حكم الصيام مع معصية اللسان بالزور والبهتان

الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com/ الفتوى رقم:757 الســــــــــــؤال قال السائل: ما هي حقيقة الصيام الذي ينفعنا يوم القيامة؟ لأننا سمعنا ما جاء في الحديث الشريف. [رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ] مسند أحمد ط.ر:8856) وما معنى الصيام إيمانا واحتسابا؟ الجـــــــــــواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، …

مارس 10, 2025 - 15:08
 0
حكم الصيام مع معصية اللسان بالزور والبهتان

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/

الفتوى رقم:757

الســــــــــــؤال

قال السائل: ما هي حقيقة الصيام الذي ينفعنا يوم القيامة؟ لأننا سمعنا ما جاء في الحديث الشريف. [رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ] مسند أحمد ط.ر:8856) وما معنى الصيام إيمانا واحتسابا؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: هذه الفتاوى في الأخلاق والتزكية أدق وأحوج إليها من المسائل الفقهية:
أقول للسائل ولمن يقرأ هذه الفتاوى، إن التزكية تسبق في المقام، المسائل الفرعية في العبادات، لأن التزكية من الإيمان. فافهم فإن هذه المعلومة أولى من عشرات الفتاوى الفقهية الجزئية. قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (آل عمران:164) ومن قواعد التزكية: {التخلية قبل التحلية}. وآيات أُخَرُ في القرآن بين الله تعالى فيها أهمية التزكية، أهمية التطهر من مرض النفس، ومرض القلب، ومرض الضمير. وفي الحكمة {كمال الإيمان بعصمة اللسان}. وفي الحديث الطويل الذي يرويه الترمذي وغيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما سأله: أَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: [ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ] (الترذي:2616).
ثانيا: معاني الحديث الذي سأل عنه السائل: وفي صحيح ابن خزيمة:1997. والمعجم الكبير للطبراني: 13413) وفي صحيح البخاري: [مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ] (البخاري:1903) (الزور) معناه: الكذب، وتغيير الشهادة، والميل عن الحق، والعمل بالباطل، واتهام الناس، والغش في الحسابات، وتغيير الأرقام في الفاتورات. ومن بين قول الزور ومن أخطره: الكذب والبهتان والاتهام الذي يكتبه المقررون في ملفات الناس، والاتهامات والتطاول على العلماء وسائر الناس مما يكتب عن جهل في الفاسبوك وصفحات التواصل، والفديوهات الفتانة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: لقد أجاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عن السؤال: وبين حقيقة الصوم، ومن هو الذي ينفعه صيامه يوم القيامة. فقال: [مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] (البخاري:38، ومسلم:759) وإذن بقي أن نعلم: {ما معنى إيمانا واحتسابا}؟ ومعنى: (إيمانا واحتسابا) معنى إيمانا التصديق بأنه حق معتقدا فضيلته ومعنى احتسابا أن يريد به الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص. وكما أن الحسنات يذهبن السيئات. قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ.﴾ (هود:114) فكذلك السيئات يذهبن الحسنات، وما حديث المفلس عنكم بمجهول. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: الصيام الذي ينفعنا يوم القيامة: (قال السائل: ما هي حقيقة الصيام الذي ينفعنا يوم القيامة؟) العمل الذي ينفعنا يوم القيامة، هو الذي تتوفر فيه: النية، والإخلاص، واتباع الحكم الشرعي من القرآن والسنة، ومن اتباع الأحكام مراعاة الوقت، وطريقة الأداء، والقدر. ومعنى حقيقة الصيام: يعني الأصل والتمام والكمال. وحقيقة الشيء: ما به الشيء هو هو. وفي اللغة حَقيقةُ الشَّيْءِ: مُنْتَهاهُ، وحَقُّه ويقين أمره. وفي الحديث: [لا يبلغ الرجل حقيقة الإِيمان حتى لا يعيب على أحد بعيب هو فيه] وفي شرح حدود ابن عرفة، قال: {وَحَقَائِقُ الْأَشْيَاءِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ وَالْمَطْلُوبُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ عَمَّا يُشَارِكُهَا فِي بَعْضِ حَقَائِقهَا…} (شرح حدود ابن عرفة:1/236) وكما أن الحقائق في إطلاقها لا يعلمها إلا الله سبحانه، فكذلك القبول لا يعلمه إلا الله، ففي التَّدَيُّنِ لا نقول: هذا عمل مقبول، أو غير مقبول، إنما نقول عن العمل: صحيح أو فاسد، تام أو ناقص، جائز أو غير جائز.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.