ما لهم يتجرؤون على دين الله تعالى ؟

أ. عبد الحميد عبدوس/ قبل أقل من أسبوع على دخول شهر رمضان المبارك،»بشر» ،ملك المغرب محمد السادس، شعبه بإلغاء شعيرة الأضحية لهذا العام (1446هـ ـ2025م) وبرر ذلك في رسالة متلفزة، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ،أحمد التوفيق، ب «تراجع كبير في أعداد الماشية» صحافة المخزن وأبواقه وأكثر القوى السياسية المغربية، اعتبرت هذا القرار الملكي «قرارا …

مارس 10, 2025 - 13:13
 0
ما لهم يتجرؤون على دين الله تعالى ؟

أ. عبد الحميد عبدوس/

قبل أقل من أسبوع على دخول شهر رمضان المبارك،»بشر» ،ملك المغرب محمد السادس، شعبه بإلغاء شعيرة الأضحية لهذا العام (1446هـ ـ2025م) وبرر ذلك في رسالة متلفزة، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ،أحمد التوفيق، ب «تراجع كبير في أعداد الماشية» صحافة المخزن وأبواقه وأكثر القوى السياسية المغربية، اعتبرت هذا القرار الملكي «قرارا سياديا»، وكأن الأمر يتعلق بمجرد قرار يلغي أو يعلق ضريبة من الضرائب المفروضة على الفلاحين ومربي الماشية، وليس بقرار يتصادم مع صريح الدين. فالمعلوم أن الأضحية ليست مجرد عادة من العادات الاجتماعية، بل هي شعيرة من شعائر الله (شعيرة النحر)، وهي سنة مؤكدة يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى .لذلك يؤكد بعض فقهاء المسلمين أنه: «لا يجوز الدعوة إلى عدم التضحية بحجة غلاء الأسعار، لأن في هذا تعطيلا لشعيرة من شعائر الله، ومحاربة لسنة من سنن الإسلام، ورد معلوم من الدين بالضرورة، وتطاول على شرع الله، واستهتار بدينه، وبثوابته، وجرأة يخشى صاحبها على نفسه».
الملك محمد السادس لا ينكر أن شعيرة الأضحية هي سنة مؤكدة، فقد جاء في رسالته: «أخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء الشعب، لاسيما ذوي الدخل المحدود». للمرء أن يتساءل إذا كانت الأضحية سنة مؤكدة، أي أنها مستحبة يثاب فاعلها، ولا يأثم تاركها ،فلماذا حولها الملك المغربي إلى شأن سياسي،وأمر من أمور الدولة يتطلب تدخلا ملكيا لإباحتها أو تعطيلها؟
لولا استسهال بعض حكام المسلمين ركوب غواية التجرؤ على شعائر الله، لكان الملك محمد السادس، على سبيل المثال، قد تمهل بضعة أيام قبل اتخاذ قراره، إلى أن يحل دخول شهر رمضان المبارك، ثم يوجه رسالة تهنئة لشعبه بالمناسبة الدينية المباركة، ويقدم فيها نصيحة لأفراد شعبه بأن يأخذوا بعين الاعتبار، عامل الجفاف والظروف المناخية المؤثرة على تناقص الثروة الحيوانية في المغرب عندما يفكرون في الإقدام على نحر الأضاحي في عيد هذه السنة، ويرفق هذه النصيحة بالإعلان عن بعض إجراءات الدعم لمربي الماشية، وخاصة صغار الموالين لمساعدتهم على تجاوز الظروف الصعبة.. يبدو أن الملك محمد السادس الذي تفاخر أمام بابا الفاتيكان بقوله: «أنا أمير جميع المؤمنين على اختلاف دياناتهم»، وجد سهولة كبيرة في فرض وصايته وسلطته على الدين الإسلامي والتصرف في أحكامه،كما يتصرف في شؤون قصره، يقال «من شابه أباه فما ظلم»، إذ سبقه والده الراحل الحسن الثاني في إلغاء شعيرة النحر في3 مرات أعوام 1963 و1981 و1996. لعل اعتماد الملك محمد السادس على شرف نسبه الذي تربطه الروايات المغربية برسول الله صلى الله عليه وسلم جعله يظن أنه يباح له ما لا يباح لغيره في التعامل مع شعائر الله، لذلك ختم رسالته إلى الشعب المغربي بقوله: «سنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: (هذا لنفسي وهذا عن أمتي) «.فلو أن كل حاكم مسلم أخذ قرارا بذبح أضحية نيابة عن شعبه، فهل ستبقى سنة الأضحية باقية بين المسلمين؟.الشعب المغربي المسلم هو ككل شعوب العالم ليس طبقة واحدة، ففيه الغني ومتوسط الحال والفقير، وإذا كان في إمكان مجموعة من الشعب المغربي المقتدرين على التضحية، أن يضحوا، فلماذا يطالبون بالامتناع عن التضحية لينالوا عليها الثواب العظيم من الله تبارك و تعالى. وفي الحديث الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفساً»..أحد المنتسبين إلى الفقه في المغرب اعتبر أن طاعة أمر الملك بترك الأضحية واجبة، قائلا: «إن طاعة ولاة الأمور واجبة، وإن قرار الملك محمد السادس، له مستند شرعي، وهو رفع الحرج ودفع الضرر». وكأن طاعة ولي الأمر في فتاوى فقهاء السلطان واجبة، والامتثال لشريعة الله قضية فيها نظر !..
