شيطنةُ المقاومة.. آخرُ حلولِ الصهاينة
د.خديجة عنيشل/ لماذا يُمثِّلُ السابعُ من أكتوبر رُهاباً حقيقياً للصهاينة؟ لأنه أذَلَّهم وكسَرَ شوكتَهم وأثبتَ للعالمِ كلِّهِ أن دولتَهم أوهنُ من بيتِ العنكبوت، وأنَّ جيشَهم فزّاعةٌ أمريكيةٌ عقيدتُهُ العسكريةُ هي الإجرامُ والقتلُ، وأنَّ الشعبَ اليهوديَّ مُثخنٌ بالخوفِ موبوءٌ بالرُّعبِ الأبديِّ الذي يجعله شعبَ شتاتٍ وشعباً بلا أرض مهما ادّعى المدّعون. وبرغمِ هذه الأثمان الدمويةِ الباهظة …

د.خديجة عنيشل/
لماذا يُمثِّلُ السابعُ من أكتوبر رُهاباً حقيقياً للصهاينة؟ لأنه أذَلَّهم وكسَرَ شوكتَهم وأثبتَ للعالمِ كلِّهِ أن دولتَهم أوهنُ من بيتِ العنكبوت، وأنَّ جيشَهم فزّاعةٌ أمريكيةٌ عقيدتُهُ العسكريةُ هي الإجرامُ والقتلُ، وأنَّ الشعبَ اليهوديَّ مُثخنٌ بالخوفِ موبوءٌ بالرُّعبِ الأبديِّ الذي يجعله شعبَ شتاتٍ وشعباً بلا أرض مهما ادّعى المدّعون. وبرغمِ هذه الأثمان الدمويةِ الباهظة التي يدفعُها الشعبُ الفلسطينيُّ في غزة وبرغمِ جهنميةِ هذه الحرب وقساوتِها إلا أنَّ كلَّ هذه الآلام تُعبِّدُ طريقَ الحرية والانعتاق للإنسانِ الفلسطينيّ الذي حتى حين قدَّمَ مُوجباتِ السلام كنزع السلاح والخروج من الأرض 1948 ومن لبنان 1982واتفاقية أوسلو ومزيداً من التنازلات ظلَّ المحتلُّ الصهيونيُّ يغرزُ فيه خنجرَ الغدرِ والدم وظلَّ يقصفُ المدن ويقتلُ الأنفس ويستبيحُ العرض ويُذلُّ الكرامة وينتهكُ الإنسانية. لقد كان السابعَ من أكتوبر خطوةَ حقٍّ شجاعةً أظهرت الحقائقَ كاملةً دون تزييف وأعادت البوصلةَ لأصحابِ الأرض كي يستعيدوا حقَّهم المغصوب، وفتحت أنظارَ العالَمِ على مظلوميةِ الفلسطينيين، وكشفت إرهابَ الدولة الذي يمارسهُ الصهاينة ضد الأبرياء والعُزّل حين عجزوا فعلياً عن هزيمةِ المقاومة والوصول إلى الأنفاقِ واستعادة أسراهم. ولم يعد أمام المحتلِّ الصهيوني من حلٍّ لهذه المعضلة الوجودية سوى شيطنة المقاومة واتهامِ حركتِها بالإرهاب. وجيّشت دولةُ الاحتلالِ الغاصبةُ كلَّ وسائلها الإعلامية والسياسية من أجل تكريس هذه التهمة وتحويل حركة المقاومة في فلسطين إلى تنظيمِ داعش الدموي. وقد فعلت فرنسا المجرمة نفس الأمر مع جبهة التحرير الوطني وذراعها العسكري جيش التحرير الجزائري فقد وصفت وسائلُ الإعلام الفرنسية اندلاعَ ثورةِ نوفمبر العظيمة بالأعمال (الإرهابية) ووصفت هجماتِ المجاهدين فجرَ الفاتحِ نوفمبر بـ(سلسلة الهجماتِ الإرهابية) إذ كتبت صحيفة لوموند «Le Monde» الفرنسية على صفحتها الأولى عبارة: «الإرهاب في شمال إفريقيا: عدةُ قتلى في الجزائر في هجمات متزامنة على مراكز الشرطة»وكان المحتلُّ الفرنسي يسمّي المجاهدين الجزائريين بـ(الفلّاقة) أي الإرهابيين كل هذا من أجل شيطنة الجهاد والمجاهدين حتى يفقدوا الحاضنةَ الشعبية التي هي ضامنُ استمرار الكفاح المسلّح .
