بين الخطوة والألف ميل!
في خطوة تُعد سابقة لم نشهدها منذ سنوات، استطاعت وزارة التربية لهذا العام أن تُخرج امتحان شهادة البكالوريا من ثنائية الغش والاستنفار الأمني، لتعيده – ولو جزئيًا – إلى ساحته الطبيعية: امتحانًا مصيريًا بلا تهويل ولا تهوين. فقد نجحت الوزارة، بدرجة أو بأخرى، في كسر دائرة “سوسبانس” الغش التي كانت تحوم حول الامتحان، باعتباره ظاهرة …

في خطوة تُعد سابقة لم نشهدها منذ سنوات، استطاعت وزارة التربية لهذا العام أن تُخرج امتحان شهادة البكالوريا من ثنائية الغش والاستنفار الأمني، لتعيده – ولو جزئيًا – إلى ساحته الطبيعية: امتحانًا مصيريًا بلا تهويل ولا تهوين. فقد نجحت الوزارة، بدرجة أو بأخرى، في كسر دائرة “سوسبانس” الغش التي كانت تحوم حول الامتحان، باعتباره ظاهرة التصقت بالعصر الرقمي وما أفرزه من تسهيلات جعلت من امتحان الجهد والمثابرة مجرّد لعبة غش عابثة تتقاذفها الأيدي.
وزير التربية، محمد الصغير سعداوي، نجح برهان امتحان البكالوريا حين أعاد ترتيب الأولويات، مؤكّدًا أن جوهر القضية ليس امتحانًا ضد الغش، بل امتحان مصيري في حياة الطلبة. وقد تجلّى هذا النجاح في تقليص قطع الإنترنت إلى فترات وجيزة ومساحات لا تتعدى مراكز الامتحان، في خطوة تعكس تحوّلًا مهمًا في معالجة الظاهرة؛ إذ لم يعد الغش هو الحدث، بل عاد الامتحان إلى صدارته كحدث رئيسي.
الغش، باعتباره سلوكًا مشينًا، ليس حكرًا على مجتمع دون آخر أو قطاع دون غيره، بل هو ظاهرة اجتماعية شاملة. لذلك فإن مكافحته يجب أن تتم بعقلانية، بعيدًا عن التهويل أو التهوين. وهذا ما تحقق فعليًا في دورة هذا العام، حيث توازنت الصرامة في الحراسة مع احترام قدسية الامتحان، لتنجح الوزارة في تثبيت المعنى الحقيقي: أن الامتحان هو الأصل، لا الغش.