المبادرة الوطنية لدعم غزة وتنظيم الجهود الشعبية الجزائرية لنصرة فلسطين
إنّ ما يتعرض له الشعب الفلسطيني عامة، وسكان قطاع غزة خاصة، من حصار شامل وتجويع ممنهج وعدوان وحشي مستمر، يمثل جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير .وفي ظل صمت دولي مريب، وتخاذل عربي مؤلم، تبرز المسؤولية الأخلاقية والوطنية والتاريخية على عاتق كل الأحرار، وفي طليعتهم الشعب الجزائري الذي لم ينفصل يومًا عن قضايا أمته، وفي مقدمتها …

إنّ ما يتعرض له الشعب الفلسطيني عامة، وسكان قطاع غزة خاصة، من حصار شامل وتجويع ممنهج وعدوان وحشي مستمر، يمثل جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير .وفي ظل صمت دولي مريب، وتخاذل عربي مؤلم، تبرز المسؤولية الأخلاقية والوطنية والتاريخية على عاتق كل الأحرار، وفي طليعتهم الشعب الجزائري الذي لم ينفصل يومًا عن قضايا أمته، وفي مقدمتها قضية فلسطين.
إنّ هذه المبادرة تنبع من عمق إيماننا الشرعي بوجوب نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وهو واجب تمليه علينا تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعو للتكافل والتراحم بين المسلمين. قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة}، وهذه الأخوة لا تعرف الحدود، وتفرض علينا واجب التراحم والتعاضد والوقوف صفًا واحدًا لنصرة الحق .كما أنها تجسيد لوفائنا الوطني لمبادئ ثورتنا المجيدة التي آمنت بالعدل والحرية ونصرة الشعوب المستضعفة. فالجزائر، أرض الشهداء، لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث لأشقائنا، فقضية فلسطين هي قضية الجزائر، والقدس هي قلبها النابض.
تقديرًا لهذا الواجب، واستحضارًا لمواقف الجزائر الرسمية والشعبية الراسخة تجاه فلسطين منذ 1936، حيث قاد الإمام عبد الحميد بن باديس بمعية علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حملة تضامن واسعة مع الثورة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني، معلنًا قولته الخالدة: «فلسطين وقف إسلامي لا يجوز أن تسلم لليهود، ونصرتها فريضة على كل مسلم».
وقد واصل هذا النهج الإمام محمد البشير الإبراهيمي ورفاقه من بعده، فكان موقف الجزائر – شعبًا ودولة – موقفًا ثابتًا لا يتغير، وركنًا من أركان هويتها التحررية والتزامها الحضاري.
وبغية الانتقال من حالة التعاطف إلى العمل المدني المنظم والمسؤول، وبمبادرة وإشراف من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالتنسيق مع جمعيات وطنية وعدد من الشخصيات الوطنية، انعقد لقاء تمهيدي تم خلاله التداول في السبل الكفيلة بتنظيم الزخم الشعبي الجزائري الداعم لفلسطين، وتحديد آليات مدنية عملية واستباقية تعبر عن أصالة الموقف الجزائري في إطار من التنسيق والفاعلية. من هنا تعبر وتتكامل مع جهود الدولة مما يعزز موقفها ومكانتها الدولية نقترح إطلاق «:المبادرة الوطنية المدنية لدعم غزة وتنظيم الجهود الشعبية الجزائرية لنصرة فلسطين»
وذلك من خلال تشكيل إطار وطني مدني واسع يجمع الجمعيات الوطنية، والنقابات المهنية، وهيئات رجال الأعمال، ومكونات المجتمع المدني كافة، لتنظيم الجهود الشعبية وتوحيدها.
أهداف المبادرة
تهدف هذه المبادرة إلى تحقيق ما يلي:
– تنسيق الجهود المدنية لمناصرة غزة وفلسطين، ميدانيًا، وإعلاميًا، وإغاثيًا، وقانونيًا.
– تنظيم الدعم الشعبي ضمن آلية جامعة، تُمكّن المجتمع المدني من التحرك الجماعي الفعّال.
– مرافعة حقوقية وشعبية للدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الوطنية والدولية.
– مساندة الموقف الرسمي للدولة الجزائرية بموقف شعبي منظم، حضاري، متكامل، يُعلي قيم التضامن ويُبرز قوة الوحدة الوطنية تجاه القضايا العادلة.
