بيوتنا في رمضان

أ.عتيقة نابتي/ يقبل رمضان بروحانيته العالية فتجتمع النفوس فيه حيث تنضبط على شرف الزمان الذي تمضيه فيه وعلى توقيت المحبة تجتمع القلوب لتشترك في رحلة روحية شفافة راقية يحتاج فيها المسافر بروحه إلى حقيبة تحمل زادا خاصا، ذلك الزاد هو الاستعداد بصدق النية. ولأن النية لا تقترن فقط بعبادة الصيام والقيام، بل هي أوسع من …

مارس 10, 2025 - 15:21
 0
بيوتنا في رمضان

أ.عتيقة نابتي/

يقبل رمضان بروحانيته العالية فتجتمع النفوس فيه حيث تنضبط على شرف الزمان الذي تمضيه فيه وعلى توقيت المحبة تجتمع القلوب لتشترك في رحلة روحية شفافة راقية يحتاج فيها المسافر بروحه إلى حقيبة تحمل زادا خاصا، ذلك الزاد هو الاستعداد بصدق النية.
ولأن النية لا تقترن فقط بعبادة الصيام والقيام، بل هي أوسع من ذلك لأن رمضان رحلة تغيير ، ومن النيات المحببة في هذا نية التقوى قال الله تعالى : ( يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ولا تكون التقوى إلا بنية التوبة والمجاهدة ونية ختمات القرآن مع التدبر وتصحيح السلوك وتكثير العبادات والطاعات والقربات والجد في الالتزام بها .
والبيوت هي قطارتلك الرحلة الروحية، لأن رمضان هو شهر العبادات الجماعية، وهو شهر التعاون والتكافل والتراحم، ومن خلال بيوتنا نتعاون على التقوى والبر.
وهو شهر البركة حتى في العلاقات فالناس تحرص على ترك الشحناء منذ منتصف شعبان حتى نستقبله بنفوس نقية صفية، وهو شهر الأمان والطمأنينة والسكون والتعود على كل جميل.
في رمضان رغم أن الناس أصناف ففيهم من يصوم عن الشهوات ومن يصوم بكل جوارحه فيمنعها عن الأذى، والبيوت المطمئنة هي التي تعين على ذلك، لأنها تعي مقاصد رمضان في تهذيب النفس ، فاللهم إني صائم قاعدة نتعلم منها ضبط النفس، والعبادات مقترنة بالطاعات خاصة الجماعية منها حين يضم رب العائلة أهل بيته عند الإفطار، وعند السحور، ومع الدعاء والتضرع لله. فمن الحزم أن يتفرغ أهل البيت لتلك الأوقات المباركة، والجلوس جماعة لقراءة الورد اليومي، ومدارسة القرآن وتدبره عدا صلاة الجماعة في المساجد حيث تنضم العائلة الواحدة للصلاة نفلا وفرضا فتتجسد معاني الألفة والمودة والسكينة.
في البيوت يتعلم الطفل كيف يكف جوارحه عن الآثام، كغض البصر عما حرم الله، وحفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، وكف السمع عن الإصغاء إلى الحرام، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يَصْخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله أحد فَلْيَقُلْ إني صائم) متفق عليه.
(خالق الناس بخلق حسن)، (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) فهذا دستور الأخلاق الأولى أن نعيشه في رمضان، وفي بيوتنا والتي تقع مسؤولية نشر هذه القيم فيه على الوالدين بأن يكونوا قدوة حسنة، ثم يتعدى ذلك إلى تهذيب أهل البيت صغيرهم وكبيرهم.
في رمضان تضبط البوصلة نحو التقوى، ولصوص رمضان كثيرة تسرق الوقت والأجر، كالتلفاز والهاتف والأسواق والمطبخ والتبذير وعدم ضبط النفس، لكن إذا تعاون أهل البيت على توجيه البوصلة نحو التقوى بنية (وتعاونوا على البر والتقوى) تتضح الرؤية وتنجلي البصيرة.
فلنحرص على أن يكون هذا الشهر المبارك نقطة محاسبة وتقويم ومراجعة وتصحيح لحياة بيوتنا. ومنه المحافظة على الصلاة والورد اليومي وتدبر آيات القرآن، وتدارس سيرة الحبيب المصطفى مع أهل البيت، فشهر رمضان تتنوع فيه العبادات فهو ليس شهر نوم وكسل، وفيه نتعلم بأن للصدقة دستورا يصرفها حيث يجب سرا وعلانية وبها نتعلم أن الإسراف محرم، ومنه يجب محاسبة النفس في كل أمورها.
في رمضان يحتاج أهل البيت إلى عمل كل طاعة جماعيا، لأن الجماعة تحيي النفوس وتعين على الخير وتدرب العبد على العادات الإيجابية كلما كانت القدوة حسنة.