اللحوم المستوردة بين الحكم الشرعي والنصيحة الاقتصادية

الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com الفتوى رقم:762 الســــــــــــؤال قال السائل: أنا صاحب مطعم، وأشتري اللحوم من مؤسسة اقتصادية وطنية، ويسألني الزبائن عن مدى شرعية اللحوم التي أقدمها لهم؟ وأنا سألت المدير التجاري لمؤسسة البيع، فقال: إنها حلال. وسمعت الناس يتكلمون عن حرمتها؟ فما هو العمل؟ الجـــــــــــواب الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. …

أبريل 7, 2025 - 16:48
 0
اللحوم المستوردة بين الحكم الشرعي والنصيحة الاقتصادية

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com

الفتوى رقم:762

الســــــــــــؤال
قال السائل: أنا صاحب مطعم، وأشتري اللحوم من مؤسسة اقتصادية وطنية، ويسألني الزبائن عن مدى شرعية اللحوم التي أقدمها لهم؟ وأنا سألت المدير التجاري لمؤسسة البيع، فقال: إنها حلال. وسمعت الناس يتكلمون عن حرمتها؟ فما هو العمل؟

الجـــــــــــواب
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: لمعرفة الحلال والحرام لا بد من الرجوع إلى الكتاب والسنة: ولتأصيل هذه المسألة أقول وبالله التوفيق: إن لحوم الأنعام لها حالات: الحالة الأولى: لحوم الأنعام التي يتأكد أنها لم تذك ذكاة شرعية بالذبح، كأن يقتلون الحيوان بالصعقات الكهربائية، أو بالخنق، أو بالصَّرع، وغير ذلك فهذه لا تؤكل، لأن صعق الحيوان أو خنقه يدخل في حكم المنخنقة والمتردية والنطيحة، والله تعالى قال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ (المائدة:3) الحالة الثانية: مالم يذكر اسم الله عليه. عملا بقوله: ﴿إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ (البقرة:173) أي: ما ذكر عليه غير اسم الله أو ذبح لغير الله كقولهم باسم اللات والعزى. قال القرطبي، في الجامع: {(وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) أَيْ ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُعَطِّلِ. فَالْوَثَنِيُّ يَذْبَحُ لِلْوَثَنِ، وَالْمَجُوسِيُّ لِلنَّارِ، وَالْمُعَطِّلُ لَا يَعْتَقِدُ شَيْئًا فَيَذْبَحُ لِنَفْسِهِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمَجُوسِيُّ لِنَارِهِ وَالْوَثَنِيُّ لِوَثَنِهِ لَا يُؤْكَلُ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَذْبَحَا لِنَارِهِ وَوَثَنِهِ، وَأَجَازَهُمَا ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو ثَوْرٍ إِذَا ذَبَحَ لمسلم بأمره} (القرطبي:2/223) الحالة الثالثة: اللحوم التي تأكد أن ذكاتها تمت بطريقة شرعية، وذكر اسم الله عليها فإنها تؤكل. الحالة الرابعة: اللحوم التي يؤتى بها من بلدان فيها مسلمون وفيها غير المسلمين، ولم يعرف أَذُكِرَ اسمُ الله عليها أم لا، مع استيرادها بالاتفاق أنها مذبوحة، والشك في ذكر الله. فهذا يدخل في حكم الخبر الوارد في الحديث. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ] (البخاري: 2057. وأبو داود: 2829) وهذا إذا كان الظاهر أن الذين ذبحوا واستوردوا هم مسلمون. وإلا فالبهيمة الميتة أصلها على التحريم حتى يتيقن وقوع الذكاة، فالمسألة ليست في ذكر اسم الله فقط، وإنما في وجوب الذكاة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم. وعليه فيقال للسائل: إذا شهدت مؤسسة إسلامية أنها علمت أن لحوم الأبقار التي تستوردها مذبوحة بالطريقة الشرعية فهي حلال. وإلا فتجتنب. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم. ثانيا: ذبائح أهل الكتاب: (عندما يتأكد أنه كتابي من أهل الكتاب) ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية: قال ابن قدامة: {أجمع أهل العلم على إباحة ذبائح أهل الكتاب، لقول الله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} يعني ذبائحهم.. قال ابن عباس: طعامهم ذبائحهم، وكذلك قال مجاهد وقتادة، وروي معناه عن ابن مسعود.. وأكثر أهل العلم يرون إباحة صيدهم أيضا، قال ذلك عطاء والليث والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدا ثبت عنه تحريم صيد أهل الكتاب} (الموسوعة:7/142). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم. ثالثا: النصيحة الاقتصادية: أنه على المسلمين أن يكتفوا بما يربون من المواشي والأنعام في بلدانهم وما يذكونه هم أنفسهم، فيكفيهم ذلك، وإن لم يكفهم فيكون السؤال عن كيف نربي الأنعام، لا عن كيف نأكل ما يربيه الغير ويذبحه ولا نعرف ماذا يفعل به؟ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.