الحكم الراشد في تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر واقع وآفاق
أ د. عمار طالبي/ وقع بين يدي بالأمس 18 مارس 2025 في «مركز آفاق للدراسات والتدريب» مجلدان بعنوان: «دور الحوكمة في تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر واقع وآفاق» وهما عبارة عن كتاب جماعي ذي جزئين صدرا في مارس 2024، جاء في كلمة رئيس اللجنة العلمية للكتاب الأستاذ عبد المجيد البركة قدّي أن هذا الكتاب: يسعى …

أ د. عمار طالبي/
وقع بين يدي بالأمس 18 مارس 2025 في «مركز آفاق للدراسات والتدريب» مجلدان بعنوان: «دور الحوكمة في تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر واقع وآفاق» وهما عبارة عن كتاب جماعي ذي جزئين صدرا في مارس 2024، جاء في كلمة رئيس اللجنة العلمية للكتاب الأستاذ عبد المجيد البركة قدّي أن هذا الكتاب: يسعى إلى: «تحليل العلاقة بين الحكومة والتنمية المستدامة في الجزائر على ضوء الممارسات الدولية، وتصورات المنظمات الدولية والإقليمية» (الجزء الأول (ص7)، وأن الجزائر عملت «على تلمس مسارات التنمية الممكنة للخروج من دائرة التخلف، وضمان مستوى معيشي لائق للمجتمع الجزائري، الذي قدم التضحيات الجسام في سبيل استرجاع سيادته، والسيطرة على موارده واستخدامها فيما يفيد المجتمع ويشبع حاجاته (…) وهكذا انخرطت في تنفيذ العديد من المخططات والبرامج التنموية، واعتماد السياسات الكفيلة بتجسيدها على أرض الواقع، صحيح أن تنفيذ هذه المخططات قد عرف بعض التعثر في مساره «وإن كانت بعض الدراسات تشير إلى أن ما تحقق من أهداف كان دون حجم الموارد التي تمت تعبئتها، وهذا يعود في جزء منه إلى عدم سلامة بعض الخيارات، وضعف درجة المشاركة في صياغة الأهداف، فضلا عن غياب التقييم الدائم والمستمر بالتوازي مع طبيعة الاقتصاد الجزائري القائم على المورد الواحد: النفط»(المرجع نفسه ص6).
ويضم الكتاب عدة محاور، محور المداخل النظرية للحوكمة، والتنمية المستدامة، ومحور الحوكمة والتنمية المستدامة وفق مقاربات المنظمات الدولية، ومحور معضلات التنمية المستدامة ومحور التجارب الدولية والدروس المستفادة، ومنها تجربة ماليزيا، وكوريا، والتجربة التركية، وجنوب إفريقيا، ومحور تشخيص وتقييم واقع التنمية المستدامة، ومحور واقع سياسات الحوكمة وآليات مكافحة الفساد، ومحور آفاق الحوكمة والتنمية المستدامة في الجزائر.
من الأبحاث ما كتب باللغة العربية ومنها ما كتب باللغة الإنجليزية، وأظن أنها أبحاث جادة تتناول هاجس التنمية الاقتصادية في مختلف الحكومات لأنها تضمن أساس رفاهية الإنسان وتمكنه من إشباع حاجاته، وهي أبحاث جديدة يحتاجها القراء، والثقافة العامة، وقد كان الموضوع ذاته يتضمن اصطلاحات محدثة جديدة مثل مصطلح «الحوكمة» الذي يدل على الرشد في الحكم، والكفاءة في أدائه لأنه سبيل لتحقيق أهداف التنمية، فالعلاقة وثيقة بين الحوكمة والتنمية، والعلاقة بالمجتمع الأداة الأساسية الإنسانية التي تضمن الوصول إلى الهدف الذي ترمي إليه التنمية الاجتماعية نظرا لأهمية العامل الإنساني فيها، وأظن أن عرض تجارب الأمم الأخر وخاصة تجربة ماليزيا ودور الرشد في الحوكمة من الفائدة بمكان إذ اهتم بهذه التجربة الباحثون ويكادون يسمونها معجزة في مجتمع متعدد الأعراق والديانات، واللغات، ومع ذلك كله وما وضعه الاستعمار البريطاني من خطط جهنمية يجلب الصينيين والهنود إلى ماليزيا حتى لا تبقى لأهلها المسلمين وحدهم.
وكان للعنصر الإسلامي في الدولة أهميته وللمالويين أيضا وحكمة رؤسائه أكبر عامل في النجاح، ولمحمد مهاتير وسعة أفقه وحكمته وثقافته أيضا دور مهم في إخراج ماليزيا من مجتمع زراعي فقير إلى مجتمع صناعي للإلكترونيات التي جنّد لها العاملين والعاملات وأصبحت ماليزيا تصدّر الإلكترونيات إلى الخارج وبذلك ازدهر اقتصاد الوطن، وحسنت معيشة الناس الذين كانوا لا يعرفون إلا الفلاحة فأصبحوا تقنيين ماهرين، ولقد زرت ماليزيا مرتين وألقيت محاضرة في كلية الآداب في الجامعة الإسلامية العالمية بعاصمة ماليزيا، وزرتها مرة أخرى بمناسبة نصرة فلسطين التي تكلم في شأنها السيد محمد مهاتير في اجتماع عام، ونرى اليوم مدى مناصرتها لقضية فلسطين، وجهاد أهل غزة العظيم.
وإننا نرجو للجزائر أن تسلك طريق التنمية المستدامة، ولا يتحقق إلا بالرشد والقضاء على الفساد الذي كانت تقوم به عصابة ماكرة.
وفق الله القائمين على التنمية في وطننا إلى ما يحقق الازدهار والرفاهية.