الجيش الوطني الشعبي.. قوة وركيزة إستقرار

تحيي الجزائر، غدا 4 أوت، اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، المصادف للذكرى الـ63 لتحويل جيش التحرير إلى الجيش الوطني الشعبي في الرابع أوت من عام 1962. وقد بادر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، عام 2021، إلى ترسيم هذا اليوم الوطني، عرفانًا بالدور المحوري للمؤسسة العسكرية في حماية السيادة [...] ظهرت المقالة الجيش الوطني الشعبي.. قوة وركيزة إستقرار أولاً على الحياة.

أغسطس 3, 2025 - 17:47
 0
الجيش الوطني الشعبي.. قوة وركيزة إستقرار

تحيي الجزائر، غدا 4 أوت، اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، المصادف للذكرى الـ63 لتحويل جيش التحرير إلى الجيش الوطني الشعبي في الرابع أوت من عام 1962.

وقد بادر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، عام 2021، إلى ترسيم هذا اليوم الوطني، عرفانًا بالدور المحوري للمؤسسة العسكرية في حماية السيادة الوطنية، وصون وحدة البلاد واستقرارها، عبر تاريخ حافل بالتضحيات والمهام النبيلة.

ويأتي هذا القرار تكريسًا لارتباط الجيش الوطني الشعبي العميق بالشعب والدولة، باعتباره سليل جيش التحرير الوطني، ومؤسسة ما تزال في مقدّمة الصفوف، سواء في مواجهة الإرهاب، أو تأمين الحدود، أو التدخل السريع خلال الكوارث والأزمات، مجسّدًا عقيدة عمل ترتكز على الثوابت الوطنية والجاهزية الدائمة.

وفي هذا السياق، يؤكّد “الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد ميزاب للحياة”، أن إحياء ذكرى الرابع من أوت يمثل محطة رمزية واستراتيجية هامة لإعادة قراءة مكانة الجيش الوطني الشعبي، باعتباره مؤسسة محورية في ضوء التحوّلات العميقة التي يشهدها المحيطان الإقليمي والدولي.

وقال ميزاب إن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، ظل منذ استرجاع السيادة الوطنية ركيزة أساسية في بناء الدولة الجزائرية الحديثة. وقد تشكّل هذا الجيش في رحم ثورة التحرير، مستندًا إلى مرجعية نضالية قوية، ما جعله العمود الفقري للهوية الوطنية، وضامنًا لاستقرار الدولة ووحدتها.

من مؤسسة تقليدية إلى فاعل استراتيجي

وشدّد ميزاب على أن الجيش الوطني الشعبي أثبت، في محطات حاسمة، أنه الضامن الأول لوحدة الدولة واستمراريتها، سواء من خلال تعامله مع تحديات العشرية السوداء أو انخراطه في التصدي للتهديدات في منطقة الساحل الإفريقي، وهو ما يعكس تحوّله إلى فاعل استراتيجي متعدد الوظائف، متمركزًا في صلب توازنات الدولة، ومُسهمًا في تعزيز دور الجزائر كقوة استقرار إقليمية.

وفي سياق تحديات الحاضر، أوضح الخبير الأمني أن الجزائر انتقلت من مواجهة التهديدات الكلاسيكية إلى التعامل مع بيئة أمنية معقّدة تتّسم بتنوّع وتطوّر أشكال التهديدات، خاصة تهديدات “القوة الناعمة” التي تمزج بين الأدوات العسكرية وغير العسكرية، وتستهدف الدولة من الداخل والخارج في آنٍ واحد

ولفت إلى هشاشة المحيط الإقليمي، خاصة في منطقة الساحل، باعتبارها مسرحًا لنشاط جماعات مسلحة، إلى جانب تصاعد التهديدات السيبرانية وحروب الجيلين الرابع والخامس، والتي تستهدف الإدراك الجمعي عبر أدوات التأثير النفسي والمعلوماتي والإعلامي، وهو ما يتطلب جاهزية استباقية عالية، إضافة إلى التعامل مع ضغوط اقتصادية واجتماعية متنامية، ما يستدعي دمجًا أعمق بين مفهومي الأمن والتنمية لتحقيق استقرار مستدام

عقيدة مرنة ورؤية مستقبلية

نوّه الخبير ميزاب بالكلمة التي ألقاها الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الوطني الفريق أول شنقريحة، خلال حفل تخرّج الدفعات بأكاديمية شرشال، والتي عكست توجهًا استراتيجيًا لتحديث التكوين، من خلال إدماج تخصصات جديدة مثل السيبرانية، الذكاء الاصطناعي، إدارة الأزمات، والتحليل الاستراتيجي، بما يعكس استثمارًا بشريًا عميقًا لإعداد نخب عسكرية قادرة على التعامل مع بيئات صراع معقدة.

كما أبرز أهمية ترسيخ رابطة “جيش- أمة”، بما يعزز العلاقة العضوية بين الجيش والمجتمع، ويحصّن الجبهة الداخلية من محاولات الاختراق والتفكيك.

نحو مدرسة جزائرية في العقيدة الاستراتيجية

واعتبر ميزاب أن الجيش الوطني الشعبي يشقّ طريقه نحو بلورة “مدرسة جزائرية” في العقيدة الاستراتيجية، تنطلق من خصوصية التجربة الوطنية وتتكيف مع المستجدات العالمية، بعيدًا عن استنساخ النماذج الغربية أو الشرقية.

وأكّد أن هذه المدرسة ترتكز على مبدأ الجمع بين الأصالة والمعاصرة: أصالة مستمدّة من مفاهيم السيادة، التحرّر، التلاحم؛ ومعاصرة تستند إلى أدوات التحليل الجيوسياسي والتكنولوجي، وتعزيز التفكير الاستراتيجي متعدد المستويات.

ويرى أن هذا التوجه يتطلّب بناء نموذج تكاملي يشمل قوة الردع، الجاهزية العملياتية، وأدوات القوة الناعمة عبر الدبلوماسية الدفاعية والمشاركة في مهام حفظ السلام، وهو ما يعكس قدرة الجيش الوطني الشعبي على التأثير لا مجرّد الاستجابة.

تموضع استراتيجي في محيط متقلّب

وختم الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد ميزاب حديثه بالتأكيد على أن الجيش الوطني الشعبي، في ظل هذه الرؤية، يُثبت مرة أخرى أنه الضامن لوحدة الدولة، وركيزة استقرارها، ومحور تموضع الجزائر كقوة ذكية في محيطها الإفريقي والمتوسطي.

وأشار إلى أن الجيش بات يحتل موقعًا متقدمًا في التصنيفات الإقليمية والدولية، ما يؤكد التطوّر الاستراتيجي الذي تشهده المؤسسة العسكرية، القادرة على مواجهة تحديات الحاضر، كالجريمة المنظمة، الإرهاب، الحروب السيبرانية، والذكاء الاصطناعي، بعقيدة ديناميكية مرنة، ورؤية استباقية تستثمر في الإنسان والتكنولوجيا، وتوسّع أدوار الجيش نحو مزيد من الحضور الاستراتيجي الناعم والصلب في آنٍ واحد.

ظهرت المقالة الجيش الوطني الشعبي.. قوة وركيزة إستقرار أولاً على الحياة.