البيئة الغربية.
إتقان مهارات التواصل الوجداني مع الأبناء.
2- مهارية:
تطبيق تقنيات لتربية أبناء ذوي قيم أخلاقية عالية.
التعامل مع مشاعر الطفل السلبية بطرق إيجابية.
مساعدة الأبناء على حلّ مشاكلهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية.
3- وجدانية:
تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه تربية أبناء ذوي وجدان سليم.
تنمية مشاعر التعاطف والرحمة لدى المشاركين.
ترسيخ القيم الإيجابية مثل الصدق والعدل والاحترام.
محاور البرنامج:
1-مقدمة عن تربية وجدان الأبناء:
مفهوم «الوجدان» وأهميته.
العوامل المؤثرة على تطور وجدان الطفل.
التحديات التي تواجه تربية وجدان الأبناء في الغرب.
2-مهارات التواصل الوجداني مع الأبناء:
الاستماع الفعال لاحتياجات الطفل ومشاعره.
التعبير عن المشاعر بوضوح وصراحة.

حلّ النزاعات بطرق إيجابية.
3-تربية أبناء ذوي قيم أخلاقية عالية:
غرس القيم الأخلاقية في الأبناء مثل الصدق والعدل والاحترام.
تعليم الأبناء كيفية اتخاذ القرارات الصحيحة.
مساعدة الأبناء على تحمل المسؤولية.
4-التعامل مع مشاعر الطفل السلبية:
فهم أسباب مشاعر الطفل السلبية.
مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره بطرق صحية.
تعليم الطفل مهارات التعامل مع مشاعره.
5-دعم مهارات الطفل الاجتماعية:
تعليم الطفل مهارات التواصل مع الآخرين.
مساعدة الطفل على بناء علاقات إيجابية.
تعزيز الشعور بالانتماء لدى الطفل.
أساليب التدريب المستخدمة:
العروض التقديمية / المناقشات الجماعية / تمارين تمثيلية / حلّ دراسات حالة / الأنشطة التفاعلية.