المغرب: أزمة البطالة تكشف زيف وعود الحكومة

الرباط - كشف تقرير صادر عن الرابطة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن إخفاق حكومة البلاد في وضع استراتيجية حقيقية لمعالجة البطالة لدى الشباب، بعدما وصلت النسبة في صفوف حاملي الشهادات العليا إلى حدود 40 بالمائة خلال سنة 2025. هذا المؤشر الصادم، الوارد في تقرير الرابطة الذي جاء تحت عنوان "وضعية الشباب في المغرب", يطيح بكل الخطابات الرسمية التي تتغنى ب"التنمية", و يؤكد أن الدولة تفتقد إلى رؤية تضمن حق شبابها في العمل والحياة الكريمة. وأوضح التقرير أن فئة الشباب بين 15 و24 عاما هي الأكثر تضررا، بمعدلات بطالة تجاوزت 36 بالمائة خلال النصف الأول من السنة، وهو ما يعكس بوضوح الفجوة العميقة بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل، مشيرا إلى أن هذا الخلل البنيوي، الذي تراكم طيلة سنوات من السياسات الفاشلة، يترجم اليوم إلى أزمة اجتماعية خانقة تضرب اقتصاد البلاد. الأخطر من ذلك --يضيف المصدر-- أن "الحاصلين على الشهادات العليا، الذين يفترض أن يشكلوا رافعة التنمية، هم الأكثر تضررا، بعدما ارتفعت نسبة بطالتهم إلى مستويات قياسية قاربت 40 بالمائة، وهو مؤشر يضع المغرب في خانة الدول التي فشلت في استثمار رأسمالها البشري، وتدفع بشبابها إلى الارتماء في أحضان القطاع غير المهيكل". هذا القطاع --تضيف الرابطة-- الذي تحول إلى "ملاذ اضطراري" لأكثر من 67 بالمائة من الشباب النشطين بحسب أرقام البنك الدولي، يظل بدوره عنوانا للهشاشة، لكونه يفتقر إلى أبسط مقومات العمل اللائق من حماية اجتماعية وظروف مهنية سليمة، وبذلك، "بدل أن توفر الدولة حلولا حقيقية، ترغم الشباب على القبول بواقع غير إنساني، يفاقم التهميش ويغذي الإحباط". كما فضح التقرير تناقضا صارخا آخر، فالمغرب لا يخلق سوى 240 ألف منصب عمل سنويا، في وقت يلتحق حوالي 350 ألف شاب بسوق العمل، مشيرا إلى أن "هذا العجز المزمن يرسخ انسداد الأفق ويكشف أن السياسات الحكومية لا تتجاوز حدود المعالجات السطحية، بعيدا عن أي رؤية استراتيجية طويلة المدى". وفي هذا السياق، حمل التقرير المسؤولية أيضا لبرامج دعم المقاولات الموجهة للشباب، "التي أثبتت محدوديتها وافتقارها إلى المتابعة الحقيقية، والنتيجة إغلاق سريع للمقاولات الناشئة خلال سنواتها الأولى، بسبب غياب التخطيط وغياب دراسات الجدوى وقلة التنافسية إلى جانب ثقل وتعقيد الإجراءات الإدارية". وقالت الرابطة أنه إزاء هذه الحقائق، "يظهر جليا أن الحكومة المغربية تفتقد لإرادة سياسية حقيقية في معالجة أزمة البطالة، مفضلة الترويج ل " إنجازات " وهمية بدل مواجهة الواقع بالأرقام والحلول الجذرية، حيث أن الأزمة لم تعد مجرد مسألة اجتماعية عابرة، بل أصبحت تهديدا وجوديا لمستقبل الشباب المغربي". واختتمت الرابطة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تقريرها بالتأكيد على أن فشل الدولة في الاستثمار في طاقات شبابها وإصرارها على نهج مقاربة سطحية لا تتجاوز الخطاب الرسمي، يعني أن السلطات "تسير بخطى ثابتة نحو تعميق الفوارق الاجتماعية وإنتاج مزيد من الإحباط واليأس، والنتيجة، شباب ضائع بين بطالة قاتلة وقطاع غير مهيكل يفتك بكرامته، في ظل حكومة تكتفي بالخطابات الموسمية الفارغة".