– إحياء الوعي الجمعي بالقضية الفلسطينية في مختلف الأوساط: التربوية، الثقافية، المهنية، الشبابية… وترسيخها كقضية مركزية في الوجدان الجزائري.
مبادئ المبادرة
تلتزم المبادرة بالمبادئ الأساسية التالية:
– الالتزام الكامل بالقوانين الوطنية والعمل في إطار سلمي ومنظم.
– الانفتاح على جميع مكونات المجتمع المدني دون إقصاء أو تحزّب، فكل يد جزائرية تمد العون لفلسطين هي يد مباركة.
– الاستقلالية عن أي أجندات خارجية أو توظيف سياسي، فنصرة فلسطين واجب لا يُزايد عليه أحد.
– اعتماد الشفافية في العمل والتسيير والتعبئة، لضمان وصول الدعم لمستحقيه وتعزيز الثقة.
– التكامل والتنسيق مع جهود الدولة الجزائرية بما يعزز موقعها ومكانتها الدولية، فالتلاحم بين الشعب وقيادته هو سر قوة الجزائر.
الخطوات العملية المقترحة وخطط العمل (قابلة للإثراء)
لتحقيق أهداف المبادرة، نقترح الخطوات العملية وخطط العمل التالية:
أولًا: على الصعيد التنظيمي والتنسيقي:
.1 تشكيل لجنة تحضيرية وطنية:
o تتكون من ممثلين عن الجمعيات، والنقابات، والهيئات المهنية والاقتصادية.
o تتولى إعداد وثائق تأسيس المبادرة، وجدول أعمال الندوة التأسيسية.
.2 عقد ندوة وطنية تأسيسية جامعة:
o يُعلَن فيها عن إطلاق «المبادرة الوطنية المدنية لدعم غزة ونصرة فلسطين .»
o يتم خلالها اعتماد ميثاقا للمبادرة وبرنامجها السنوي.
o تخصص الندوة لتوحيد الجهود المدنية الوطنية في دعم غزة، وصياغة خطة عمل عملية.
.3 إعداد وثيقة وطنية موحدة:
o تصدر عن اللجنة وثيقة وطنية، توجه إلى الجهات الرسمية ذات الصلة والبعثات الدبلوماسية، مع إمكانية زيارة بعضهم .
ثانياً: تعزيز الدعم الإغاثي والإنساني:
– إنشاء صندوق وطني موحد لدعم غزة : تحت إشراف المبادرة، يضمن الشفافية ويُسهل على الأفراد والمؤسسات التبرع، يمكن ربطه بحسابات بنكية واضحة وآليات تحصيل آمنة.
– تنظيم قوافل إغاثية منتظمة: بالتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري والجمعيات الخيرية، لجمع وتصنيف وإرسال المساعدات العينية (أدوية، غذاء، ملابس، خيام) بالتنسيق مع الجهات الرسمية لضمان وصولها.
– برامج دعم نفسي واجتماعي : العمل على برامج لدعم الأطفال والنساء المتضررين في غزة مستقبلًا، بالتنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية، عند تحسن الظروف.
ثالثاً: تفعيل الجبهة الإعلامية والرقمية:
– إنشاء منصة إعلامية رقمية موحدة: تكون مرجعًا للأخبار الموثوقة حول فلسطين وغزة، وتُقدم تحليلات وبيانات دقيقة بلغات متعددة لتفنيد الروايات المضللة.
– إطلاق حملات توعية مكثفة : عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، باستخدام مواد بصرية جذابة وفيديوهات قصيرة تُظهر واقع غزة وتُبرز صمود الشعب الفلسطيني.
– تنظيم ندوات وورش عمل افتراضية: بمشاركة خبراء ومحللين فلسطينيين وجزائريين، لزيادة الوعي بالقضية وتفنيد الأكاذيب وتوثيق الجرائم المرتكبة.
– دعم المقاطعة الاقتصادية والثقافية: توعية الرأي العام بأهمية مقاطعة المنتجات والشركات الداعمة للاحتلال، كشكل من أشكال المقاومة السلمية المؤثرة.
رابعاً: تقوية الدعم القانوني والحقوقي:
– تشكيل فريق خبراء قانونيين وحقوقيين: جزائريين ودوليين، لتوثيق جرائم الحرب والانتهاكات التي تحدث في غزة، وتقديمها للمحاكم الدولية والهيئات الحقوقية.
– تنظيم حملات مناصرة قانونية : للضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لتحميل الاحتلال مسؤولياته عن الجرائم المرتكبة، والمطالبة بفتح تحقيق دولي مستقل.
