الشهيد الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة-وأثره في نهضة الأوقاف الدينية والتعليمية والاقتصادية في مدينة غزة وفلسطين (2005-1994م) [الجزء الثاني]

د. عبد اللطيف زكي أبو هاشم/ ■ الفصل الثاني: «فلسطين في السنة النبوية الشريفة». وهو تكملة مهمة لتعزيز مكانة فلسطين، وذلك ببيان ما جاء في المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، ألا وهو السنة النبوية حيث ارتكز الكاتب على مجموعة مهمة من الروايات الصحيحة التي وردت في كتب السنة المعتمدة مع شرحها وأقوال علمائنا الأفاضل فيها …

مارس 26, 2025 - 13:25
 0
الشهيد الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة-وأثره في نهضة الأوقاف الدينية والتعليمية والاقتصادية في مدينة غزة وفلسطين (2005-1994م) [الجزء الثاني]

د. عبد اللطيف زكي أبو هاشم/

■ الفصل الثاني:
«فلسطين في السنة النبوية الشريفة».
وهو تكملة مهمة لتعزيز مكانة فلسطين، وذلك ببيان ما جاء في المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، ألا وهو السنة النبوية حيث ارتكز الكاتب على مجموعة مهمة من الروايات الصحيحة التي وردت في كتب السنة المعتمدة مع شرحها وأقوال علمائنا الأفاضل فيها . بدأ الشيخ بما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك، قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال معاذ «وهم بالشام»، فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: «وهم بالشام» والرواية الأخرى عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس»، وبين الشيخ الفاضل كيف أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على أهل بيت المقدس وأن الخير باق فيهم إلى يوم القيامة وأنهم ثابتون على العقيدة والمبدأ، وهم الذين تخرج منهم الطائفة المنصورة – إن شاء الله تعالى –، وأن بيت المقدس هو حصن الإسلام، وهو القضية الأم والمركزية للمسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها إلى يوم القيامة، على الرغم من كل ما تعصف به من محن، ومؤامرات، وتهويد. «راجع ص32 بتصرف» ومن الروايات الهامة في هذا الفصل: الحديث الذي ورد عن أبي ذر – رضي الله عنه – أنه قال: قلت يارسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى، قلت كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه»، وعن أهمية المسجد الأقصى وكيف كان قبلة المسلمين: ما ورد عن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: «صلينا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أوسبعة عشر شهراً ثم صرفنا نحو الكعبة»، لقد كانت القدس القبلة الأولى للمسلمين منذ فرضت الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، حتى أذن الله بتحويل القبلة إلى بيت الله الحرام . وكذلك نقرأ الرواية المهمة بشد الرحال والصلاة في بيت المقدس حيث روى عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» وهذا يدل على الاهتمام الكبير الذي أولاه الرسول – صلى الله عليه وسلم – للمسجد الأقصى المبارك، حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة وبركة شقيقه المسجد الحرام «ص23 في هذا الفصل الهام استوفى الكاتب جل الروايات والأحاديث الواردة في بيت المقدس وفلسطين والمسجد الأقصى، وفضله وبركته وفضل زيارته وأهميته .هي مبثوثة في الصفحات من (45-32) فلتراجع لأهميتها وتنوعها .

