الأسرة الجزائرية في رمضان مدرسة للتربية والإصلاح وتجديد العهد لنصرة فلسطين على نهج جمعية العلماء المسلمين

د.حسان بوسرسوب/ يشكل شهر رمضان في الجزائر أكثر من مجرد موسم للعبادة، فهو مدرسة عظيمة للتربية والإصلاح، تنبع من تعاليم الإسلام السمحة، وتتجذر في خطاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين جعلوا من الأسرة أساس نهضة المجتمع وبنائه. في هذا الشهر الكريم، تحيا الأسرة الجزائرية روحًا إيمانية تتجاوز حدود البيت لتشمل الأمة الإسلامية جمعاء، فتتجسد معاني …

مارس 26, 2025 - 13:25
 0
الأسرة الجزائرية في رمضان  مدرسة للتربية والإصلاح وتجديد العهد لنصرة فلسطين على نهج جمعية العلماء المسلمين

د.حسان بوسرسوب/

يشكل شهر رمضان في الجزائر أكثر من مجرد موسم للعبادة، فهو مدرسة عظيمة للتربية والإصلاح، تنبع من تعاليم الإسلام السمحة، وتتجذر في خطاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين جعلوا من الأسرة أساس نهضة المجتمع وبنائه. في هذا الشهر الكريم، تحيا الأسرة الجزائرية روحًا إيمانية تتجاوز حدود البيت لتشمل الأمة الإسلامية جمعاء، فتتجسد معاني الوحدة، والتكافل، ونصرة المظلوم، وهي القيم التي لطالما نادت بها الجمعية منذ تأسيسها. فكما كان الإمام عبد الحميد بن باديس يردد: “الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا”، كان لا يغفل عن التأكيد على وحدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وعلى رأس قضاياهم قضية فلسطين، التي كانت حاضرة بقوة في وجدان الجزائريين منذ بدايات الاحتلال الصهيوني.
في شهر رمضان، تتعاظم مشاعر التضامن في بيوت الجزائريين، حيث تجتمع الأسر على طاعة الله، وتزرع في أبنائها القيم النبيلة، وفي الوقت ذاته، تنبض قلوبهم ألمًا لما يحدث في فلسطين، وخاصة في غزة، من ظلم وعدوان وحصار. هنا يتحول رمضان إلى فرصة عظيمة لتجديد العهد مع قضايا الأمة، حيث نجد الأسرة الجزائرية تسعى لتربية أبنائها على معاني الصبر والثبات، مستلهمة من صمود أهل غزة مثالاً حيًا على قوة الإيمان وعلو الهمة. فالبيت الجزائري، وهو يعلّم أبناءه الصوم وتحمل الجوع والعطش، لا يغفل عن الحديث معهم عن أطفال فلسطين الذين يعيشون الصيام تحت وابل القصف والجراح، ومع ذلك يتمسكون بإيمانهم وصمودهم.
إن القيم التي تدعو إليها جمعية العلماء المسلمين، من تعزيز الروح الجماعية، ونبذ الفرقة، ومساعدة الضعفاء، تترجمها الأسرة الجزائرية في رمضان بأبهى صورها، حيث تنشط حملات جمع التبرعات، والدعاء، والمشاركة في الوقفات التضامنية، نصرة لإخواننا في فلسطين، ووفاء لرسالة الجمعية التي كانت ترى أن تحرير الأوطان لا يكون إلا بتحرير النفوس من الذل والاستكانة، وغرس العزة في القلوب. ولعل ما تعيشه غزة اليوم من معاناة، يعيد للجزائريين ذكرى ثورتهم المباركة ضد الاستعمار الفرنسي، ويجعل الأسرة الجزائرية تربي أبناءها على أن فلسطين قضيتهم، كما كانت الجزائر قضية الأمة بالأمس القريب.
وإذا كان رمضان شهرًا للرحمة والمغفرة، فإنه في بيوت الجزائر يتحول أيضًا إلى شهر للدعاء بالنصر والثبات لإخواننا في فلسطين، وشهر للإنفاق ومد يد العون لهم، فترى الأسرة الجزائرية تقتطع من زكواتها وصدقاتها وتوجهها لدعم المحاصرين في غزة، استجابة لنداء الدين، واستلهامًا لمواقف جمعية العلماء التي علمت الشعب الجزائري أن الأمة جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. كما أن السهرات الرمضانية الجزائرية، لا تخلُو من الحديث عن بطولات أهل فلسطين، ودماء الشهداء، فتكون بمثابة دروس حية في معاني الجهاد، والصمود، والكرامة.
وهكذا يثبت رمضان مرة أخرى أنه ليس موسمًا روحانيًا فحسب، بل هو أيضًا موسم للتربية على الوعي بالقضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين. والأسرة الجزائرية، وهي تتبنى نهج جمعية العلماء المسلمين، تجعل من بيتها مدرسة لصناعة الأجيال الواعية، القادرة على حمل الأمانة، والمدافعة عن المظلومين، والتضامن مع الشعوب المستضعفة، تحقيقًا لرسالة الإسلام في نصرة الحق وإقامة العدل. فغزة في قلب كل بيت جزائري، ورمضان يحيي هذا الارتباط الإيماني، ويجعل الأسرة الجزائرية أقرب ما تكون إلى فلسطين، بالدعاء، وبالتربية، وبالدعم، إيمانًا بأن النصر قادم، وأن الأمة ستجتمع على كلمة الحق كما أراد لها العلماء والمصلحون.