هل غابت السينما العربية عن “مهرجان كان”.. أم حضرت بطريقة أخرى؟!

رغم زخم مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78 لعام 2025، الذي شهد تتويج أعمال عالمية جريئة ومتنوعة، جاء الحضور العربي متواضعًا من حيث الكم، لكنه حمل في طيّاته إشارات فنية ورمزية مهمة تستحق الوقوف عندها. و بدا المشهد العربي في “كان” هذا العام أقرب إلى الصوت الخافت الذي يطمح للانفجار، لا سيما في ظل التحديات […] The post هل غابت السينما العربية عن “مهرجان كان”.. أم حضرت بطريقة أخرى؟! appeared first on الجزائر الجديدة.

مايو 25, 2025 - 12:29
 0
هل غابت السينما العربية عن “مهرجان كان”.. أم حضرت بطريقة أخرى؟!

رغم زخم مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78 لعام 2025، الذي شهد تتويج أعمال عالمية جريئة ومتنوعة، جاء الحضور العربي متواضعًا من حيث الكم، لكنه حمل في طيّاته إشارات فنية ورمزية مهمة تستحق الوقوف عندها.

و بدا المشهد العربي في “كان” هذا العام أقرب إلى الصوت الخافت الذي يطمح للانفجار، لا سيما في ظل التحديات السياسية، الإنتاجية، والتسويقية التي تواجه الصناعة السينمائية في العالم العربي.

الجزائر… تجديد في الرؤية وسط الصحراء

مثّل الفيلم الجزائري “من أجل حفنة رمل” للمخرج “ندير إيولاين” أحد أبرز الوجوه العربية في المهرجان، حيث قُدّم ضمن عروض موازية خارج المسابقة الرسمية. ويمثل هذا العمل تجربة سينمائية جريئة جمعت بين الخيال العلمي، الحركة، والتحليل النفسي، في إطار رحلة وجودية لشاب جزائري يعاني من اضطراب نفسي وسط صحراء غامضة ومليئة بالأسرار.

ورغم أنه لم يشارك ضمن المسابقات الرسمية، فإن الفيلم يعكس تحولًا نوعيًا في السينما الجزائرية التي بدأت تبحث عن أشكال تعبير جديدة تتجاوز السرد الواقعي والتاريخي التقليدي. كما يطرح تساؤلات عميقة حول العلاقة بين الإنسان وأصله وهويته، ما يُظهر رغبة حقيقية في إعادة تعريف الذات الجزائرية سينمائيًا.

الغياب التونسي…علامة استفهام

على عكس السنوات الماضية التي شهدت تألق الأفلام التونسية، سجّلت هذه الدورة غيابًا لافتًا لصناع السينما من البلدين. ويُعد هذا الغياب محيرًا في ظل ثراء السينما المغربية والتونسية من حيث الإبداع وجرأة الطرح، خاصة بعد النجاحات السابقة لأفلام مثل “على كف عفريت” لكوثر بن هنية أو “صوفيا” لمريم بن مبارك.

هل هو نتيجة لتغير توجهات لجان الاختيار في المهرجان؟ أم أن هناك تراجعًا فعليًا في جودة الإنتاجات هذا العام؟ يبقى السؤال مفتوحًا، لكنه يسلّط الضوء على ضرورة إعادة التفكير في آليات دعم الإنتاج العربي وتسويقه دوليًا.

عرب المهجر… الحضور الأوضح

لا يمكن تجاهل أن الحضور العربي الأكثر فعالية كان من خلال مخرجين وفنانين من أصول عربية يقيمون في أوروبا، سواء من خلال ورش مهرجان كان مثل Cinéfondation، أو في أقسام تقنية ضمن طواقم أفلام عالمية.

هذا النمط المتزايد من “الهجرة الإبداعية” يطرح تساؤلًا مهمًا:

هل أصبحت السينما العربية المؤثرة تُصنع خارج العالم العربي؟

الإجابة ليست بسيطة، لكنها تؤشر إلى تحوّل في مراكز التأثير، حيث يضطر كثير من المخرجين العرب إلى العمل من خارج أوطانهم من أجل حريات فنية وفرص إنتاجية أوسع.

التحديات والفرص

لتأخذ السينما العربية مكانها الطبيعي في مهرجانات كبرى مثل كان، لا بد من معالجة عدد من التحديات الجوهرية:

  • غياب صناديق تمويل مستقلة ومستدامة

  • ضعف شبكات التوزيع الدولية

  • القيود الرقابية التي تحدّ من الجرأة في الطرح

  • الحاجة إلى إنتاجات نوعية لا كمية

لكن رغم ذلك، فإن المواهب موجودة، والقصص القوية لم تُروَ بعد، والجمهور العالمي بات أكثر انفتاحًا على التجارب السينمائية الأصيلة والمغايرة.

رغم أن حضور السينما العربية في مهرجان كان الـ78 جاء محدودًا، إلا أنه يعكس ديناميكية تحت السطح توحي بأن القادم قد يكون أفضل، بشرط أن تتوفر الحرية، والدعم، والرؤية التوزيعية الذكية.

السينما ليست فقط انعكاسًا للواقع، بل وسيلة لصنعه. وعلى السينما العربية أن تواصل البحث عن صوتها وسط ضجيج العالم.

The post هل غابت السينما العربية عن “مهرجان كان”.. أم حضرت بطريقة أخرى؟! appeared first on الجزائر الجديدة.