استقالة سيباسيتيان لوكورنو:  حكومة تولد ميتة ، و الأزمة السياسية ماضية و تتعقد

إن المؤكد في فرنسا بعد سقوط الحكومة الثالثة في غضون سنة، أن الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد ماضية وتتعقد بشكل عميق. فبعد تقديم سيباستيان لوكورنو استقالته في أقل من 24 ساعة من إعلان تشكيلته الحكومية الجديدة التي تعرضت لانتقادات حادة نظير فشلها المتوقع في القيام بالإصلاحات السياسية الملحة، والدفع نحو احراز تقدم في قضايا البطالة …

أكتوبر 6, 2025 - 14:32
 0
استقالة سيباسيتيان لوكورنو:  حكومة تولد ميتة ، و الأزمة السياسية ماضية و تتعقد

إن المؤكد في فرنسا بعد سقوط الحكومة الثالثة في غضون سنة، أن الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد ماضية وتتعقد بشكل عميق.

فبعد تقديم سيباستيان لوكورنو استقالته في أقل من 24 ساعة من إعلان تشكيلته الحكومية الجديدة التي تعرضت لانتقادات حادة نظير فشلها المتوقع في القيام بالإصلاحات السياسية الملحة، والدفع نحو احراز تقدم في قضايا البطالة و الضمان الاجتماعي وعجز الميزانية والخطط التقشفية المرفوضة بحدة، وصولا إلى أكثر الملفات تعقيدا، وهو الدين العام الذي يعرف ارتفاعا عجزت مؤسسات الجمهورية الخامسة في ضبطه حتى وصل إلى 115٪ من قيمة الناتج المحلي الخام.

بناء على هذه الأزمات المتراكمة في ظل نظام الجمهورية الخامسة المريضة، فإن فرنسا تشهد حالة من عدم القدرة على الحكم، نظير عجز مؤسسات الدولة على الاستجابة للتحديات و المطالب الاجتماعية والاقتصادية، و لكن أيضا السياسية التي تعرف حالة تشرذم داخل الجمعية الوطنية الفرنسية، و التي القت بظلالها على الحكومات الهشة التي امتلكت بذور سقوطها حتى قبل تشكيلها.

لتصل إلى حد عدم القدرة على الصمود و لو ليوم واحد، و بالتالي استحالة تشكيل حكومة جديدة في ظل صعوبة بناء توافق داخل البرلمان الفرنسي المنقسم و المشتت، وما زاده تشرذما موجة المد اليميني المتطرف الذي يبقى متصاعدا.

إن هذا الواقع الأزموي لنظام الحكم الفرنسي قلص البدائل والخيارات التي يمكن طرحها من طرف صانع القرار، لعل من أبرزها الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، سترسخ حالة المرض المزمن للجمهورية الخامسة التي قرب موعد سقوطها وفق المؤشرات الحالية، التي عمقت الأزمة الفرنسية باعتبارها دولة لم تعد قابلة للحكم.

وهي الحالة التي لم تصل إليها الجمهورية الرابعة في عام 1958، لكونها كانت قادرة على إنتاج البدائل، و الخيار الصعب في ظل الأزمة العميقة التي تشهدها فرنسا حاليا، والتي لا يمكن النظر إليها فقط من منظار عدم القدرة على اجراء التسويات اللازمة لبناء توافق سياسي لتشكيل حكومة قادرة على الصمود إلى غاية 2027.

إن غياب البدائل أمام الجمهورية الفرنسية الخامسة المريضة، قد تدفع الرئيس الفرنسي لطرح تصور للخروج من الأزمة يرتكز على تعديل الدستور الفرنسي في أقصى الاحتمالات، والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة لن تكون قادرة على بناء التسويات اللازمة لإنقاذ الجمهورية الخامسة، خاصة و أن الطبقة السياسية الفرنسية تحمل ماكرون جزءا كبيرا من المسؤولية عن ما آلت إليه حدة الأزمة، وتركته وحيدا في مواجهتها، رغم أن المسار المؤكد في فرنسا بناء على هذا الواقع الأزموي سيستمر إلى غاية 2027، وهو التاريخ الذي قد يكون آخر سنوات المرض الذي تعانيه الجمهورية الفرنسية الخامسة، فاسحة المجال لجمهورية سادسة قد تتيح لفرنسا إمكانية الاستمرار كقوة إقليمية في أوروبا في أحسن السيناريوهات إيجابية.