المهرجان الوطني للكسكسي والأكلات الشعبية التقليدية في طبعته الثانية

احتضن بيت الشباب الشهيد طاهر بوكنة بمقطع لزرق في بلدية حمام ملوان بولاية البليدة فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الوطني للكسكسي والأكلات الشعبية التقليدية، الذي نظمته أكاديمية السلام والتنمية البشرية والمستدامة في إطار إحياء ذكرى يوم المجاهد. وقد استمرت التظاهرة على مدار يومين كاملين، وسط حضور مميز تقدمه رئيس الأكاديمية زوبير بشرول، الذي نوه في كلمته بأهمية تثبيت هذا الموعد السنوي حفاظا على التراث اللامادي الجزائري وضمان ديمومته، إلى جانب مشاركة أعضاء من المنظمة، من بينهم رئيسة جمعية الزهور للأمل بتبسة حسناء معمري بصفتها عضوا في الأكاديمية، مع تنشيط متميز للإعلامية وعضو الأكاديمية ياسمين جنوحات.

وجرت فعاليات المهرجان في فضاء اختاره المنظمون بعناية، مفتوح على الطبيعة الساحرة لجبال الأطلس البليدي، بين الغابات الخضراء والهواء الطلق والعيون الصافية التي تصب في حمام ملوان، حيث تتجدد القوى وتنبعث طاقات الإبداع.

أطباق مختلفة الألوان والأشكال والأذواق تحكي رحلة الكسكسي و أحاديث الحلوى

تحوّل الفضاء إلى ساحة نابضة بعبق المطبخ الجزائري الأصيل، حيث اجتمع الطهاة والعارضون والهواة تحت تأطير الشيفان في ساحة المسبح الأنيق، في أجواء احتفالية كرست قيم التبادل والتواصل بين الأجيال. وشارك في المهرجان 22 متسابقًا وعارضين اثنين ليصل العدد الإجمالي إلى 24 مشاركًا قدِموا من مختلف ولايات الوطن على غرار قسنطينة، المدية، الشلف، العاصمة، غليزان، تيبازة (القليعة وبوهارون)، باتنة، البليدة وبوقرة، إلى جانب مشاركات من سيدي موسى وتسالة المرجة.

وقد أبدع المشاركون في تحضير أطباق تقليدية متنوعة وغنية بالنكهات، حيث حضرت حمداني فاطمة من حمام ملوان بكسكسي بالخضار ولبن وطبق “السفة” المزين بحبات العنب والبيض، فيما قدمت بركي فطيمة من القليعة كسكسي البليديين بالأعشاب والخضر مع المقرنة القليعية ومسفوف السكر ببيض السمان واللوز. أما جنادي حكيمة من سحاولة، الفائزة بالمرتبة الثانية، فقد حضرت مع والدتها المجاهدة بطاولة مميزة ضمت طعام “المرمز” بالعصبان و”الكوتلات” بأنواع المرق، واللبن في القصديرة وماء الزهر في المزهرية وسط ديكور مزدان بالفوانيس.

ومن غليزان، شاركت الأختان كيلاني تغرينية وياقوتة بالرشتة والمرقة الصفراء والحميص وحلوى “البغرير”، بينما حضرت ريحانة صديقي من سيدي موسى لأول مرة بمائدة حلويات تقليدية مصنوعة كلها باللوز على شكل فواكه متنوعة مثل التمر، الليمون، المشمش، الموز والفراولة. أما شريفي مريم من تيبازة فقدمت طعام البلوط والشخشوخة، وهي التي سبق لها المشاركة في تظاهرة “تراثنا ميراثنا” وتحصلت على ميداليات. ومن بني حوى بالشلف شاركت ويس ياسمينة بطعام البلوط و”بيض العرب” وكسرة الشعير ولبن البقر، بالإضافة إلى حلويات “تشاراك العريان”.

