فرنسا التي لا تستحي!
كما لو أن عقارب التاريخ توقفت عند حقبة الاستعمار، تواصل فرنسا العجوز إصرارها على المكابرة والتزييف، متشبثة بوهم العظمة الذي لم يبق منه سوى رماد يتناثر في ذاكرة الشعوب. فمنذ أن خطت أقدامها الملطخة بدماء الأبرياء على أرض الجزائر، لم تكف عن ممارسة سياسة العناد والتضليل، رافضة حتى اليوم أن تتحلى بأبسط قيم الإنسانية، المتمثلة …

كما لو أن عقارب التاريخ توقفت عند حقبة الاستعمار، تواصل فرنسا العجوز إصرارها على المكابرة والتزييف، متشبثة بوهم العظمة الذي لم يبق منه سوى رماد يتناثر في ذاكرة الشعوب. فمنذ أن خطت أقدامها الملطخة بدماء الأبرياء على أرض الجزائر، لم تكف عن ممارسة سياسة العناد والتضليل، رافضة حتى اليوم أن تتحلى بأبسط قيم الإنسانية، المتمثلة في الاعتراف والاعتذار عن جرائمها الاستعمارية التي شهد عليها العالم.
جديد هذه العقلية الاستعلائية ظهر جليًا في الجريدة الرسمية الفرنسية بعددها الأخير، حيث حاولت باريس أن تُلبس الجزائر ثوب المتسبب في تجميد اتفاقية 2013 الخاصة بإعفاء البعثات الدبلوماسية من إجراءات التأشيرة. والحقيقة التي يدركها الجميع، أن من اتخذ هذا الإجراء التعسفي أولاً هو الجانب الفرنسي ، في سياق سياساته الممنهجة للضغط والإذلال، بينما جاء الرد الجزائري مجرد موقف سيادي مشروع، فرضته الضرورة لحماية الكرامة الوطنية.
هذه ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الأكاذيب التي تتبناها فرنسا لتبرير إخفاقاتها الأخلاقية والسياسية، في وقت كان يُفترض بها أن تطوي صفحة الماضي بصدق وشجاعة، لا أن تُعيد إنتاجه بأساليب أكثر نفاقًا. لكن، ماذا ننتظر من دولة لا تزال تتغذى على أوهام إمبراطورية بادت، وتستقوي على الشعوب بخطابٍ أجوف لا يليق ببلد يدّعي قيادة القيم الديمقراطية؟
إن الجزائر، التي دفعت ثمن حريتها بملايين الشهداء، تدرك جيدًا أن السيادة لا تُساوَم، وأن الكرامة الوطنية ليست ورقة للتفاوض أو المساومة. أما فرنسا، فما زالت بحاجة إلى قرون من الزمن لتتعلم درسًا بسيطًا: أن الاستعمار جريمة لا تمحوها الحيل الدبلوماسية ولا عناوين الصحف الرسمية، وأن الجزائر تبقى العصية على كل غربان الظلام..