تقرير عن ملتقى الشيخ مبارك الميلي دورالخطاب المسجدي في تدعيم المرجعية الدينية
د. العمري مرزوق*/ دأبت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بولاية ميلة على تنظيم الملتقى السنوي «الشيخ مبارك الميلي» والذي رسم يوم 09 فيفري من كل سنة، وهو التاريخ الموافق لرحيل العلامة الشيخ مبارك الميلي رحمه الله. جاء الملتقى هذه السنة إحياء للذكرى الثمانين لوفاة الشيخ مبارك الميلي الموافقة للتاسع من فيفري. وقد خصص لطبعة هذه السنة …

د. العمري مرزوق*/
دأبت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بولاية ميلة على تنظيم الملتقى السنوي «الشيخ مبارك الميلي» والذي رسم يوم 09 فيفري من كل سنة، وهو التاريخ الموافق لرحيل العلامة الشيخ مبارك الميلي رحمه الله. جاء الملتقى هذه السنة إحياء للذكرى الثمانين لوفاة الشيخ مبارك الميلي الموافقة للتاسع من فيفري. وقد خصص لطبعة هذه السنة موضوع دور الخطاب المسجدي في تدعيم قواعد المرجعية الدينية وتعزيز الهوية الوطنية.
الملتقى أجريت فعالياته بقاعة المحاضرات الكبرى بديوان ولاية ميلة، افتتح الملتقى بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثمّ بالاستماع للنشيد الوطني ليتقدم بعد ذلك مدير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور كمال دراجي بإلقاء كلمته التي كانت كلمة عرض فيها إشكالية الملتقى المتمثلة في سؤال المرجعية كأحد أسئلة الراهن الفكري والديني والدعوي، وهذا ما يجعل سؤال المرجعية على ارتباط بالمسجد، وعليه تكون من مهام الرسالة المسجدية الاهتمام بالمرجعية الدينية في أبعادها المختلفة وكيفية الحفاظ عليها، ومادامت هذه المرجعية عامل وحدة فإنه يبرز بالتالي دورها في تعزيز الهوية الوطنية وهذه من المهام المنوطة بالخطاب المسجدي، ولذا خصصت طبعة ملتقى الشيخ مبارك الميلي لهذا العام لمعالجة دور الخطاب المسجدي في تدعيم قواعد المرجعية الدينية وتعزيز الهوية الوطنية.
بعدها كانت كلمة السيد والي ولاية ميلة التي أشاد فيها بالنشاط العلمي وبضرورة الاهتمام بتاريخ الشخصيات ومنهم بطبيعة الحال الشيخ مبارك الميلي الذي تحيي مدينة ميلة من خلال فضاء الشؤون الدينية والأوقاف ذكراه كل سنة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالهوية الوطنية وبالمرجعية الدينية للجزائر وهي من المهام التي يمكن للخطاب المسجدي أن يضطلع بها باعتباره خطابا له إمكانية التواصل مع شرائح المجتمع المختلفة، ليعلن السيد الوالي بعد ذلك عن الانطلاق الرسمي لفعاليات هذا الملتقى.
بعدها انطلقت أشغال الملتقى وقد توزعت جلساته على جلستين علميتين: قدمت في الجلسة العلمية أربع مداخلات كانت المداخلة الأولى بعنوان: المرجعية الفقهية الأسس والمعالم من تقديم الدكتور العربي شايشي من جامعة الجزائر. وقد تطرق في مداخلته إلى أهمية المرجعية الفقهية للجزائر المتمثلة بطبيعة الحال في الفقه المالكي مشيرا إلى أنها أحد عوامل الأمن الفكري، وأنها آلة تحمى بها الوحدة الوطنية والنسيج الإجتماعي، وذهب إلى القول بأنها من الوسائل التي تبنى بها الأوطان والحضارات، مشيرا إلى أن ذلك لا يتنافى مع التعدد الثقافي.
