1446هـ: عامُ ألمٍ وأمل!
العام الهجري 1446ه يحصي أيامه الأخيرة.. هذا العام الذي كان عسيرا على أمّة الإسلام؛ تجبّر فيه الصهاينة في فلسطين بل في الشرق الأوسط وطغوا وبغوا وعلوا علوا كبيرا، وأعادوا بلسان الحال والمقال مقالة عاد الأولى، ((قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُون))، وزاد طغيانهم […] The post 1446هـ: عامُ ألمٍ وأمل! appeared first on الشروق أونلاين.


العام الهجري 1446ه يحصي أيامه الأخيرة.. هذا العام الذي كان عسيرا على أمّة الإسلام؛ تجبّر فيه الصهاينة في فلسطين بل في الشرق الأوسط وطغوا وبغوا وعلوا علوا كبيرا، وأعادوا بلسان الحال والمقال مقالة عاد الأولى، ((قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُون))، وزاد طغيانهم وجبروتهم حينما رأوا هولاكو العصر يعود إلى قيادة دولة الظّلم والطغيان وحامية الصهاينة أمريكا.
قصف الصهاينة في سوريا ولبنان واليمن، وبلغ إجرامهم مداه في “غزّة الطّهور” حيث الرّجال الذين أبوا أن يخنعوا أو يخضعوا.. لم يكف الصهاينةَ الجبناء الذين لا يقاتلون إلا من فوق الطائرات والدبابات المدرعة والدروع المضادة للرصاص، أنّهم دمّروا المباني والمستشفيات وأحرقوا خيام اللاجئين وقطّعوا وحرّقوا أجساد النّساء والأطفال، وحاصروا وجوّعوا ما يقرب من مليونيّ إنسان في غزّة؛ لم يكفهم كلّ ذلك حتى بلغت بهم الحقارة والنذالة أنّهم يسمحون -تحت الضّغط- بدخول نزر قليل من المساعدات، وحينما يتوافد الجوعى للاستفادة منها، يستهدفهم الأنذال بالقذائف، فيمزجون دماء الجوعى المشرّدين بالطّعام!
ولعلّ من أكثر المشاهد المؤلمة التي لا تخلو منها غزّة كلّ يوم، بل كلّ ساعة، مشهد يفتت الحجر ويقطّع القلوب لطفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها 5 سنوات، ارتمت على جسد أبيها الشهيد الذي قضى نحبه مع بعض أبنائه في قصف صهيونيّ، وجعلت تخاطبه وهي تبكي بدموع حرّى: “رُدّ علي يا أبي! لماذا تركتني؟ أرجوك ردّ. هل سمعتني؟ إذا كنت تسمعني ردّ عليّ. أحبّك يا أبي والله أحبّك. لماذا تركتني وحدي؟ لماذا ذهبت؟ لماذا؟ قل لي لماذا؟ كنت ستأخذني إلى البحر! لماذا تركتني؟”، ثم قالت بكل حسرة: “أبي راح، يا ليتني لحقت به!”.
هذه هي النتيجة! نتيجة قعود الأمّة عن الجهاد ورضاها بالدون والدنية: ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)).
في أواخر هذا العام الهجريّ اقتربت حصيلة العدوان الصهيونيّ الهمجيّ على غزّة العزّة من 56 ألف شهيد، خلال 20 شهرا، واقترب تعداد المصابين من 130 ألف مصاب. أمّا تعداد النّازحين والمشرّدين فقد تجاوز 1.8 مليون مشرّد!
في هذا العام، كذلك، تواصل العدوان الأمريكيّ والصهيونيّ على المسلمين في اليمن، لا لشيء إلا لأنّهم مدّوا يد العون لإخوانهم المسلمين في غزّة حين خذلهم العالم واستهدفوا بصواريخهم الكيان المحتلّ والبوارج الأمريكية التي تعربد في البحر الأحمر وبحر العرب. فلله درّهم، يتحمّلون القصف الذي يتعرّضون له ولسان حالهم: “دماؤنا ليست أغلى من دماء إخواننا في غزّة”، فيا ليت المسلمين يتعلّمون الدّرس من اليمنيين!
في هذا العام الذي يعدّ أيامه الأخيرة، تواصلت محنة إخواننا المسلمين في السّودان، بسبب مكر الليل والنّهار الذي يحيكه أهل المكر من الصهاينة وعملائهم في الإمارات، أهل المكر الذين يدعمون مليشيات الدّعم السريع لتفتّ عضد السّودان، وتقتل المئات بدم بارد.. 26 شهرا من الفتنة القائمة في السّودان، قتل فيها ما لا يقلّ عن 20 ألف مسلم سودانيّ، وشرّد 15 مليونا! والمجاعة تتهدّد مئات الآلاف منهم، وقد أقرّت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنّ السودان يشهد أسوأ مستويات الجوع على الإطلاق، وأشارت إلى أن 638 ألف سودانيّ يواجهون خطر المجاعة!