رغم أن الشعب المغربي المسلم الأصيل هو من أشد الشعوب الإسلامية تعظيما لشعائر الله، وأكثرهم حرصا على إقامة فرائض دينه وسننه، فإن وكالة الأنباء المغربية كتبت دون خجل، أن قرار الملك محمد السادس أتى بعد مطالبات شعبية بإلغاء ذبح الأضاحي هذا العام، بسبب الجفاف الحاد الذي تشهده المملكة للعام السابع على التوالي، والذي يُسهم في غلاء الأضاحي» كأن المواطن المغربي الذي يعجز عن شراء الأضحية يحتاج إلى إذن من الملك حتى يمتنع عن القيام بسنة يقر الدين الإسلامي أن تاركها لا يأثم في حالة عدم الاستطاعة!.
أما حزب العدالة والتنمية «الإسلامي» فقد قال في بيانه: «إن الأمانة العامة للحزب تشيد عالياً بحكمة جلالة الملك أمير المؤمنين، التي اقتضت عدم القيام بشعيرة أضحية العيد هذه السنة، بالنظر للتحديات الاقتصادية والمناخية التي تواجه بلادنا وللتراجع الكبير المسجل في أعداد الماشية، ولما يمكن أن ينشأ في ظل هذه الظروف الصعبة من ضرر محقق بفئات كبيرة من المواطنين».. يبدو أن صفة «الإسلامي» التي تلصق بهذا الحزب السياسي لتمييزه عن بقية الأحزاب المغربية، هي مجرد مظهر يستعرضه في المناسبات الانتخابية،كما يستعرض بعض المسؤولين المغاربة لباسهم التقليدي من جلباب وطربوش في المناسبات الدينية ثم يتخلون عنه في بقية الأيام لصالح اللباس الغربي. فما هو حظ الإسلام في تصرفات حزب العدالة والتنمية المغربي عندما وقع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل في سنة 2020.، حزب العدالة التنمية وقع الاتفاقية عندما كان يتولى مقاليد الحكومة، ثم تنكر لها وهاجمها بعدما أصبح خارج الحكومة.؟!. وما هو حظ الإسلام في تصرفات حزب العدالة والتنمية عندما، كان يرأس الحكومة المغربية وصادق، في سنة 2021، على القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وخلق وكالة متخصصة في تنمية زراعة القنب الهندي ومنح التراخيص للمزارعين، وأصبح إنتاج المخدرات والمتاجرة بها نشاطا مرخصا منذ سنة 2021، رغم أن تعاطي المخدرات أو المتاجرة بهده الآفة، التي تدمر الإنسان وتخرب البلدان محرم دينيا؟!.
لكن الجدير بالذكر، أن حزب العدالة والتنمية «الإسلامي» ليس وحده من يتجرأ على الدين الإسلامي في المغرب، فهذا وزير العدالة عبد اللطيف وهبي، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة اليساري، الذي شكل لعرقلة وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، صرح أمام جلسة برلمانية في العام الماضي( 2024) أنه لا مانع من أن يتقاسم رجل وامرأة غير متزوجين غرفة واحدة في فندق، قائلا: «لا يوجد قانون يُلزم رجلاً وامرأة بتقديم عقد الزواج في فنادق المغرب». وكأن وزير العدل المغربي يريد تحويل فنادق المغرب إلى بيوت دعارة ! أما وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أحمد توفيق، غير المنتمي لأي حزب سياسي، فقد صرح في شهر نوفمبر الماضي ( 2024) قائلا: إننا علمانيون .. نحن دولة علمانية ومن يرغب في فعل شيء يمكنه القيام به، لأنه لا إكراه في الدين وإسلام المغرب معتدل». كل هؤلاء المسؤولون المغاربة ممن يعملون تحت مسؤولية ملك المغرب وتوجيه ، يبدو من خلال تصريحاتهم العلنية أنهم يتنافسون في أيهم يكون أكثر جرأة على دين الله، ليكون أقرب من أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين محمد السادس الذي أفتى لشعبه بتعليق سنة الأضحية !!