ماذا تحقق من مشاريع السِّيادة بعد 94 سنة؟
الشيخ نــور الدين رزيق/ حق لنا أن نطرح هذا السؤال ونحن على أبواب المئوية الأولى من حياة خير جمعية أخرجت للناس، ماذا تحقق من إنجازات من مشاريع السيادة التى سطرها الأوائل؟. وها قد عقدت جمعيتها العامة السادسة حيث خرجت بوجوه شبانية وطاقات ميدانية ستكون الوقود الذي يحرك وينجز المشاريع الثقافية والتربوية والتعليمية والإعلامية، وحتى الإجتماعية …

الشيخ نــور الدين رزيق/
حق لنا أن نطرح هذا السؤال ونحن على أبواب المئوية الأولى من حياة خير جمعية أخرجت للناس، ماذا تحقق من إنجازات من مشاريع السيادة التى سطرها الأوائل؟.
وها قد عقدت جمعيتها العامة السادسة حيث خرجت بوجوه شبانية وطاقات ميدانية ستكون الوقود الذي يحرك وينجز المشاريع الثقافية والتربوية والتعليمية والإعلامية، وحتى الإجتماعية والإنسانية «مصطلح ركز عليه ابن باديس كثيرا» هذا من حيث الموارد البشرية وكذلك تُعتبر الموارد المالية بالنسبة للجمعيات الخيرية الأساس لتحقيق أهدافها، على رغم الأهمية الكبيرة للعامل البشري كما ذكرنا لأنها تُمثل عاملا جوهريا من خلاله يُمكن تجسيد أنشطتها وتحقيق أهدافها على أرض الواقع. وبالرجوع إلى القانون رقم 12/06 المؤرخ في 12 يناير 2012 المتعلق بالجمعيات في الجزائر (في انتظار صدور قانون جمعوي جديد) وفي اطار الفصل الثاني منه تحت عنوان موارد «الجمعيات وأملاكها» نجده قد عدّد الموارد المالية أو مصادر التمويل لهذه المؤسسات والتي تتضمن اشتراكات الأعضاء والمداخيل المرتبطة بأنشطتها وأملاكها والهبات النقدية والعينية والوصايا ومداخيل جمع التبرعات واعانات الدولة والجماعات المحلية بالإضافة إلى التمويل الأجنبي من التنظيمات والمنظمات غير الحكومية القائمة على علاقات التعاون القائمة في اطار القانون بعد الموافقة المسبقة من السلطة المختصة.
كل هذا لتحقيق الأهداف المسطرة من رجال الإصلاح الإسلامي في الجزائر بصفة عامة من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين (1931م – 1965م) وهم يواصلون ليلهم بنهارهم على نشر اللغة العربية بين أبناء وبنات الجزائر قبل تأسيس جمعية العلماء وبعد تأسيسها أيضًا، ودعوة فرنسا إلى جعلها لغة رسمية في التعليم، والإدارة في الجزائر.
قال فيها العلامة محمد البشير الابراهيمي عليه رحمة الله:
«إن اللغة العربية كالدين يحملها من كل خلف عدوله، لينفوا عنها تحريف الغالين، وزيغ المبطلين، وانتحال المؤولين، وأنتم أولئك العدول، فانفوا بجد وإخلاص عن هذه اللغة زيغ المبطلين من هذا الجيل الذين أصبحوا يتنكرون لهذه اللغة ويعفرون في وجهها، وقد فاتهم أن يحصلوا منها على طائل، فأصبحوا يرمونها بالعقم والجمود، وعدم المسايرة لركب الحضارة، ويرتضخون لكنة، لا هي بالعربية ولا هي بالصالحة لأن تخلف العربية ويتمردون على البيان العربي، وعلى مناحي الشعر العربي، وعروضه وقافيته ورويه، ويلوون ألسنتهم بالسوء في ذلك كله».
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (5/292- 295)
و يقول أيضا «اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل» (البصائر).
وبالمقابل كان الاستعمار الفرنسي يبذل أقصى جهوده منذ دخوله إلى الجزائر (1830) لطمس معالم اللغة العربية لا في التعليم فقط ولكن في الإدارة وحتى في الحديث العادي بين جماهير الشعب الجزائري.
