الإعلام المغربي يعرّي إخفاقات دبلوماسية “المخزن”
يستمر الإعلام المغربي في توجيه انتقادات لاذعة لأداء دبلوماسية نظام المخزن، خاصة في ملفات حساسة تتعلق بمحاولاته المتكررة لفرض ما يسميه بـ”السيادة” على الصحراء الغربية، واستغلال ملف الهجرة غير الشرعية لتحقيق مكاسب غير قانونية، إلى جانب استمرار التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم جرائم الإبادة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. أحدث ما أثار الجدل داخل الأوساط الإعلامية …

يستمر الإعلام المغربي في توجيه انتقادات لاذعة لأداء دبلوماسية نظام المخزن، خاصة في ملفات حساسة تتعلق بمحاولاته المتكررة لفرض ما يسميه بـ”السيادة” على الصحراء الغربية، واستغلال ملف الهجرة غير الشرعية لتحقيق مكاسب غير قانونية، إلى جانب استمرار التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم جرائم الإبادة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
أحدث ما أثار الجدل داخل الأوساط الإعلامية والسياسية المغربية كان ما وُصف بـ”فضيحة دبلوماسية”، تمثّلت في استقبال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، لشخصية معارضة لا تمثل الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في جنوب إفريقيا، بهدف انتزاع اعتراف مزعوم بـ”سيادة” المغرب على الصحراء الغربية. وقد سارع الإعلام الرسمي إلى تصوير اللقاء على أنه “اختراق دبلوماسي” وتغيير في موقف بريتوريا، التي تُعرف بموقفها الثابت إلى جانب حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
في هذا السياق، تساءل موقع إخباري مغربي تحت عنوان ساخر: “لماذا يصرّ السيد بوريطة على تسجيل أهداف غبية ضد مرمى الدبلوماسية المغربية؟”، مستهجناً استقبال شخصية هامشية، في ما وصفه بـ”بدعة غريبة”، في ظل وجود برلمان مغربي يمكنه قانونياً دعوة مثل هذه الشخصيات.
من جهته، عبّر الإعلامي فؤاد عبد المومني عن دهشته من هذا السلوك، قائلاً: “ألهذا الحدّ بلغ هزال الدبلوماسية المغربية، أن تتحزم بكل من لفظته بلاده والأخلاق السياسية، لتقدّمه على أنه صيد ثمين وتقدّم باهر؟”.
وفي سياق متصل، انتقد العقيد الإسباني السابق بيدرو بانيوس، توظيف المغرب ورقة الهجرة غير الشرعية لابتزاز الدول الأوروبية، في مساعٍ غير مشروعة لجني مكاسب سياسية ومالية. وقد شهدت هذه السياسة ذروتها في حادثة محاولة أكثر من 80 شخصاً، بينهم 54 طفلاً، عبور البحر إلى جيب سبتة الإسباني سباحةً، وهو ما وصفه الخبير الأممي السابق محمد الشرقاوي بأنه “سيرك دبلوماسي” يؤكد فقدان الدبلوماسية المغربية لبوصلة الحكمة والحسابات الدقيقة.
من جانبه، نبّه الحقوقي المغربي محمد قنديل إلى أن النظام المغربي لا يزال يوظف المال والنفوذ لشراء مواقف سياسية داعمة لموقفه من قضية الصحراء الغربية، معتبراً ذلك دبلوماسية صفقات قائمة على الاستثمارات المشروطة والمساعدات مقابل تأييد سياسي.
أما الإعلامي بدر العيدودي، فقد اتهم دبلوماسية بوريطة بالاعتماد على “استقطاب نخب فاسدة على هامش المعادلة السياسية”، مشيراً إلى اعتمادها على “الرشوة والتجسس”، ومؤكداً أن ما يتم الترويج له مجرد “انتصارات شكلية ووهمية” لا تخفي عزلة المغرب المتزايدة دولياً.
وتزامناً مع هذه الانتقادات، يستمر الصمت الرسمي المغربي تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة، ما فجر موجة غضب عارمة لدى إعلاميين وناشطين مغاربة. وقد عبّر الإعلامي عبد الله الترابي عن أسفه قائلاً إن “محكمة التاريخ لن ترحم من ساهموا في المآسي التي نراها في غزة”، واصفاً موقف بلاده بأنه شراكة صريحة مع الاحتلال.
وفي حادثة أخرى أثارت الاستياء، هاجم المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وزير الخارجية بوريطة بعد قرصنة بحرية ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضد سفينة “حنظلة” الإنسانية المتوجهة إلى غزة وعلى متنها صحفي مغربي، متسائلاً عما إذا كان الوزير سيلتزم الصمت مجدداً، كما حدث بعد جريمة إطلاق النار على السفير المغربي في رام الله.
بين فشل في الملفات الإقليمية الكبرى، وصمت مخجل في القضايا الأخلاقية والإنسانية، تتعرض دبلوماسية “المخزن” لسيل متصاعد من الانتقادات من الداخل قبل الخارج، في مشهد يعكس أزمة عميقة في الرؤية والممارسة.