في الهند البوذية، لا يزال أكثر من 200 مليون مسلم يعانون الاضطهاد والتضييق والبطش البوذيّ المتواصل، على يد حكومة “ناريندرا مودي” اليمينية المتعصّبة.. لا تزال مساجد المسلمين التي بنوها بأموالهم تهدم من دون سبب، على مرأى ومسمع من العالم الإسلاميّ، ولا يزال رجالهم وأطفالهم يقتلون على أيدي العصابات الهندوسية في الشوارع وأمام المساجد، ولا تزال نساؤهم يتعرضن للضرب والإهانة بسبب الحجاب!
في أواخر هذا العام، وحين رأى الصّهاينة أنّ أمّة الإسلام بين ساكت ومتخاذل ومطبّع خائن، إلا قليلا، وسّعوا دائرة استهدافهم لتشمل إيران، التي يراد لها أن تكون عبرة لمن تسوّل له نفسه أن يمدّ يد العون للمرابطين في أرض الإسراء! أو يسعى للاستقواء والخروج عن طوق النّظام العالميّ!
نعم. كان عاما صعبا على أمّة الإسلام، لكنّه كذلك كان عاما ظهر فيه لأمّة الإسلام أنّ أمّة الكفر أمّة مرعوبة مهزوزة كنمر من ورق، تملك كلّ مقومات القوة، لكنّها تفتقد إلى الإيمان والشّجاعة والصّبر.. رأينا كيف أنّ الهنود البوذيين تلقوا درسا قاسيا من باكستان المسلمة، على الرغم من أنّ الهند تصنّف رابع قوة عسكرية في العالم، بينما تصنّف باكستان في المركز السابع. الهند المستعلية بالدّعم الأمريكيّ الصهيونيّ ظهر أنّها قوة مهزوزة والعالم يرى طائراتها الحربية والمسيّرة لقمة سائغة للقوات الباكستانية.
ورأينا كيف أنّ الأمريكان الذين يقولون بلسان الحال والمقال: “من أشدّ منّا قوة؟”! اضطروا صاغرين لمفاوضة اليمنيين حرصا على سلامة سفنهم في البحر الأحمر.
ورأينا كيف أنّ الصهاينة في الأراضي المحتلّة لم يستطيعوا القضاء على حماس بعد مرور 20 شهرا من استخدام الطائرات والدبابات المحصنة وأحدث أجهزة التعقّب، وبعد الاستعانة بالجواسيس والعملاء.. لا يزال جند الصهاينة يتساقطون ولا تزال آلياتهم تدمّر بأيدي جند الله، وها هي صفارات الإنذار تنطلق في كلّ مناطق الأراضي المقدّسة المحتلّة، ذعرا من الصواريخ التي تطلقها إيران، ورأينا في الصهاينة المحتلين مصداق قول الله تعالى: ((وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا)).
صار الصهاينة يولولون ويشتكون للعالم أنّ صواريخ إيران استهدفت مبانيهم وسكناتهم التي انتزعوها قهرا من الفلسطينيين. بل قد صاروا أضحوكة العالم وهم يبكون مستشفى لهم استهدفته الصواريخ الإيرانية! على الرغم من أنّ المستشفى عسكريّ وتحته قاعدة عسكرية، وعلى الرغم من أنّ الصهاينة استهدفوا 90 % من مستشفيات قطاع غزّة، وقتلوا المرضى وأجهزوا على المصابين.. أمسى الصهاينة يذرفون دموع التماسيح وهم ينتشلون جثث قتلاهم من تحت الأنقاض، وهم الذين كانوا قبلها يشمتون بضحايا عدوان جيشهم الهمجيّ في غزّة!
صدور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها شفيت هذه الأيام وهم يرون الصهاينة يفرّون إلى الملاجئ ويبكون بيوتهم المهدّمة، ويذرفون الدّموع الحرى عند جثث قتلاهم.. ((أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)).. لقد ذاق الصهاينة شيئا ممّا ذاقه سكّان غزّة.. ((إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)).. كم كانت صورا مبهجة للقلب والروح، صور الإرهابيّ الدمويّ نتنياهو وهو يقف كسيرا حسيرا وسط الدّمار الذي أحدثته صواريخ سجّيل الإيرانية في تل أبيب.. وكم كانت كلمات مطربة تلك التي لفظتها ألسنة قادة الكيان الصهيونيّ وهم يشكون للعالم أنّ الصواريخ الفرط صوتية الإيرانية تستهدف المدنيين والمؤسسات الاقتصادية: ((ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور)).
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post 1446هـ: عامُ ألمٍ وأمل! appeared first on الشروق أونلاين.