كما حضرت شلغوم راضية من قسنطينة بلباس الجبة القسنطينية الأنيقة، وقدمت الشخشوخة القسنطينية والرفيس مع اللبن و”القناوية” بلحم العجل وأطباق “المحور”. ومن بئر توتة وأولاد شباب شارك عراش أحمد لأول مرة بكسكسي تقليدي مع الخضر والبيض والدجاج مرفوقًا بالمرق واللبن. أما مريم بن عبيد من بوقرة فشاركت للمرة الثانية بكسكسي الشعير و”البركوكس” و”حميص” الدار والرشتة وخبز الدار. كما قدمت رحماني أحلام من تيبازة طبق طعام تقليدي بالمرق الأحمر والدجاج والخضر، مرفوقًا بالبغرير والرائب وحلويات متنوعة على رأسها الغريبية.

ومن بوينان بولاية البليدة حضرت رقيق ربيعة بكسكسي تقليدي باللبن والمرق، بينما كانت المشاركة الأولى لـ واضح لطفي من المدية الذي حضر بطبق كسكسي بالمرق واللحم والدجاج، إضافة إلى “السفة”، البغرير وطاجين الحلو. ومن بوهارون شاركت صخري إيمان لأول مرة بكسكسي بالمرقة البيضاء والدجاج مع حلويات اللوز والتمر المحشي والبقلاوة. أما عبد الغني بن فرحي من باتنة فقد أبدع في تقديم الرفيسة، الطمينة، الكسكسي الباتني، الشخشوخة وطاجين الشواء.

كما ضمت القائمة مجدوب نسيم من العاصمة، صديقي ريحانة من سيدي موسى وعلوي نسيبة من تسالة المرجة، الذين أضفوا لمسات خاصة على هذا الموعد التراثي.

وقد أشرفت لجنة تحكيم وُصفت بالمعتبرة على تقييم المشاركات، وتكونت من الشيف يحياوي مراد رئيس المطبخ من تيزي وزو، وزروقي دليلة عضو لجنة التحكيم والتنظيم بالأكاديمية، إلى جانب أسماء مرموقة أخرى. وأكدت اللجنة أن الأطباق يجب أن تندرج ضمن فنون الطبخ التقليدي الجزائري مع احترام شروط أساسية أبرزها النظافة، الذوق، حسن التقديم والبصمة الخاصة بكل متسابق.

وفي خضم هذه الأجواء، شدد الشاف فؤاد فلاڨ على أن سرّ الكسكسي الناجح يكمن في أن تبقى الحبات منفصلة لا تلتصق ببعضها البعض، معتبرًا ذلك معيارًا أصيلًا في جودة الطبق. وأضاف أن حضوره للمهرجان جاء ليقدم خبرته للأجيال القادمة في إطار ما وصفه بـ “ميراث السلف للخلف”. كما أعلن استعداده لتمثيل الجزائر في مهرجان أنطاليا الدولي بتركيا خلال الخريف المقبل، بمشاركة أكثر من 40 دولة، حيث سيعرض مجموعة من الأطباق التي تعكس تنوع وغنى المطبخ الجزائري.

أما في جانب النتائج، فقد أسفرت المنافسة عن تتويج كريمة طالب من بوسعادة ولاية المسيلة بالجائزة الأولى وكأس المسابقة، تلتها جنادي حكيمة من سحاولة في المرتبة الثانية، ثم خليف خضرة سعيد في الثالثة، وصابونجي نسرين من البليدة في الرابعة، ونجيب ياسين من الشرق الجزائري في الخامسة، بينما فازت فاطمة الزهراء شعبوب بالمرتبة السادسة، وأحمد عراشي من الجزائر بالسابعة، وياسمينة بالثامنة، واختتمت الجوائز بفوز لطفي واضح من المدية بالمركز التاسع.

وقد نوه الحضور، مشاركين وعارضين والجمهور عموما بالدورة، ووجهوا شكرهم لكل من ساهم في إنجاح هذه التظاهرة التي أكدت مرة أخرى مكانتها كموعد سنوي للاحتفاء بالكسكسي والأطباق التقليدية، وتجسيدًا حيًا لمساعي الجزائر في صون تراثها اللامادي ونقله بين الأجيال.

خليل عدة

The post المهرجان الوطني للكسكسي والأكلات الشعبية التقليدية في طبعته الثانية appeared first on الجزائر الجديدة.