الاحتلالُ ملَّةٌ واحدة ومنهجُ المُحتلِّ واحدٌ حين يرى أن المجاهدين لا يمكنُ هزيمتهم وأن صرخةَ الحقِّ لا يمكنُ خنقُها يعمدُ إلى تشويه سُمعةِ المقاومة وطمسِ صورتِها الناصعة. وهذا ليس بغريبٍ على ملّةِ الكفر أعداءِ الإنسانِ والدين وإنما الغريبُ المُفجعُ أن يتماهى مع هذا الطرح الصهيوني المُجرم بعضٌ من أبناء جلدتنا الذين أعمى النفاقُ بصائرَهم وظنوا بالمقاومةِ الظنون فسلقوها بألسنةٍ حِداد واتّهموها بكلِّ الأوصافِ السيئة في وقتٍ تبلو فيه هذه المقاومة البلاءَ الحسن: تَضحي بالمُهَج وتبذلُ الدماءَ وتتركُ الحياةَ لتعيشَ تحت الأرض من أجلٍ أن تتطهّرَ الأرض ويسلمَ العرض وتنعتق النفسُ من ذلِّ الاحتلال. كانت فرنسا المجرمة إذا فجّرَ مُجاهدو جيش التحريرِ مقهى يرتادُهُ رجالُ سلطةٍ فرنسيس أو اغتالوا شرطياً وغَنموا سلاحَه يعمدُ جيشُها مباشرةً إلى قتلِ الألوفِ من الأبرياء وحرقِ دُورِهم واعتقالِ الشبابِ وتعذيبِهم العذاباتِ الشّداد من أجل كسرِ ذراعِ الجهاد والمقاومة وتحميلِ جبهةِ التحريرِ الوطنيِّ وجيشِها مسؤوليةَ الفظائع التي كانت تُرتَكبُ في حقّ الأبرياء حتى تُؤلِّبَ الشعبَ الجزائريَّ ضدَّ الجبهة وتدفعهُ إلى كُرهِ المجاهدين والتنصُّلِ منهم ولكنها عبثاً كانت تحاول؛ فقد استمسكَ الجزائريون بخَيَار الجهاد والتفّوا حولَ المجاهدين وأعلنوها ثورةً ساحقةً لا تردّدَ فيها ولا تراجع برغمِ فظائعِ الإجرامِ الفرنسيِّ التي لم يعرفها البشرُ من قبل لأنهم أدركوا أنَّ ما أُخذَ بالقوة لا يُستردُّ إلا بالقوة وأنهُ لا يفلُّ الحديدَ إلا الحديدُ وأن مهرَ الحريةِ غالٍ وأنَّ الاستقلالَ ترخصُ أمامهُ المُهَجُ والدماء .
من كان يظنُّ مجردَ الظن أن ثُلَّةً من المجاهدين بأسلحةٍ قليلةٍ بسيطةٍ قادرون على أن يهزموا الجيشَ الفرنسيَّ العتيد الذي لا يُقهَر والذي كان يدعمهُ الحلفُ الأطلسيُّ بكلِّ قوتهِ وجبروته. وليكن للشعبِ الفلسطينيِّ ولأهلِ غزةَ المستضعفين في ثورةِ التحريرِ الجزائرية الأسوةَ الحسنة إن كانوا يرجون الانعتاقَ من ذلِّ الصهاينة وتحريرِ الأرض والأقصى من نيرِ اليهودِ الغاصبين، لا حلَّ سوى التضحية والفداء أما المنافقون والمرضى الذين يتّهمون المقاومةَ اليوم ويلمزونَها بالسوءِ والبهتان فمأواهم جحيمُ الخيانة والهوان قال عنهم ربُّنا عز وجل: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا{ يظنون أنهم حين لا يُقاتلون العدوَّ يَسلمون من غدره {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا {وإن اللهَ ناصرُ المجاهدين المؤمنين حقا {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.