الوعي الحقيقي للمرأة
د. غادة الحلو */ تُقبِل المرأة المسلمة الواعية على عبادة ربها بهمّة عالية، لأنّها تعلم أنّها مُكلّفة بالأعمال الشرعيّة تقرباً لله تعالى، فتؤدي فرائض الإسلام وأركانه دون إفراط ولا تفريط، فتُوَّحِدُ ربَّها فكراً وروحاً، قولاً وعملاً، وتُؤكد على وعيها من خلال تطبيق دورها الحقيقي في وظيفتها الرئيسيّة، وثغرها الذي حدّده لها منهج ربِّها، والذي لا …

د. غادة الحلو */
تُقبِل المرأة المسلمة الواعية على عبادة ربها بهمّة عالية، لأنّها تعلم أنّها مُكلّفة بالأعمال الشرعيّة تقرباً لله تعالى، فتؤدي فرائض الإسلام وأركانه دون إفراط ولا تفريط، فتُوَّحِدُ ربَّها فكراً وروحاً، قولاً وعملاً، وتُؤكد على وعيها من خلال تطبيق دورها الحقيقي في وظيفتها الرئيسيّة، وثغرها الذي حدّده لها منهج ربِّها، والذي لا تستطيعُ أن تقدمَه إلّا من خلال مِظلَّةِ الأسرة، أيّ من الوظيفة التي شاء الله تعالى أنْ تكون لها في كلّ مرحلة من مراحل حياتها بنتا وأختا وزوجة وأمّا، سواء في منحاها الإنسانيّ أو مجالها الوظيفي، مع التركيز على أهمية دورها الواعي الذي يُصبحُ مضاعفاً متى ما أدركت مسؤوليتها الكبرى كداعية.
وللأسف الشديد؛ انبهرت المرأة اللاوعية بالنداءات العلمانيّة الحداثيّة الرّنانة، فصَدَعَت المؤتمرات بكلّ ما يُحقق النيل منها لدحض دورها الحقيقي، فكُتِبت المواثيق والمعاهدات والبنود، وبُثَت البرامج الإعلامية والثقافية تحت مُسميات عدّة، تدعو المرأة إلى المطالبة بحريتها المسلوبة لرفع الظلم عنها، وتسعى إلى إخراجها من مِظلّةِ الأسرة؛ فأيّ دورٍ هذا الذي تلعبُه المرأةُ تحتَ مظلّةِ الأسرة، وقد قُيِّدت آمالهها، وكُبِلَت طموحها باسم الأسرة؟!
إنّ الصّرخات النشاز التي تدوي اليوم؛ ما هي إلّا دعوة إلى إلغاء الدور الحقيقي للمرأة، لتُصْهَر شخصيتها بفكر غربي غير رشيد، وتُسْحق روحها في غيابات جبّ الحداثة المظلمة، فتُستنزف نفسيتها، ويُتلاعب بمشاعرها، ويُرهق جسدها؛ لتخرج عن وعيها وفطرتها وطبيعتها، وما استطاعت هذه الأصوات والهتافات الباطلة التلاعب بها إلّا لمَّا وجدوا فكر المرأة فارغاً؛ وروحها مشوَّهة، فوجهوا لها الضربات باستخدام شعارات باطلة أريد بها باطل، وعلى رأس هذه الشعارات: المساواة بين الرجل والمرأة في كلّ شيء، ورفع القوامة عن الرجل، وإخراج المرأة عن الطّاعة…، وبذلك تفقد المرأة سكينتها ثمّ سكينة أسرتها، فيكون الشرخ قد تحقق في الأسرة، ثمّ المجتمع فالأمة.
أصبحَت كثيرٌ من النساءِ المسلمات دونَ وعيٍ يتحدينَ منهجَ الله تعالى -سواء عن قصد أو دون قصد – مُتنكراتٍ لدورهنّ الذي أرادَهُ اللهُ منهنّ في أيّ مرحلةٍ من مراحل حياتِها، فكسرت حواجز الوظيفة الربانيّة المُوَّكَلَة لها، ونزعت رداء الحياء، بحجة إثبات نفسها وشخصيتها من خلال أدوار مزيفة، فطُمِسَ على دورها الحقيقي، وصنعوا لها أدواراً ثانوية؛ لتتوه عن دورها الأساسيّ، وما هذا إلّا من نفثاتِ شيطان الجنّ التي تجري من الإنسان مجرى الدم، أو نفثات شيطان الإنس الذي يجري مجرى الإعلام، أو نفثات الأنا الزائفة المتضخمة في الجَنب.
والحمد لله؛ إنّ ثمَّةَ مساعٍ كثيرة ومحاولاتٍ مخلصةً، تُبذلُ للنهوض بفكر المرأة، وسمو روحها، ورقيّ سلوكها؛ لتحقيقِ أمّة إسلامية قويّة في تماسكها واستقرارها، للوصول إلى مجدها التليد، والتحليق في أفق الحضارة الإسلاميّة من جديد، بعدَ أن فقدت معالمها منذ زمن طويل، فالمرأةُ نصفُ المجتمع، وتربي نصفه الآخر، ومن ثمّ فعلى هذه المساعي الصّادقة الواعية والمحاولات أن تنطلق من فكر إسلامي واضح منضبط، وتنطلق من إيمان عميق بالدور الحقيقي للمرأة المسلمة المؤمنة، وتنطلق من إحسان باتباع تعاليم القرآن الكريم والسّنة النبويّة الشريفة؛ مُتحليةً بفكر الإسلام، وروح الإيمان، ورقيّ الإحسان، مُتمثلة مقاصد الشريعة السمحاء؛ ليجتمعُ في دور المرأة الوعي بالمقصد، والإرادة في النيّة والاتباع على ضوء المنهج الرّبّاني السليم، فتستطيع أن تضعَ المرأة البصمةَ الجادَّةَ في تلك المحاولات بالدعم والمساندة سواء العلميّة أو العمليّة؛ ليتمّ تفعيل الدور في الوعي الفردي للمساهمة في الوعي الجمعي.
* ماليزيا