قمة الدوحة: التبدّل الاستراتيجي الذي لم نره!

مسألة واحدة شدّت انتباهي بعد قمة الدوحة العربية والإسلامية الأخيرة، أن دول الخليج العربية باتت تدرك أن هناك خطرا آخر يُهدّدها غير الخطر الإيراني، يتمثل في الكيان الصهيوني بقوته المفرطة وتحالفه المتين مع الولايات المتحدة، وأنه عليها أن تُراجع بعمق مسلماتها الدفاعية من هنا فصاعدا وبخاصة ثلاث مسائل: -أن إيران ليست هي الخطر الأول والوحيد […] The post قمة الدوحة: التبدّل الاستراتيجي الذي لم نره! appeared first on الشروق أونلاين.

سبتمبر 16, 2025 - 18:15
 0
قمة الدوحة: التبدّل الاستراتيجي الذي لم نره!

مسألة واحدة شدّت انتباهي بعد قمة الدوحة العربية والإسلامية الأخيرة، أن دول الخليج العربية باتت تدرك أن هناك خطرا آخر يُهدّدها غير الخطر الإيراني، يتمثل في الكيان الصهيوني بقوته المفرطة وتحالفه المتين مع الولايات المتحدة، وأنه عليها أن تُراجع بعمق مسلماتها الدفاعية من هنا فصاعدا وبخاصة ثلاث مسائل:
-أن إيران ليست هي الخطر الأول والوحيد المهدّد لمصالحها ووجودها.
– أنها ليست مضطرة للتحالف مع القوى المعادية لإيران وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
– أنها ليست مضطرة لبناء حلف استراتيجي، اقتصادي، سياسي مع الكيان الصهيوني من خلال دعم فكرة ممر الهند – حيفا عبر الإمارات والمملكة العربية السعودية والأردن.
ومن شأن هذه المراجعة أن تُحدِّث تبدّلا استراتيجيا هاما في المنطقة يكون في صالح القضية الفلسطينية بالأساس، إذ سيتبدّل الخوف من الجار الشرقي بالخوف من الجار الشمالي (غير المؤتمن والغدّار والماكر) وكل تلك الصفات التي نعتته بها خطابات القادة بقمة الدوحة. وهكذا تكون معركة “طوفان الأقصى” قد حقّقت هدفها تماما، رغم التضحيات الجسام والخسائر البشرية الكبيرة…
ولذلك، تجد جيش الإبادة الصهيوني وقياداته المجرمة يسعون اليوم بكافة الوسائل لتحقيق وهْمِ نصر لعله يعوضهم هذه الخسارة الاستراتيجية الكبرى على صعيد الشرق الأوسط والعالم. وليس أمامهم سوى الإمعان في التخريب والإبادة والتهجير لعلها تكون بديلا لما يُسمُّونه حسما للمعركة. وهم أدرى أن مثل هذه المعارك لن تُحسَم أبدا، وإِنْ بقي مقاوم فلسطيني واحد بيده قذيفة “الياسين 105″، فسيخرج من تحت الأنقاض ليقول المقاومة مازالت هنا ولم تنهزم. وهذا ما يؤرق ليس فقط قادة الكيان المجرمين بل أيضا قادة الولايات المتحدة الداعمين لهم من متطرفي إدارة ترامب وحزبه. جميعهم أصبحوا يقارعون مجموعات صغيرة بيدها أسلحة خفيفة ولا يستطيعون هزيمتها، كل ترسانتهم العسكرية وقدراتهم اللوجستية والتقنية والاستخبارية تفشل أمام مجموعة صغيرة تدافع عن أرضها وعرضها بشرف، فأين عظمة أمريكا إذن؟ ماذا تجدي تلك البوارج الحربية وحاملات الطائرات وحتى القنابل الذرية إذا لم تستطع هزم قوى مقاومة من بضعة آلاف من الأفراد لا يملكون أدنى مقومات الحياة بما فيها الغذاء والماء. أليست هذه إهانة لهذه القوة العظمى؟ لذلك هي تصر على تشجيع المجرمين الصهاينة على ارتكاب جرائمهم في غزة لعلها تحفظ ماء الوجه بعد أن فقدته في كل مكان في العالم من العراق إلى أفغانستان… ألا يُعَد هذا تحوّلا استراتيجيا عميقا في العلاقات الدولية لم تُحدثه حتى الحروب الكبرى بين الدول كتلك الدائرة في أوكرانيا أو تلك التي دارت من قبل في العراق وأفغانستان؟
وإذا أضفنا إلى هذا معطى آخر يتعلق باستحالة استسلام القوات اليمنية المقاوِمة مهما كانت الضربات التي تتلقاها، بل واستمرارها بالهجوم بواسطة الصواريخ والمُسيَّرات، يتبين لنا أن معركة “طوفان الأقصى” أظهرت عبقرية مخططيها وعلى رأسهم الشهداء يحيى السنوار ومحمد ضيف وإسماعيل هنية. لقد أصبح الكيان الصهيوني اليوم منبوذا عالميا، ولم يعد يستطع المجرم “نتن ياهو” إلقاء خطاب كذلك الذي ألقاه قبل سنتين من الآن في الجمعية العامة للأمم المتحدة مُبشِّرا العالم بأن كيانه سيكون محور الاقتصاد العالمي رابطا بين الشرق والغرب.. كل هذا انهار اليوم، وسيعتبر هؤلاء أنفسهم محظوظين إنْ هم تَمكنوا من الإفلات من العقاب القانوني عبر المحاكم الدولية، لأنهم لن يتمكنوا أبدا من الإفلات من العقاب الشعبي عبر العالم. لم يعد العالم من الآن فصاعدا يصف “إسرائيل” بواحة الديمقراطية، ولا جيش الإبادة الصهيوني بجيش الدفاع القوي، بل ولا أصبح في مقدور أي حامل للجنسية الإسرائيلية المرور عبر أي نقطة من نقاط العبور في العالم من دون أن يلاقي الاستهجان والاحتقار والنبذ… وكلما زاد هذا الكيان من جرائمه هذه الأيام باحتلاله غزة وقتله الأبرياء وتدمير كل ما يظهر على وجه الأرض، كلما خسر أكثر وخسرت معه حليفته الولايات المتحدة ما بقي لها من احترام على الصعيد العالمي، وفي الأخير، سيضطر هؤلاء جميعا إلى الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية السيدة طال الزمن أم قصر، وسيعودون إلى حجمهم الطبيعي وتنتصر قوى الحق على الباطل مهما طغى وتجبّر…

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post قمة الدوحة: التبدّل الاستراتيجي الذي لم نره! appeared first on الشروق أونلاين.