وقد أصدر قرارًا في عام 1938م، يعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر لا يجوز تعلمها وتعليمها إلا على هذا الأساس. كانت فعلا حرب صليبية شنها رجال الاحتلال الفرنسي والمبشرون النصارى وهم الطليعة الأولى للاستعمار الأوروبي في الأقطار العربية الإسلامية، على اللغة العربية والدين الإسلامي، والقرآن الكريم، والثقافة العربية الإسلامية، طيلة وجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 – 1962)
فإنه وبعد الاستقلال كان الشيخ عبدالرحمن شيبان رحمه الله تعالى من أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد دستور الجزائر، حيث ساهم مساهمة إيجابية مع مجموعة من النواب من أهل العلم والجهاد في جعل الإسلام دين الدولة و”العربية اللغة الوطنية الرسمية”، خلافا للتيار التغريبي الذي طالب بإصرار بأن يكون “الإسلام دين الشعب” و”العربية لغة الشعب”، حتى لا يكون للدولة الجزائرية الوليدة أي التزام بتطبيق تعاليم الإسلام، واستعمال اللغة العربية في أجهزة الدولة.
كيف تم ترسيم اللغة العربية في اليونيسكو؟
بفطنة وحكمة الشيخ شيبان عليه رحمة الله وكان في وفد جزائري يراسه الوزير احمد طالب الابراهيمي(1974)، وبعدما علم ان الملف الايراني الفارسي اثقل واقرب للقبول، انفرد الشيخ شيبان برئيس الوفد الايراني واقنعه بفكرة: ان اللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي تؤمنون به ولغة الحضارة الإسلامية التي انتم جزء منها، فهل يحق تقديم لغة اخرى عليها،فاقتنع رئيس الوفد الايراني واقنع اعضاء الوفد بالفكرة وسحب ملف الترشيح، وساندوا ترشيح ملف الجزائر: اللغة العربية.
رجل مسلم امازيغي ذو عهد ووفاء لقيم الأمة وحضارتها، اللهم اجعله من ورثة جنة النعيم ومع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وللعلم أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين حددت الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها في منشور للجمعيّة نشره الشّيخ ابن باديس في جريدة البصائر في العدد 160 الصادر في 7 أبريل 1939.
وتشمل أهداف الجمعية:
«التّعليم والتربية، و(نشر اللغة العربية) وتطهير الإسلام من البدع والخرافات، وإيقاد شعلة الحماسة في القلوب بعد أن بذل الاحتلال جهده في إطفائها حتى تنهار مقاومة الجزائريّين، وإحياء الثقافة العربية ونشرها بعد أن عمل المستعمر على وأدها، والمحافظة على الشخصية الجزائرية بمقوماتها الحضارية والدينية والتاريخية، ومقاومة سياسة الاحتلال الرامية إلى القضاء عليها.
ماذا تحقق من هذه الأهداف اليوم؟ أظن أن المشروع لم يكتمل بعد تجسده بالتمام فلا اللغة العربية اخذت مكانها الطبيعي كلغة وطنية ورسمية ولا شريعة الإسلام سادت كمصدر تشريع أساسي أما الوطن فحمي حدود ترابه بسواعد أبناءه من الجيش الوطني وأما الوطنية فلم تتمكن روحيا.
نقول اليوم؛ متى يرفع التجميد عن قانون تعميم استعمال اللغة العربية المعلق منذ1999م؟رغم ما نسمعه ويقال في الخطب الرسمية من الدعوة الى القطيعة مع مخلفات العهد الاستعماري.
أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حضورها في هذه المرحلة ضروري لاستكمال تحقيق الأهداف التي سطرها الاوائل ولرصيدها التاريخي كصمام أمان لمحاولة التشكيك في انتماء هذا الوطن وزعزعت استقراره ووحدة ساكنته.
الله نسأل التوفيق والسداد ورد كيد الأعداء والأمن والايمان لهذه البلاد وسائر بلاد المسلمين والنصر لأهلنا في غزة وأولى القبلتين.