إدمان الشاشات الإلكترونية عند الأطفال… خطر صامت يهدد الطفولة
مساهمة: حواس مريم*/ في ظل التطور التكنولوجي السريع وهيمنة الأجهزة الذكية على تفاصيل حياتنا اليومية، بات مشهد الطفل الذي يمسك هاتفًا أو جهازًا لوحيًا أكثر من مشهد الطفل الذي يلهو في الحي أو يقرأ كتابًا. هذا التحول أفرز ظاهرة مقلقة يطلق عليها الخبراء اسم: «إدمان الشاشات الإلكترونية»، والتي بدأت تشكل خطرًا حقيقيًا على صحة الأطفال …

مساهمة: حواس مريم*/
في ظل التطور التكنولوجي السريع وهيمنة الأجهزة الذكية على تفاصيل حياتنا اليومية، بات مشهد الطفل الذي يمسك هاتفًا أو جهازًا لوحيًا أكثر من مشهد الطفل الذي يلهو في الحي أو يقرأ كتابًا. هذا التحول أفرز ظاهرة مقلقة يطلق عليها الخبراء اسم: «إدمان الشاشات الإلكترونية»، والتي بدأت تشكل خطرًا حقيقيًا على صحة الأطفال النفسية والاجتماعية، بل وحتى الجسدية.
ماذا يعني إدمان الشاشات؟
هو الاستخدام المفرط وغير المنضبط للأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، التلفاز، وألعاب الفيديو، بشكل يعوق الطفل عن ممارسة أنشطة الحياة الطبيعية: الدراسة، التفاعل الأسري، اللعب الحركي، والنوم المنتظم.
الآثار النفسية والاجتماعية والسلوكية
تشير دراسات نفسية حديثة إلى أن قضاء الأطفال لساعات طويلة أمام الشاشات يؤدي إلى:
الانعزال الاجتماعي وصعوبة تكوين صداقات.
نقص التركيز وضعف التحصيل الدراسي.
نوبات غضب وعدوانية خاصة عند تقليل مدة الاستخدام.
القلق والاكتئاب بسبب المقارنات أو الألعاب العنيفة.
اضطرابات النوم بسبب التعرض الليلي للضوء الأزرق.
التأثير على النمو العقلي والسلوكي
ضعف الخيال والإبداع: بسبب المحتوى الرقمي الجاهز.
تأخر اللغة وقلة الحوار داخل الأسرة.
سلوكيات اندفاعية، وظهور اضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه.
تعلق مرضي بالشخصيات الافتراضية.
تجربة ميدانية من العيادة النفسية:
«آدم… طفل أضاع عالمه خلف الشاشة!»
تحكي الأخصائية النفسية حواس مريم عن حالة استقبلتها في عيادتها:
«آدم، طفل في التاسعة من عمره، تراجع مستواه الدراسي بشكل مفاجئ، وأصبح عدوانيًا جدًا عند محاولة منعه من استخدام الهاتف. يقضي أكثر من ست ساعات يوميًا بين ألعاب إلكترونية وفيديوهات تيك توك ويوتيوب، ورفض تمامًا اللعب في الخارج أو التفاعل مع أسرته. بدأ يستخدم كلمات من الألعاب بدل الحوار العادي، وظهرت عليه سلوكيات طفولية مبالغ فيها…»
البرنامج العلاجي شمل:
تقييم نفسي شامل.
جلسات تعديل سلوك.
خطة تنظيم وقت الشاشات في البيت.
دمج أنشطة بديلة مثل الرياضة والمطالعة.
مرافقة عائلية مستمرة، خاصة في النوم والتغذية والتفاعل الاجتماعي.
تقول الأخصائية: «آدم بدأ يتعافى تدريجيًا بعد دعم الأسرة وتطبيق الخطة بانتظام، ورجع لمقاعد الدراسة بتوازن ملحوظ.»
ماذا نقترح كحلول واقعية؟
1. وضع قواعد زمنية لاستخدام الأجهزة حسب الفئة العمرية.
2. أن يكون الوالدان قدوة في استخدام الهواتف أمام أبنائهم.
3. تعويض وقت الشاشة بأنشطة بديلة: مطالعة، ألعاب جماعية، فنون، رياضة.
4. خلق «زمن عائلي» يومي بدون شاشات.
5. إشراك الطفل في نقاشات توعوية حول المحتوى الرقمي.
6. طلب المرافقة النفسية عند ظهور أعراض مقلقة.
الخاتمة:
إدمان الشاشات لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل أزمة تربوية ونفسية تتطلب وعيًا جماعيًا.
وإذا كانت التكنولوجيا جزءًا من حاضر الطفل، فواجبنا أن لا نتركها تُفسد مستقبله.
التوازن، ثم التوازن… فهل نبدأ اليوم بوضع الحدود، قبل أن نخسر أبناءنا في عوالم لا نراها؟
* أخصائية ومعالجة نفسية*