الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلًا للمفتي البشري
· وضع ضوابط شرعية وأخلاقية صارمة · إعادة النظر في تكوين المفتي ووظيفته أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، أن الذكاء الاصطناعي رغم قدراته الكبيرة لا يمكن أن يحل محل عقل المفتي البشري، الذي يمتلك أدوات الاجتهاد وفهم مقاصد الشريعة وإدراك تعقيدات الواقع الإنساني. وضع ضوابط شرعية وأخلاقية …

· وضع ضوابط شرعية وأخلاقية صارمة
· إعادة النظر في تكوين المفتي ووظيفته
أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، أن الذكاء الاصطناعي رغم قدراته الكبيرة لا يمكن أن يحل محل عقل المفتي البشري، الذي يمتلك أدوات الاجتهاد وفهم مقاصد الشريعة وإدراك تعقيدات الواقع الإنساني.
وضع ضوابط شرعية وأخلاقية صارمة
وأوضح يوسف بلمهدي، أمس في فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت عنوان: “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”، أن المفتي الرشيد في هذا العصر هو الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويتسلح بالعلم والورع، والوعي بالتحولات الاجتماعية والثقافية والتطورات التكنولوجية، محذرا في ذات الشأن من مخاطر الفتاوى التي تنشرها المواقع الإلكترونية والمحكومة بالذكاء الاصطناعي أو “المؤتمتة”. قائلا إنّه “في زمن تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، وتتغلغل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كل مجالات الحياة، يجد المجال الديني نفسه أمام تحدٍ جديد: كيف يمكن لصوت الفتوى أن يبقى راشدًا وسط ضجيج الخوارزميات؟”. ودعا إلى “ضرورة وضع ضوابط شرعية وأخلاقية صارمة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى، محذرًا من الاعتماد الكلي على “الآلة” في إصدار الأحكام الشرعية”. وأوضح الوزير “التحولات التقنية التي يشهدها العالم، والدخول المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإرشاد الديني والإفتاء”. وأفاد في نفس الموضوع أن “هذا الواقع يحمل فرصًا مهمة لتحسين كفاءة العمل الإفتائي وتسريع الوصول إلى المعلومة الشرعية، لكنه أيضًا يطرح تحديات حقيقية على المستويات الشرعية، والأخلاقية، والمجتمعية”.
إعادة النظر في تكوين المفتي ووظيفته
كما دعا، إلى وضع ضوابط شرعية وأخلاقية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى، من أبرزها الإشراف العلمي المستمر من قبل علماء الشريعة، وضمان الشفافية والمساءلة، واحترام التنوع الفقهي، مع تعزيز الثقافة المجتمعية بضرورة الرجوع إلى العلماء الموثوقين. وشدد بلمهدي على أنّ “المفتي الرشيد ليس مجرد ناقل للنصوص، بل هو عالم بالشريعة، مدرك لتعقيدات الواقع، ومتسلح بأدوات العصر، قادر على تقديم فتوى موثوقة وراشدة تحقق مقاصد الشريعة وتراعي المصلحة وتدفع المفسدة.” ولفت إلى أنّ “دخول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان الفتوى شكّل محطة مفصلية في تطور أدوات الإفتاء، حيث أتاح قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على ملايين الفتاوى والآراء الفقهية”، مشيرا إلى خطورة الاعتماد المفرط عليه دون رقابة بشرية مؤهلة.” وشدد المسؤول الأول عن قطاع الشؤون الدينية في الجزائر على إعادة النظر في تكوين المفتي ووظيفته ومسؤوليته في ظل التحولات العميقة التي يعرفها العالم. وقال إنّ “المفتي اليوم مُطالب بأن يكون حارسًا للفكر الشرعي، وواعيًا بالتقنية وخطابها، ومميزًا لما يصلح منها وما لا يصلح، مع الاستمرار في تجديد الخطاب الديني وتكييفه مع الواقع، دون الخضوع له.”
فحص مصادر المعلومات الرقمية ومصداقية التطبيقات
وأبرز الوزير أن الفتوى لم تعد ترفًا فكريًا، بل أصبحت أداة لحماية المجتمع، وبناء السلام الفكري والاجتماعي، محذرًا من أن رفض التقنية بشكل كلي لم يعد مقبولًا، بل المطلوب هو احتواؤها وتوجيهها بما يخدم المقاصد الشرعية. وتطرق بلمهدي إلى مجموعة من المهام التي يجب أن يضطلع بها المفتي في عصر الذكاء الاصطناعي، أهمها “التحقق قبل الفتوى وذلك عبر فحص مصادر المعلومات الرقمية ومصداقية التطبيقات المستخدمة”. كما طالب بـ” التصحيح الاستباقي من خلال ضخ محتوى ديني موثوق للفضاءات الرقمية قبل انتشار المغالطات.” ودعا إلى “التحصين المعرفي وذلك عبر برامج إعلامية وتثقيفية توضّح آليات التلاعب بالمحتوى الديني، والتعاون مع جهات رصد الفتاوى المغلوطة”. في هذا السياق، شدد الوزير على ضرورة إخضاع الفتاوى المؤتمتة للمراجعة البشرية، وربط أنظمة الذكاء الاصطناعي بمؤسسات إفتائية معتمدة، وضمان استخدام نماذج رقمية مدربة داخل بيئات إسلامية موثوقة، مع الحفاظ على سرية بيانات المستفتين، ومنع إصدار الفتاوى دون إشراف علمي مؤهل. وأكد أنّ “صناعة المفتي في هذا العصر لم تعد خيارًا تطوعيًا، بل أصبحت ضرورة شرعية ومجتمعية، ومفتاحًا لحماية الفكر الديني من العبث، وتعزيز فاعلية المؤسسات الإفتائية في عالم يحكمه التسارع الرقمي”.
إلهام.س