العد التنازلي من خلال التصعيد التصاعدي
يتجه العدوان الهمجي الصهيوني على غزة والضفة نحو إلقاء آخر ورقة له على طاولة قمار الحلقة الإجرامية في غزة والضفة، وهذا في خضمِّ تصاعد كل أشكال الاحتجاج والرفض الداخلي والخارجي، كورقة قد تكون الأخيرة قبل السقوط أو تحقيق ما يتحدث عنه نتنياهو منذ أكثر من 22 شهرا: النصر المطلق. نصر إذا ما حدث، فلن يكون […] The post العد التنازلي من خلال التصعيد التصاعدي appeared first on الشروق أونلاين.


يتجه العدوان الهمجي الصهيوني على غزة والضفة نحو إلقاء آخر ورقة له على طاولة قمار الحلقة الإجرامية في غزة والضفة، وهذا في خضمِّ تصاعد كل أشكال الاحتجاج والرفض الداخلي والخارجي، كورقة قد تكون الأخيرة قبل السقوط أو تحقيق ما يتحدث عنه نتنياهو منذ أكثر من 22 شهرا: النصر المطلق. نصر إذا ما حدث، فلن يكون إلا بطعم الهزيمة، لأنَّ المقاومة لا تموت، والكل بات يعرف هذا من المؤرِّخ إلى المتأخِّر: هزيمة كبرى للكيان، حتى ولو دمَّر غزَّة أو ما بقي منها، فالسقوط الأخلاقي لساسة وكيان بلا أخلاق ولا ذمة، حاصلٌ وليس الأمر ببعيد.
الكيان على وشك الانهيار، وقد ساهم نتنياهو في ذلك ويفعل، كلما زاد في توسيع دائرة جرائم الإبادة التي لا تنتهي إلا بنهاية مدوِّية له. هو يعرف ذلك ويكابر ويسعى إلى عكسها بالمزايدات والآمال الأسطورية في تحقيق نصر مؤزَّر على من؟ على شعب أعزل يقاوم الاحتلال بالدم والحجر، وهو يدرك تماما أن العقيدة تتغلَّب على كل التعقيدات في نهاية المطاف، وهو يؤمن بها نسبيًّا، لكن في الاتجاه المعاكس: هو، وأمثاله من اليمين الديني الصهيوني يعتقدون أن الله معهم، بل إنهم هم أبناؤه وأحبّاؤه وشعبه المختار ولن يتخلى عنهم ويهيئ لهم الخلاص الأكبر الذي ينتهي بتأسيس دولة الكيان الكبرى التي لا حدود لها لا اليوم ولا غدا.
هذا الوهم الأسطوري إذ تحول إلى عقيدة ميثولوجية، لا يزال يشحذ كثيرا من العقول التي تعيش على فقر الذاكرة وثراء الخيال وجنون العظمة لدى كثير من عناصر هذا الكيان الذي ترعرع ونما وتوسَّع وتقوَّى بفعل اختراع الأساطير والاستثمار في المآسي تاريخية، هم من كانوا صانعيها والمتسبِّبين فيها بالأصل ولم يكونوا مجرد ضحايا آمنين مطمئنين.
هذا الوهم هو الذي يقود الكيان الغاصب اليوم، وبكل المقاييس وعلى مرأى ومسمع الأشهاد إلى السقوط، في عالم بدأ يستفيق من سحر 80 سنة باسم الهولوكوست والمظلومية التاريخية التي على العالم أن يكفر عنها سيئاته ويعتذر ويعوِّض ويركع، وأولهم دول الغرب: الغرب الذي سوَّق لهم بضاعتهم وسلعتهم التجارية البائرة اليوم أمام انكشاف زيف التاريخ وكذب ونفاق ساستهم وكبرائهم وأدعياء العلم والتاريخ والفلسفة والدين والأخلاق. الكل بات يسقط مع تساقط آخر أوراق خريف هذا الكيان الصنيع، المفبرك بكل توابل التآمر والابتزاز والكذب على ذقن التاريخ والجغرافيا أيضا.
الكثير بات في داخل الكيان يعرف هذه الحقيقة ويقر بها في داخله وحتى في وسائل إعلامهم: الهجرة خارج الكيان باتت تزداد مع تردى الأوضاع الاقتصادية في كيان رسم وصُوّر على أنه ملاذ وجنة المأوى لشتات شذاذ الآفاق الذين قدِموا إليها من كل أفاق العالم، حالمين بالثروة والمجد والقدسية والمكانة الربانية التي تؤهِّلهم لحكم العالم، وقد حكموه فعلا أكثر من جيلين. غير أنه لكل دورة حياة وتاريخ ونهاية مطاف، ولكل بداية نهاية.
التحركات في داخل الكيان، وترهُّل صورته في الخارج، وضعف الاقتصاد والهجرة المضادة، ونهاية الحلم في الأمن والأمان على أرض الميعاد، كل هذا يساهم اليوم في رسم معالم بداية الانهيار والسقوط: يكون السقوط تدريجيًّا وليس بالضرورة مزلزلا، رغم أن الأول قد يأتي بالثاني، إذ لا يزال الكيان عرضة لكل انتكاسة أمنية، والكل بات يعرف أنه مهدَّد أمنيًّا وعلى مستوى عالي من دول الجوار الأقرب والأبعد، وعلى رأسهم إيران والمقاومة من حول الكيان التي وإن أضعِفت، فلن يزيدها ذلك إلا متانة وقوة واستمرارية.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post العد التنازلي من خلال التصعيد التصاعدي appeared first on الشروق أونلاين.