أغسطس 22, 2025 - 14:24
 0
المغرب: أزمة البطالة تكشف زيف وعود الحكومة

الرباط - كشف تقرير صادر عن الرابطة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن إخفاق حكومة البلاد في وضع استراتيجية حقيقية لمعالجة البطالة لدى الشباب، بعدما وصلت النسبة في صفوف حاملي الشهادات العليا إلى حدود 40 بالمائة خلال سنة 2025.

هذا المؤشر الصادم، الوارد في تقرير الرابطة الذي جاء تحت عنوان "وضعية الشباب في المغرب", يطيح بكل الخطابات الرسمية التي تتغنى ب"التنمية", و يؤكد أن الدولة تفتقد إلى رؤية تضمن حق شبابها في العمل والحياة الكريمة.

وأوضح التقرير أن فئة الشباب بين 15 و24 عاما هي الأكثر تضررا، بمعدلات بطالة تجاوزت 36 بالمائة خلال النصف الأول من السنة، وهو ما يعكس بوضوح الفجوة العميقة بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل، مشيرا إلى أن هذا الخلل البنيوي، الذي تراكم طيلة سنوات من السياسات الفاشلة، يترجم اليوم إلى أزمة اجتماعية خانقة تضرب اقتصاد البلاد.

الأخطر من ذلك --يضيف المصدر-- أن "الحاصلين على الشهادات العليا، الذين يفترض أن يشكلوا رافعة التنمية، هم الأكثر تضررا، بعدما ارتفعت نسبة بطالتهم إلى مستويات قياسية قاربت 40 بالمائة، وهو مؤشر يضع المغرب في خانة الدول التي فشلت في استثمار رأسمالها البشري، وتدفع بشبابها إلى الارتماء في أحضان القطاع غير المهيكل".

هذا القطاع --تضيف الرابطة-- الذي تحول إلى "ملاذ اضطراري" لأكثر من 67 بالمائة من الشباب النشطين بحسب أرقام البنك الدولي، يظل بدوره عنوانا للهشاشة، لكونه يفتقر إلى أبسط مقومات العمل اللائق من حماية اجتماعية وظروف مهنية سليمة، وبذلك، "بدل أن توفر الدولة حلولا حقيقية، ترغم الشباب على القبول بواقع غير إنساني، يفاقم التهميش ويغذي الإحباط".

كما فضح التقرير تناقضا صارخا آخر، فالمغرب لا يخلق سوى 240 ألف منصب عمل سنويا، في وقت يلتحق حوالي 350 ألف شاب بسوق العمل، مشيرا إلى أن "هذا العجز المزمن يرسخ انسداد الأفق ويكشف أن السياسات الحكومية لا تتجاوز حدود المعالجات السطحية، بعيدا عن أي رؤية استراتيجية طويلة المدى".

وفي هذا السياق، حمل التقرير المسؤولية أيضا لبرامج دعم المقاولات الموجهة للشباب، "التي أثبتت محدوديتها وافتقارها إلى المتابعة الحقيقية، والنتيجة إغلاق سريع للمقاولات الناشئة خلال سنواتها الأولى، بسبب غياب التخطيط وغياب دراسات الجدوى وقلة التنافسية إلى جانب ثقل وتعقيد الإجراءات الإدارية".

وقالت الرابطة أنه إزاء هذه الحقائق، "يظهر جليا أن الحكومة المغربية تفتقد لإرادة سياسية حقيقية في معالجة أزمة البطالة، مفضلة الترويج ل " إنجازات " وهمية بدل مواجهة الواقع بالأرقام والحلول الجذرية، حيث أن الأزمة لم تعد مجرد مسألة اجتماعية عابرة، بل أصبحت تهديدا وجوديا لمستقبل الشباب المغربي".

واختتمت الرابطة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تقريرها بالتأكيد على أن فشل الدولة في الاستثمار في طاقات شبابها وإصرارها على نهج مقاربة سطحية لا تتجاوز الخطاب الرسمي، يعني أن السلطات "تسير بخطى ثابتة نحو تعميق الفوارق الاجتماعية وإنتاج مزيد من الإحباط واليأس، والنتيجة، شباب ضائع بين بطالة قاتلة وقطاع غير مهيكل يفتك بكرامته، في ظل حكومة تكتفي بالخطابات الموسمية الفارغة".