– توعية قانونية بالحقوق الفلسطينية : نشر الوعي بالقانون الدولي الإنساني والقوانين المتعلقة بالاحتلال، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
خامساً: بناء الوعي المجتمعي والجيل القادم:
– إدراج القضية الفلسطينية في المناهج التعليمية والأنشطة الثقافية : بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي، لتعزيز الوعي بالقضية لدى الأجيال الجديدة.
– تنظيم مسابقات فنية وثقافية): رسم، شعر، كتابة (حول فلسطين وغزة، تُشجع الشباب على التعبير عن تضامنهم وإبداعهم.
– إقامة فعاليات رياضية وتوعوية): ماراطونات، مباريات ودية (تحمل أسماء مدن فلسطينية أو شعارات داعمة لغزة، لزيادة التفاعل الشعبي.
– تفعيل دور المساجد والجامعات والمدارس: لتكون منارات لتوعية المجتمع بالقضية الفلسطينية وأبعادها الشرعية والوطنية والإنسانية.
سادساً: تعزيز التنسيق والتشبيك:
– بناء شراكات استراتيجية : مع منظمات المجتمع المدني العربية والدولية الفاعلة في دعم فلسطين، لتبادل الخبرات وتوحيد الجهود وتوسيع نطاق التأثير.
– عقد لقاءات دورية وورش عمل : بين ممثلي مكونات المبادرة، لتقييم الأداء وتحديث الخطط وتطوير الأنشطة بما يتناسب مع المستجدات.
– استحداث آليات تقييم ومتابعة : لضمان فعالية الأنشطة المنفذة وقياس أثرها على أرض الواقع، والعمل على تحسينها باستمرار.
سابعاً: المساهمة في إعادة إعمار غزة (على المدى القريب المتوسط والبعيد):
– تأسيس هيئة جزائرية-فلسطينية مشتركة للإعمار: تضم خبراء من الجانبين، وتتولى الإشراف على جمع التبرعات، وتحديد الأولويات، ومتابعة تنفيذ المشاريع، وضمان الشفافية والمساءلة.
– تنظيم مؤتمر دولي لإعمار غزة برعاية جزائرية: لحشد الدعم المالي والتقني من الدول والمنظمات الدولية، وتقديم الرؤية الجزائرية الشاملة لعملية الإعمار.
– إرسال فرق خبراء جزائريين: في مجالات الهندسة، الطب، الطاقة، الزراعة، والإدارة، للمساهمة المباشرة في جهود الإعمار وتبادل الخبرات مع الأشقاء الفلسطينيين.
– تسهيل دخول المساعدات ومواد البناء : العمل مع الجهات الدولية والإقليمية لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية ومواد البناء الأساسية إلى غزة دون عوائق، كجزء من الضغط السياسي والدبلوماسي.
إنّ هذه الخطوات، ستُمكن المبادرة من تحقيق أهدافها بفاعلية أكبر، وتعكس أصالة الموقف الجزائري تجاه فلسطين، شعبًا وحكومةً.
خاتمة ودعوة للانضمام
إنّ هذه المبادرة دعوة صادقة وملحّة إلى كل الأحرار والمؤسسات الوطنية لتحمّل المسؤولية الجماعية تجاه ما يحدث في فلسطين، وخصوصًا في غزة المحاصرة، والارتقاء بمستوى التضامن من العاطفة الموسمية إلى الفعل المدني المنظم، الذي تقتضيه الأخوة الإيمانية والواجب الشرعي، في صورة تليق بالجزائر ومكانتها وضمير شعبها . فلتكن هذه المبادرة عنوانًا لوحدة صفنا، وصدق نياتنا، وعمق تضامننا مع إخوتنا.
لذا، ندعو كافة الهيئات والمؤسسات والشخصيات الفاعلة إلى:
– الموافقة المبدئية على الانضمام إلى المبادرة وتشكيل اللجنة التحضيرية لهذه المبادرة.
– تعيين ممثل رسمي للمشاركة في اللقاء التأسيسي الأول.
– المساهمة الفاعلة في بلورة آليات عملية وتشاركية لنجاح المبادرة.
معًا من أجل فلسطين، معًا من أجل غزة، معًا من أجل الجزائر الوفية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
اللجنة التحضيرية للمبادرة الوطنية لدعم غزة وتنظيم الجهود الشعبية الجزائرية لنصرة فلسطين.