■ الفصل الثالث:
«فلسطين أرض الأنبياء»
وقد بين المؤلف في هذا الكتاب، كم من الأنبياء، كانت فلسطين محط رحال الكثيرين منهم، وكفى أرض فلسطين شرفاً أن تكون مأوى ومهاجر لسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولوط عليه الصلاة والسلام، ومحط رحال ليعقوب ويوسف -عليهما الصلاة والسلام-، كما صلى رسولنا محمد – صلي الله عليه وسلم – إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصي المبارك، وما من شبر في أرض فلسطين إلا وكانت له حكاية مع نبي من أنبياء الله تعالى. وهذا ما عززه أيضا في الباب الثاني الفصل الأول تحت عنوان «فلسطين محط أنظار المسلمين» وأما الفصل الثاني «فلسطين للمسلمين وليست لليهود» ففيه يناقش المؤلف فرية الحق التاريخي، ويفند مزاعم اليهود حول هذه القضية وأول فرية من تلك الافتراءات هي فرية الحق التاريخي حيث يزعم اليهود أنهم كانوا في هذه الأرض قبل العرب والمسلمين بعدة قرون، فيرد عليهم الكاتب فريتهم بالأدلة التاريخية، التي استعرض من خلالها تاريخ فلسطين منذ العصر الحجري وحتى عصرنا الراهن بصورة موجزة ومكثفة، ثم يقرر أخيراً: «أن الحق التاريخي لليهود في أرض فلسطين افتراء باطل لا أصل له، ولا يقوم على أي أساس «ص73-80» ثم ينتقل الكاتب كالفارس في ميدان مواجهة، أو ساحة حرب، لينتقل إلى فرية الحق الديني، حيث إن داود وسليمان أنبياء اليهود كما يزعمون، وأن الله عز وجل قد أعطى إبراهيم عليه السلام أرض فلسطين له ولنسله «أرض الميعاد» فكيف تكون هذه الأرض للمسلمين؟! يفند شيخنا هذه المزاعم الباطلة، مستعرضاً لها أولا ً كما هي، أو كما زعموا بلغتهم وتفكيرهم وعنجهيتهم، ويبين أننا لو قرأنا القرآن الكريم لوجدنا أن الآيات القرآنية تتحدث عن الإسلام رسالة السماء إلى العالمين منذ خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام حتى نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مثل قوله تعالي: «ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفا مسلما» وقوله تعالى: «إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين «وقوله تعالى «ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون»أي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وصى بهذه الملة وهي ملة الإسلام الحنيفية» ثم يكمل الكاتب نظريته حول هذه الفكرة الهامة – التي تجرد من سموا أنفسهم بني إسرائيل «نسبة إلى الأنبياء عليهم الصلاة و السلام – أنبياء بني إسرائيل السابقين – فجميع الأنبياء والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام- حسب ما يورد لنا الكاتب، هم الأساس واللبنة التي بني عليها الإسلام الحنيف، مستشهداً في ذلك بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى»، وتقريره – صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: «هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين»، وقد تسلم الراية من إخوته الأنبياء – في المسجد الأقصى المبارك ليلة الإسراء والمعراج – حيث صلي بهم إماماً، فهذا يعني أنه صلى الله عليه وسلم – قد تسلم قيادة البشرية، ومن بعده أمته وأتباعه إلى يوم القيامة . ص84-85 وما بعدها. ثم يوضح لنا شيخنا فكرة هامة وهي: أن الله عز وجل يعطي الأرض ويورثها للمؤمنين الصالحين من عباده «ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون» و«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه» أي أن أحق الناس بالانتساب إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أتباعه الذين سلكوا طريقه ومنهاجه في عصره وبعده «وهذا النبي» أي محمد – صلى الله عليه وسلم –، «والذين آمنوا» أي المؤمنون من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – فهم الجديرون بأن يقولوا نحن على دينه لا أنتم «والله ولي المؤمنين» – أي حافظهم وناصرهم». والمسلمون هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. والخلاصة من كل ما سبق: «أنه لايوجد حق ديني لليهود في فلسطين حيث إن هذا الزعم لا يقوى أمام التحقيق العلمي. «ص89-90، ثم يعرج الكاتب على خصوصية فلسطين – حيث إنها أرض وقف إسلامي، ومن ثم فهي ملك عام للمسلمين عامة، كما أنهم مرتبطون بها ارتباطاً وثيقاً فهي مهد الرسالات، وموطن العلماء حيث احتضنت فلسطين عدداً كبيراً منهم. لذلك كان ارتباط المسلمين بهذه الأرض الطاهرة ارتباطاً عقديا وتعبدياً وسياسياً وتاريخياً وحضارياً، وقد دلل الكاتب على ذلك بمختلف الأدلة والحجج الناصعة، ومن ثم خلص الكاتب إلى نتائج هامة بهذا الصدد وهي: – أن أرض فلسطين والمسجد الأقصى المبارك ملك عام للمسلمين وليس لليهود فيها أي حق.
• أرض فلسطين أرض وقف، وهي أرض الإسراء والمعراج، وحادثة الإسراء من المعجزات، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية، فارتباط المسلمين بفلسطين هو ارتباط عقدي، وليس ارتباطاً موسمياً مؤقتاً، ولا انفعالياً عابراً .
• أرض فلسطين هي أرض المحشر والمنشر، وقبلة المسلمين الأولى، وواجب عليهم أن يستعيدوا أرضهم المفقودة، وخيراتهم التي استولى عليها أرباب الشر والمكر.
ثم ينبه الكاتب أمة الإسلام والشعوب الإسلامية إلى واجبهم تجاه فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، حيث إنه وبما تم معرفته من الأدلة الناصعة على أهمية فلسطين وقدسيتها، حيث تعتبر فلسطين درة بلاد الشام، وهذا ما بينه ووضحه بصورة جيدة في الفصل الثالث الذي جعل عنوانه «واجب المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى» وقد وضع الكاتب أيضاً حلولاً إستراتيجية كما أطلق عليها «طويلة الأمد» وذلك بأن يعود المسلمون إلى دينهم عوداً حميداً صحيحاً لأن هذه العودة هي سنة الله تعالى في التغيير إلى الأصلح والأقوم في حياة الأمة، قال تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» [الرعد – 11] وهكذا يضعنا الكاتب أمام الحل الرباني لهذه القضية الربانية العقائدية، بما لهذه الأمة من طاقات وإمكانات متعددة ومختلفة لو أحسنت استغلالها لكانت الرائدة دائماً ومن هذه الطاقات.
• القوة البشرية من حيث قوة العدد والعنصر البشري.
• القوة المادية والاقتصادية: حيث تمتلك الأمة الإسلامية الكثير من الخيرات التي حباها الله بها من سهول وجبال ووديان وزرع ومياه ونفط، ومعادن وغيرها، مما لا يتوفر للأمم الأخرى.
ثم يضع الكاتب حلولاً فورية ومنها:
• التعريف بفلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك وقيمتها وأهميتهما بالنسبة للإسلام والمسلمين، والتركيز على العهدة العمرية وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
• التبرع لصالح القضية الفلسطينية، وضرورة دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بصفة عامة، وأهالي مدينة القدس بصفة خاصة، من تجار، ومواطنين، وحراس للمسجد الأقصى،ومؤسسات تعليمية وصحية وخدماتيه .
• مقاطعة المنتوجات التي يعود مردودها لسلطات الإحتلال الإسرائيلي حيث تساهم في قتل أهل فلسطين سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
• مناشدة الرأي العام وخاصة الأوروبي – المسيحي للوقوف على الحقائق عن كثب، ومساندة الحق الفلسطيني والمشاركة في الدفاع عن المقدسات المسيحية في فلسطين.
• فضح المخططات الصهيونية من تهويد للمقدسات، ومصادرة للأراضي، وإقامة الجدار العازل ……. الخ .
• العمل المؤسساتي وتفعيل دور المؤسسات الإسلامية في جميع أنحاء العالم لمساندة الحق الفلسطيني ونصرة القضية الفلسطينية.

وفاته
استُشهد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت منزله في مخيم المغازي وسط قطاع غزة يوم الأحد 18 جُمادى الآخرة 1445هـ الموافق 31 ديسمبر 2023، وقد ناهز التاسعة والستين.

* مدير دائرة المخطوطات والآثار – وزارة الاوقاف – غزة