أما المحاضرة الثانية فكانت من تقديم الدكتور نذير حمادو أستاذ الفقه وأصوله بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة والذي كانت مداخلته بعنوان حقيقة المرجعية الدينية في الجزائر، وإن كان تركيزه على المرجعية الفقهية المالكية لكنه أشار إلى المرجعية الدينية للجزائر بشكل عام؛ أي في العقيدة والفقه والسلوك وهذا كما قال ابن عاشر قديما:
في عقد الأشعري وفقه مالك *** وفي طريقة الجنيد السالك
بعده كانت محاضرة الدكتور نصر الدين وراش وهو مفتش مركزي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف والتي كانت بعنوان: التيارات والتحديات المهددة للمرجعية والدينية والوحدة الوطنية.. وقد كان تركيزه على القراءات الجديدة للنص الديني أو ما يعرف بالقرءات الحداثية كأعمال محمد شحرور ومحمد أركون… وغيرهما. وقد ركز المحاضر على دعوات اللا انضباط التي تعمل هذه القراءات على تأسيسها والترويج لها مبينا مخالفتها للمرجعية الأصيلة.
ثم كانت محاضرة الدكتور حمزة بونعاس من جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة بعنوان: مرتكزات الخطاب المسجدي والمرجعية الدينية الوطنية. عالج فيها بطريقة إعلامية استقرائية مرتكزات الخطاب المسجدي وأثره في الفضاء الإجتماعي من خلال عمليات إحصائية قام بها ميدانيا وانتهى إلى أن هناك عودة إلى الاهتمام بالمرجعية الدينية الوطنية.
أما الجلسة العلمية الثانية فقد تضمنت ثلاث مداخلات، كانت الأولى للدكتور عبد العزيز فيلالي رئيس مؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس بقسنطينة بعنوان: جهود الإمام عبد الحميد بن باديس في ترسيخ القيم الدينية والوعي الوطني، تتبع فيها كتابات ابن باديس في دفاعه عن الإسلام وعن الجزائر، ثم كانت محاضرة الدكتور مسعود بريكة أستاذ التاريخ بجامعة سطيف والتي كانت بعنوان: الوطنية في فكر الشيخ البشير الإبراهيمي، أشار فيها إلى إسهامات رجال جمعية العلماء في محاربة الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي حاول القضاء على عناصر الهوية الوطنية كعمله على تزوير التاريخ، ومحاربة اللغة العربية، والعمل على تحويل المساجد إلى كنائس…وغير ذلك.
وكانت آخر محاضرة من تقديم الدكتور مرزوق العمري أستاذ العقيدة بجامعة باتنة بعنوان: جهود علماء الجزائر في خدمة المرجعية العقدية. تطرق فيها إلى ماهية المرجعية العقدية، ثمّ أثبت هذه المرجعية من خلال ما قرره علماء الجزائر كأبي القاسم الحفناوي في كتابه تعريف الخلف برجال السلف، ثم بين طبيعة جهود علماء الجزائر في خدمة هذه المرجعية وأشار إلى أن خدمتها تمت تأليفا وهذا ما تشهد به كتابات أبي مدي الغوث، والإمام السنوسي، ويحي الشاوي الملياني، كما تمت خدمة هذه المرجعية تعليما فقد انتصبوا لتعليم ماكتبوا في المساجد والزوايا الجزائرية، ومن صور خدمته تصديرها خارج الجزائر ممثلا بمنظومة إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة للمقري التلمساني الذي درسها في الحرمين الشريفين والحرم القدسي والجامع الأزهر.
وقد انتهي هذا الملتقى إلى التوكيد على الاهتمام بالمرجعية الدينية في الإطار المسجدي وعلى الاهتمام بأعلام الجزائر.وكان الانطباع الذي خرج به الحاضرون أن ملتقى الشيخ مبارك الميلي في طبعته هذه سجل نجاحا متميزا.
*جامعة باتنة 1