هكذا تكلمت عائشة عن الصهاينة (أعداء البشر)

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ عايشت عائشة عبد الرحمن (1913ــــ1998م) معاناة الدول الإسلامية من ويلات الاستدمار، فتأثرت لما أصابها ولم تستطع أن تكون بمنأى عن المعركة، والشعور بالأسى مما لحق العالم الإسلامي من تراجع حضاري واستهداف تدميري من الأعداء. عبرت عن ذلك في كثير من كتبها، فذكرت في مقدمة كتابها القرآن وقضايا الإنسان، أن من أسباب …

أغسطس 5, 2025 - 12:51
 0
هكذا تكلمت عائشة عن الصهاينة (أعداء البشر)

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/

عايشت عائشة عبد الرحمن (1913ــــ1998م) معاناة الدول الإسلامية من ويلات الاستدمار، فتأثرت لما أصابها ولم تستطع أن تكون بمنأى عن المعركة، والشعور بالأسى مما لحق العالم الإسلامي من تراجع حضاري واستهداف تدميري من الأعداء. عبرت عن ذلك في كثير من كتبها، فذكرت في مقدمة كتابها القرآن وقضايا الإنسان، أن من أسباب تأليفها له ما رأته من معاناة الإنسان المسلم من ويلات الاستدمار في الجزائر وفلسطين… ومن خلال كتابيها: أعداء البشر، وقراءة في وثائق البهائية. عملت على كشف حقيقة الصهاينة وما يخططون له ضد العالم الإسلامي.
كتبت عائشة عبد الرحمن كتاب «أعداء البشر» بعد سنة من نكسة: 1968م في الذكرى الأولى لها، واتفق ذلك مع ذكرى المولد النبوي في الشهر نفسه، فرأت أنه لم يكن محض صدفة، بل بتقدير من الله، وفيه إيذان برفض النور للظلمة، والحق للباطل، والخير للشر، وإعلان برفض الوجود الصهيوني على أرض الرسالات. لقد رأت أن الوجود الصهيوني على أرض البشر ضد طبيعة الأشياء، ومن الوهم تصور إمكان تعايش سلمي بيننا وبين أعداء البشر.
ومتجاوزة لما يروجه الصهاينة عما فعله الألمان بهم، وخبثهم في حصر زاوية النظر إليهم عند النازية الألمانية، مغطين على بقية فصول المعركة ضد الإنسانية. تغوص عائشة عبد الرحمن في أعماق التاريخ لتكشف حقيقة أعداء البشر، وما فعلوه في التاريخ البعيد من جرائم، وتحت عنوان: الأبعاد التاريخية للمعركة كشفت الغطاء عن اعتداءاتهم في الشرق القديم، وفي بلاد الحجاز، وفي الغرب الأوروبي.
وبعد كشف الستار عما كان يخلفه أعداء البشر من دمار وعدم استقرار أينما حلوا، تأتي للحديث عن الأبعاد الفكرية للمعركة: فأوضحت أن المعركة ليست مع الدين الموسوي الأصيل، فديننا يفرض علينا الإيمان بنبوة موسى عليه السلام، والإيمان بكون محمد صلى الله عليه وسلم بعث مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل وخاتما للأنبياء والمرسلين، ولا مجال للخلط بين الدين الموسوي والعصابة اليهودية التي لحقت بها اللعنة على لسان الأنبياء منذ القديم، وهنا تعرضت لما لحق بالدين اليهودي من تحريف على يد أتباعه ودوره في تشكيل الفكر اليهودي المعاصر، الذي كانت من نتائجه ظهور الصهيونية التي تتميز بالتعصب، واعتبار اليهود الشعب المختار الذي له حقوق إلهية في الأراضي المقدسة.
ترى عائشة عبد الرحمن أن اليهود استطاعوا أن يروّجوا لفكرة العنصرية ضدهم تزييفا وتعمية للرؤية، وهنا تحذّر مفكري العرب والمسلمين من ذلك، وترى أنه قد يكون من نتائج بقايا «عقدة الخواجة» فينا، أو الرضوخ للغرب والانبهار به، فيتبنون أفكارا لا تخدم أمتهم. فيجب أن نسقط من حسابنا نظرة الغرب إلى موقفنا من المعركة. وفي الختام تذكر أن كتابها موجه لأبناء الأمة الإسلامية الذين تتمنى أن يكونوا من حماة تطهير بلاد المسلمين من جرثومة الصهاينة، علّ كلماتها تكون وقودا لغضبهم والثورة عليهم.
قدمت عائشة كتابها بشحنة قوية من عواطف الغضب ضد ما فعله اليهود عبر التاريخ البشري، مسترشدة في ذلك بنصوص القرآن الكريم. لكن الملاحظ أن المسلمين لم ينجحوا في التغلّب على أعداء البشر لأسباب كثيرة أهمها؛ أن القضية لم تتبن ببعدها الديني، وهي معركة دينية. وبقي اليهود الصهاينة يعيثون في الأرض فسادا، مغطين أفاعيلهم بدعوى ما تعرضوا له من النازية والعنصرية، إلى أن أتت أحداث غزة، فأعادت تعرية حقيقتهم للغرب وفضحتهم أمام العالم، ليرى حقيقتهم التي روجوا لتزييفها بدعوى الديمقراطية والتحضر. لقد أدرك العالم أن هذا الشعب شعب جزار، مصاص دماء لم يعرف التاريخ من هو أكثر وحشية وفسادا منه، ويجب أن يُنبَذ من كل من يحمل ذرة من الإنسانية.