تم في التشكيل الحكومي الجديد تقسيم وزارة الطاقة والمناجم إلى وزارتين منفصلتين “وزارة المحروقات والمناجم” بقيادة وزير الدولة محمد عرقاب، و “وزارة الطاقة والطاقات المتجددة” بقيادة الوزير مراد عجال. هذا القرار لا يُعد مجرد تغيير شكلي، بل يعكس رؤية استراتيجية جديدة لإدارة قطاع الطاقة الحيوي في الجزائر، ويهدف إلى تحسين الحوكمة وتعزيز الشفافية في تسيير الثروات الوطنية.

وزارة المحروقات والمناجم: تركيز على قلب الاقتصاد الوطني

تتولى وزارة المحروقات والمناجم، مسؤولية الإشراف على كافة مجالات النفط والغاز، سواء التقليدي أو غير التقليدي. بالإضافة إلى إدارة الموارد المنجمية الوفيرة التي تزخر بها البلاد، مثل الحديد والفوسفات والذهب.

الوزارة تضمن استمرارية تأمين مداخيل الدولة من صادرات المحروقات. التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني في الوقت الحالي.

وفي إطار استغلال الثروات المنجمية، ستسعى الوزارة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز تطوير الصناعات التحويلية المرتبطة بها. مما يساهم في خلق قيمة مضافة محليًا بدلاً من الاقتصار على تصدير المواد الخام.

وزارة الطاقة والطاقات المتجددة: نحو انتقال طاقوي حقيقي

من جهة أخرى، تتولى وزارة الطاقة والطاقات المتجددة، التخطيط لمستقبل الطاقة النظيفة في الجزائر، عبر تطوير مشاريع الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر. يهدف هذا التوجه إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري على المدى الطويل، وضمان أمن الطاقة للأجيال القادمة.

كما ستشرف الوزارة على برامج ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين الكفاءة الطاقوية في المنازل والمصانع وقطاع النقل. هذه الإجراءات تهدف إلى تخفيف الضغط على استهلاك الغاز محليًا، ما يسمح بتوجيه فائض الغاز للتصدير وزيادة العائدات بالعملة الصعبة.

توضيح مهم: الغاز الطبيعي جزء من المحروقات

من الضروري أن يتضح أن الغاز الطبيعي يُصنف عالميًا ضمن المحروقات، كونه يُستخرج من باطن الأرض ويخضع لعمليات معالجة قبل الاستخدام أو التصدير. وبالتالي يبقى تحت مسؤولية وزارة المحروقات والمناجم، مع التنسيق المستمر مع وزارة الطاقة لضمان تلبية الطلب المحلي.

قد يكون هناك اعتقاد خاطئ بأن كلمة “محروقات” ترتبط فقط بالمنتجات السائلة مثل البنزين والمازوت التي تُستخدم مباشرة كوقود للنقل. ولكن في الواقع، يشمل قطاع المحروقات جميع المواد الهيدروكربونية التي تُستخرج من باطن الأرض، سواء كانت سائلة أو غازية.

الأهمية الاستراتيجية لفصل الوزارتين

فصل وزارة الطاقة والمناجم إلى وزارتين مستقلتين، يتيح تخصصًا أكبر وتركيزًا أدق على كل قطاع. هذا التوزيع يعزز قدرة الحكومة على التحرك بسرعة ومرونة لمواكبة التحديات والمتغيرات العالمية.

بينما تواصل الجزائر استغلال ثرواتها التقليدية لتأمين مداخيلها وتعزيز اقتصادها. فهي تسعى أيضًا إلى الاستثمار في الطاقات النظيفة لضمان استدامة مواردها الطاقوية على المدى الطويل.

كما يساهم هذا التوجه في تحقيق التزامات الجزائر الدولية. بتقليص الانبعاثات الكربونية.

بإجمال، يشير هذا الفصل إلى مقاربة جديدة تقوم على التوازي بين استغلال الثروات الحالية والتحضير لمستقبل ما بعد النفط. ويسعى هذا التوجه إلى جعل الجزائر قطبًا إقليميًا يجمع بين الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة. ويعكس هذا القرار وعيًا استراتيجيًا بضرورة تنويع مزيج الطاقة الوطني وتعزيز السيادة الطاقوية، مع ضمان استدامة الموارد الطبيعية وخلق فرص عمل جديدة.

ظهرت المقالة الفرق بين وزارة المحروقات والمناجم ووزارة الطاقة والطاقات المتجددة أولاً على الحياة.